إن التماسك والوحدة الإسلامية من القضايا الأساسية في دين الإسلام، بحیث في كثير من آيات القرآن الكريم يُذم التفريق، وتُوصى الوحدة، والسبيل الوحيد لتحقيق الوحدة هي الالتزام بالأوامر الإلهية أو الإسلام. لذلك، ومن أجل تحقيق التماسك الإسلامي، يجب وضع الأساس اللازم باستخدام المصادر الإسلامية الأصلية، أحدها هو الحج.
وتعتبر فريضة الحج من القضايا الدينية -السياسية لدين الإسلام المقدس، والتي يؤديها كل عام آلاف المتحمسين من جميع أنحاء العالم، من مختلف الجنسيات والأجناس والألوان واللغات، بأرض مكة المكرمة.
وهناك العديد من المصالح الاجتماعية والثقافية والاقتصادية، والأسرار الدقيقة، والعديد من القيم التي تنسب انسيابا للمجتمع الإسلامي في ضوء ممارسة شعائر الحج، بما في ذلك الانسجام والتعاطف والوحدة والأخوة بين أتباع الديانات الإسلامية.
كما أن وحدة النية، وحدة الهدف، وحدة الأعمال، وحدة الأذكار والطقوس، وحدة لون الملابس ووحدة المشاهد الشریفة؛ مثل الطواف والسعي وبعض أعمال ومناسك الحج الأخرى، هي أمور تدعو المسلمين إلى وحدة شاملة وجامعة.
في الواقع، من أعظم فوائد الحج ومقاصده أنه مظهر من مظاهر وحدة الأمة الإسلامية؛ وهذا، أن الحج هو مظهر من أكبر تجمعات المسلمين، حيث یتصفون بالرأفة، وساحة لإظهار تعاطف ووحدة الأمة الإسلامية العظيمة. وهذا الواجب الإلهي، هو نموذج للمجتمع القائم على الخطاب وفرصة لتوسيع التواصل بين المسلمين وفي النهاية، تحقيق أمة واحدة؛ لأن المسلمين في أيام الحج بإمكانهم حل الخلافات والاقتراب من بعضهم البعض من خلال الحوار العقلاني والأخوة الإنسانية.
وللحج قدرات عديدة لتقوية التماسك الإسلامي وبالتالي تعاطف مسلمي العالم، ومنها ما يلي:
تقليص الخلافات الدينية والعرقية والسياسية في ظل الروح السائدة في الحج؛
الدبلوماسية الرسمية والاجتماعات الرسمية وغير الرسمية بين المسؤولين السياسيين والأمنيين الحاضرين أثناء الحج؛
تمهيد الطريق لزيارة النخب السياسية والدينية بشكله الرسمي أو غير الرسمي للاجتماع في جو تسوده روح الوحدة للتشاور بشأن المسائل الثنائية والمتعددة الأطراف المهمة ونقل الرسائل غير الرسمية؛
تنوير الرأي العام بشأن التطورات الداخلية والخارجية وكذلك التهديدات الحقيقية التي ترید القضاء علی العالم الإسلامي؛
وعلى مسلمي العالم في الحج، وهو واجب ديني واجتماعي وسياسي، أن يكونوا قادرين على التوصل إلى اتفاق شامل وتعاطف مع أولويات العالم الإسلامي مثل قضية فلسطين، وعدم الاعتداء على الدول الإسلامية، فضلا عن توفير أمن المسلمين والدعم الروحي للأقليات المسلمة في البلدان الأخرى. وهو ما لم يتحقق بالفعل حتى الآن مع عرقلة الدول الغربية ونظام آل سعود.
ولقد منع حكام المملكة العربية السعودية بسياساتهم دائمًا، التمتع بالقدرة الهائلة للحج؛ إذ إنهم يرمون إلى تأمين المصالح السياسية والأمنية والاقتصادية للغرب ويحاولون تعميق وترسيخ الخطاب الغربي بدلاً من الخطابات المتوافقة مع القيم الإسلامية. كما أهملوا القضية الرئيسية للعالم الإسلامي، وهي دعم فلسطين والقدس الشريف في ظل سياساتهم الخاطئة، ومؤخرًا أعطوا الشرعية لكيان الاحتلال وتعهدوا بحماية أمن الكيان الصهيوني.
ولطالما واجه العالم الإسلامي تهديدات عديدة من أعدائه‘ إلا أن كثيرا من مشاكل وتحدياته تحل أو حتى لن تنشأ، إذا كانت هناك وحدة إسلامية. ويمكن لمسلمي العالم، إذا أمسكوا بوحدتهم وفي حالة إنشاء أمة موحدة، أن يظهروا القوة العظيمة للإسلام وأن يحققوا تقدمًا كبيرًا. لقد أظهر التاريخ أنه لا يوجد عامل قادر على ازدهار قوة الأمم وعظمتها ومجدها وتقدمها، بقدر ما تمكنت الوحدة والتماسك من تحقيق ذلك. من ناحية أخرى، كانت الخلافات والتفريق بين الدول، هي العامل الأكبر الذي أعاق نموها وتطورها. لذلك، فإن الوحدة والتماسك الإسلاميين في ظروف العالم الحالي، هي الضرورة الأولى لمنح الأولوية لدی العالم الإسلامي.
المصدر ؛ iuvmpress.news
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال