أحمد مسعود ضحية “جبهة المقاومة الغربية الصنع” 13

أحمد مسعود ضحية “جبهة المقاومة الغربية الصنع”

بعد أن انهارت الحكومة الأفغانية وعادت طالبان إلى السلطة، اعتبر أحمد مسعود، نجل أحمد شاه مسعود، نفسه رسميًا زعيم المقاومة الشعبية الأفغانية، وأعلن استعداده، بالإضافة إلى استعداد قواته في بنجشير لمواجهة طالبان. وهو سياسي أفغاني درس في أكادمية ساندهيرست العسكرية الملكية، وأكمل بكلية كينغز في لندن مرحلة الماجستير في دراسات الحرب وتخرج في نهاية المطاف في السياسة الدولية. لذا، فلا عجب أنه منذ البداية، عندما قدّم نفسه على أنه زعيم المقاومة الأفغانية طلب المساعدة من الولايات المتحدة والغرب.


وأشارت صحيفة واشنطن بوست إلى القضية في تلك الأيام وقالت: ” إن أحمد مسعود، نجل أحمد شاه مسعود، الذي يعتبر نفسه زعيم جبهة المقاومة الوطنية الأفغانية، قال إن الولايات المتحدة وحلفاءها “غادروا ساحة المعركة”، ولكن برغم ذلك، يمكن للولايات المتحدة بدورها أن تصبح داعمة كبيرة  للديمقراطية”. في هذا الصدد، أطلب المساعدة من أصدقاء أفغانستان في الغرب، في واشنطن ونيويورك ولندن، حيث أنهيت دراساتي، وفي باريس، التي شرفتنا بتسمية أحد شوارعها باسم أبي.”


ويقارن أحمد مسعود نفسه بوالده في كل مرة يلقي فيها خطابًا أويجري مقابلة، لكن الفرق الأكثر وضوحًا بينه وبين والده هو أنه لا يمتلك خبرة وعبقرية والده. وتم اغتيال والده وطرده لمعارضته الغزو الأجنبي لأفغانستان، والذي كان مخالفًا للسياسة الأمريكية في المنطقة في ذلك الوقت، غير أن أحمد مسعود يخاطب منفذي اغتيال والده بأصدقاء.


وبعد تصريحات أحمد مسعود المؤيدة للغرب، بدأت اللعبة والسيناريوهات الإعلامية الغربية تحوّله إلى أسطورة. وقامت القنوات التي تتخذ من لندن مقرا لها وهي التابعة للملكة إليزابيث، بما في ذلك بي بي سي ومنوتو(أنا وأنت)، وكذلك القنوات التابعة للسعودية، بتضخيم أحمد مسعود وجعله المنقذ والملاك الحارس الخاص بأفغانستان. ومنذ الأيام الأولى لانتفاضة أحمد مسعود، قدّمت القنوات تقارير حماسية عن حضوره في أفغانستان ووصفته بأنه يسير بمسار والده وأنه شخص عبقري وعسكري مثله وأكسبته ألقاب مثل شبل بنجشير. ولازالت تبث هذه القنوات دعوات أحمد مسعود للانتفاضة في أفغانستان ودول أخرى حول العالم وتنشر بشکل مستمر تقارير عنه و عن مقاومته فی بنجشير، في حين يتم تغطية المظاهرات في مختلف البلدان لتشجيع الرأي العام في أنحاء العالم لدعم المقاومة الأفغانية.


في واقع الأمر، هذه الأنشطة کلها تخدم الغرب وخصوصا الولايات المتحدة تحت رعاية جماعات التأثير (اللوبيات) الصهيونية- السعودية، الساعين إلى تحدي محور المقاومة في منطقة غرب آسيا، وكذلك جعل المنطقة غير آمنة في غيابهم. في هذا الصدد، خلقوا الظروف وراءهم في أفغانستان بطريقة توفر المجال لحركة طالبان للوصول إلى السلطة. ومن ناحية أخرى، قاموا بتسليح منطقة بنجشير، بحيث تشكل الحرب الأهلية تهديدًا متزايدًا لأمن هذا البلد. وكانت نتيجة الصراع بين طالبان وبنجشير هي خلق أسطورة اسمها أحمد مسعود وهو نجل أحمد شاه مسعود، البطل القومي الأفغاني. وقد يؤدي خلق الأساطير هذه إلى تورط جيران أفغانستان، تحت ضغط الرأي العام، في ثنائية طالبان وبنجشير، ومن ثم التحریض على حرب الاستنزاف واستغلال بعضهم للوضع. في حين أن باكستان تتدخل بشكل مباشر في أفغانستان بدعم طالبان كوسيلة بغية تحقيق غاياتها وأهدافها.


أما الهدف الآخر للغرب فهو الضغط على دول جبهة المقاومة في المنطقة، وخصوصا جمهورية إيران الإسلامية التي تُعرف بمحور المقاومة في منطقة غرب آسيا، وحثها علی الدعم لجبهة المقاومة الأفغانية والانخراط في المعادلة التي أعدها الغرب للمنطقة. المعادلة التي لن تؤدي فقط إلى حرب أهلية مدمرة وكارثة إنسانية في أفغانستان وتوتیر الأمن المتزايد في البلاد، ولكن ستترتب من جرائها عواقب على البلدان المجاورة والمنطقة، مثل زعزعة الأمن والتخلف  أيضًا.


وبالتالي، فإن طالبان الموجودة في السلطة تشكل خطراً على إيران وأفغانستان والمنطقة مثل خطر “جبهة المقاومة الوطنية الغربية الصنع”، فیما يسعى الغرب لاستغلال أحمد مسعود من خلال جعله أسطوريًا في المعادلات الجديدة. ویلتجئ نجل أحمد شاه مسعود إلی الغرب بينما كانت أفغانستان تحت السيطرة الغربية على مدار السنوات العشرين الماضية والغرب وخصوصا الأمريكيين، لم يفعلوا أي شيء آخر في هذا البلد سوى توتير أمنه والتحریض علی الحرب وخلق الکوارث البشرية وزيادة الفقر والظلم ونهب ثرواته.


في هذا السياق، تكشف البوادر عن أن الغرب یرید تحویل الوضع إلی الفوضى، وإبقاء أفغانستان في حالة اللاسلطة وزرع الإرهاب فیها والإلحاح على تنفیذ خطة “الليْبَنَة” في البلاد. وهذا بالإضافة إلى أنه كان الانسحاب غير المسؤول واللاأخلاقي للولايات المتحدة من أفغانستان نوعًا من التحول للوجود في أفغانستان من الكمي إلى النوعي.

لا توجد تعليقات لهذا المنصب.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال