في مطلع الاسبوع الحالي، لن نتحدّث عن أحوال اللبنانيين الذين يعيشون في جهنّم مترحّمين على أجدادهم الذين شهدوا «سفر برلك»، ولا نيمّم الطرف صوب مؤتمر وزراء الخارجية العرب المنعقد تحضيراً للقمة العربية، ولا نتحدث عن اختلافاتهم واستسلاماتهم ولا عن عجزهم العسكري ولا بسقوط الخيارات البديلة متجاوزين الأعراف النبيلة الى الاعتراف بالهزيمة وضياع الأرض، ولا عن الحرب الروسية الأوكرانية التي لم تبح بعد بكلّ أسرارها…
بل نتحدث عن بطولات شعب فلسطين وتضحياته التي لم تتوقف منذ عشرات السنين وهي في تصاعد وازدياد… وأربكت العدو المحتلّ الذي راهن غروراً على تنكّر الجيل الجديد للقضية، وإذ به يُفاجأ بجيل هو أشدّ بأساً وتعلقاً بأرضه المحتلة، ما جعل المؤسسة الأمنية والعسكرية للاحتلال تقف مندهشة من تعاظم العمليات الاستشهادية وآخرها عملية «عرين الأسود» بقيادة الشهيد البطل وديع الحوح الذي لحق بالشهيد عدي التميمي بطل عمليتي مخيم شعفاط ومستوطنة معالي أدوميم.
وتخشى سلطات الاحتلال من نشر المزيد من قواتها في الضفة الغربية وخصوصاً في نابلس وجنين خشية التأثير على جاهزيتها في حال تشتيتها في الضفة الغربية التي كانت آمنة الى حدّ ما، ولذلك هي تفضل مساعدة أجهزة الأمن الفلسطينية للسيطرة على نابلس وجنين للحدّ من تكرار العمليات الفلسطينية التي تلقى حضانة شعبية ذاتية وموضوعية تدفع الى المزيد من العمليات، وتشكل ظهور المجموعات الاستشهادية تطوراً جديداً في المشهد السياسي في الضفة التي غابت عنها المظاهر المسلحة منذ أن اصدر رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس مرسوماً في حزيران عام ٢٠٠٧ حظّر فيه كافة الميليشيات والتشكيلات العسكرية، بينما اليوم اندمج مقاتلو حركة حماس والجهاد الإسلامي مع مقاتلين من كتائب شهداء الأقصى التابعة لحركة فتح في مجموعات مسلحة ومن أبرزها كتيبة مخيم جنين ومجموعة عرين الأسود.
وتقدّر الجهات الاستطلاعية في «إسرائيل» انّ الضفة الغربية في طريقها لتصبح غزة ثانية، وفي ذلك بلاء لـ «إسرائيل»، وانّ الأسلحة المعروفة في أيدي أصحاب الأرض كنقطة في بحر.
ومنذ أيلول الماضي شهدت الضفة الغربية ٨٣٣ عملاً مقاوماً تنوّعت بين إلقاء الحجارة والطعن والدهس بالسيارات وإطلاق النار وزرع العبوات الناسفة التي أدّت الى مقتل ضابط صهيوني وإصابة ٤٩ آخرين.
وتصاعدت عمليات الاشتباك المسلح مع قوات الاحتلال وإطلاق النار على أهداف «إسرائيلية»… ٧٥ عملية بينها ٣٠ عملية في جنين و ٢٨ في نابلس واستشهد ١٧ فلسطينياً بينهم مقاومون في ست محافظات مختلفة، وعشرة منهم في محافظة جنين وحدها بينما أصيب ٣٥٩ فلسطينياً.
ومن أروع المشاهد احتضان الشعب الفلسطيني لشهدائه بالزغاريد والتبريك وتهنئة آباء وأمهات الشهداء الأبرار، وهو ما يزيد في اشتعال جذوة النضال والاستشهاد ورفع آيات الله «مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ – فَمِنْهُم مَّن قَضَى- نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ – وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا «
المصدر: البناء
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال