انبثق مصطلح “الحضارة الإسلامية الحديثة ” من فكر آية الله العظمى السيد علي الخامنئي وكلامه. والحضارة الإسلامية الحديثة في نظره هي تطور شامل يلبي الحاجات المادية والطبيعية للإنسان ويوجه في نفس الوقت بعده الروحي نحو الكمال والسعادة.
على هذا الأساس، يمكن اعتبار أن الإنسان الذي يتبنى مبادئ الحضارة الإسلامية يختلف تماما عن ذاك الذي يسعى إلى الثقافة المادية. والذي ينظم كل علاقاته، بما في ذلك النفسية والبيئية ومنها مع الأخرین حسب أوامر إمامه وولي أمره، فهذا الإنسان لا يحدّد القيم على أساس هوائه، بل على أساس أولويات وليه المصلح. والإنسان الذي يرى نفسه في مستوى الحضارة الإسلامية يعتبر نفسه من أتباع الدين وخليفة الله. وما تركه الأنبياء من السنن تشمل العدل والقسط، ومساعدة المحرومين، والدفاع عن المظلومين، وطاعة الله قربة إليه وهذه المكونات هي التي تبني الحضارة المفيدة والنافعة.
وفيما يخص بناء الحضارة، تعتبر الوحدة المثالية من أهم مبادئها، لأن أعضاء المجتمع لا يستطيعون خلق حضارة ما لم يكن لديهم وحدة مثالية ولم يروا مُثلها في إطار واحد. تکملة لما قلناه، حري بالذكر أنه تكون ذكرى أربعينية الحسين (ع) تجسيدًا مجيدًا لهذه الوحدة المثالية التي تشكل حجر الأساس للحضارة الإسلامية الجديدة.
ويشير النهج الحضاري لمسيرة الأربعين إلى أن تعاليم ثورة سيد الشهداء تشكل جزءا مهما من الفكر الإسلامي الذي يؤثر في كيفية تشكيل جوهر الحضارة الإسلامية الجديدة وروحها وذلك من خلال رسم مثال لمجتمع موعود. لذلك، يعد إحياء ذكرى أربعينية الحسين (ع) علامة على الحضارة المهدوية التي هي نفس المنظور النهائي ونقطة الحركة المرغوبة نحو بناء الحضارة الإسلامية.
إن أربعينية الحسين(ع) هي إحدى الشعائرالإسلامية التي تمارسها الشيعة ومحبو أهل البيت (ع). ويعود تاريخ المراسيم إلى بعد رثاء حضرة زينب (عليها السلام) في كربلاء المعلى وهو ما يعد استمرارا لمسيرة الحضارة الإسلامية التي اهتم بها الإمام الحسين (ع). لذلك، فإن أربعينية الحسين(ع) رمز لديناميكية وحيوية رسالة عاشوراء ولديها قدرة جيدة في تحقيق الحضارة الإسلامية الجديدة وازدهار الحضارة المهدوية.
كما أظهرت ملحمة الأربعين أن الدافع الديني يحتوي على طاقة هائلة وديناميكية فعالة تستطيع تعبئة العديد من الناس في هذا الاتجاه.
وتتمتع حركة الأربعين بعدة خصائص إنسانية مهمة مبدأها الأخوة والرحمة، لأنه في أي من طوائف دينية لا يمكن رؤية أنه يُقاد جميع الناس بأمان في الاتجاه المقصود بدون أي عائق أو عذر.
وهذا أن البراءة من الظلم والاستكبار خصائص أخرى لثورة عاشوراء حيث تتجلى في مراسيم الأربعين وينبغي بذل الجهود لتطويرها ونشرها. والنقطة التالية هي كشف الهوية وإكسابها المجتمع المؤمن والمسلم وتحرير المظلومين، ما يعني تُنفّذ عملیا في ظل هذه الظاهرة.
وأخيرًا، وفقًا لخصائص یتمیز بها الإنسان الخاضع للحضارة الإسلامية والمجتمع القائم على هذا المبدأ، يُتوقع من الجميع متابعة جهودهم متماشيا معا الهدف الاستراتيجي للحضارة الإسلامية الحديثة، والتي قد تشمل وضع السياسات في مجال العلوم والتكنولوجيا والثقافة لتحقيق مجتمع مزدهر وحضارة يجرب فيها الناس المنفعة الفريدة لجودة الحياة.
المصدر ؛iuvmpress.news
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال