لقد حظيت أربعينية الحسين (ع) منذ الماضي حتى الحاضر بأهمية خاصة في ديناميكية الفكر الشيعي. ويعد مؤتمر الأربعين والإمام الحسين (ع)، الملتقى الحقيقي للسلام والوحدة والعدل والعظمة وساحة التضامن مع الأمم الأخرى.
وأربعينية الحسين لها دور حاسم في استمرار ذكرى واقعة عاشوراء، ولو لم يكن دور حضرة زينب سلام الله عليها الإنساني في تخلييد ذكرى الحسين وأنصاره في فترة عاشوراء حتى الأربعين، لما كانت نهضة الإمام الحسين (ع) تستمر بهذه الطريقة تاريخياً، وما وصلت حقائق كربلاء إلينا بشكلها الحالي، لذلك تعتبر الأربعين نوعا ما وسيلة إعلان لنشر رسالة عاشوراء.
إن الحضور الواسع للفئات من مجتمعات مختلفة في مسيرة الأربعين الحسيني يدل على أن عطشا عاما لماء السلام يشتد على الجميع، بحيث دفعهم إلى التروي فيه كأساس لإنجاز جمیع مهامهم. لذلك، إن توسع التعاليم الحسينية، بالنظر إلى قبولها الواسع النطاق من قبل العديد من المجموعات، دليل قاطع على الاستعدادات الروحية والثقافية والاجتماعية لإرساء أسس السلام والعدالة العامة. ومن ثم، فإن أربعينية الحسين (ع) كأكبر مجتمع بشري يعبئ الناس من حول العالم ويُعدّهم لتحقيق مستقبل زاهر. المستقبل الذي يكون فيه القوى أكثر استعدادًا وأكثر يقظة، والاستعدادات أكثر ظهورا، والثورات أسرع نجاحا، والحب أكثر لوعة، وطريق الوصول المأمول إلى المجتمع البشري، وبالمعنى الحقيقي للكلمة في ظل ظهور حضرة المهدي (ع) كعقيدة أساسية، أكثر سلاسة.
وبين المشارکین في مسيرة الأربعين الضخمة، هناك الشعور بالتضامن له تأثير كبير على تماسك وترسيخ التلاحم بين المتدينين. كما أن حضور غير المسلمين في هذا الاستعراض الكبير حوّل الأربعين إلى طقس عالمي، وبالتأکید انتشار هذا الحدث إلى دول المنطقة یُکسبه أبعادًا جديدة. ويتشابك الزمان والمكان والجو السائد في هذه الطقوس معا، بحيث يخلق السلوك الجماعي من خلال مشاركة العمل بين الضيوف والمضيفين، فضلا عن الشعور المتبادل وموضوعيته لأداء مناسك الحج المشتركة، أحساسا قویا بالانتماء الجماعي بینهم. وعلى الرغم من حقيقة أن معظم الحاضرين هم من المعتقدين بالمدرسة الشيعية والموالين للإسلام الثوري اليوم، فقد امتد نطاق مثل هذا المؤتمر ليشمل السنة وحتى غير المسلمين وشكل تضامنًا كبيرًا بين الروحانيين والمطالبين بالحرية. ومثل هذا المؤتمر الذي له أبعاد لا يمكن إنكارها في المجال السياسي، ينعقد على أساس الشعائر الدينية تكريما لانتفاضة الشهداء ويثبت عولمة رسالة الثورة الإسلامية التي تقوم على شعائر عاشوراء الدينية أيضا.
والآن، ونحن نشهد هذا التضامن والعلاقة الحميمية بين الأديان والمعتقدات المختلفة في هذا التجمع الكبير، فقد تم بالفعل بذل جهود كثيرة حول التقریب من هذا الهدف، وأبرز مثال على ذلك، سنوات حضورالإمام موسى الصدر كزعيم الشیعة في لبنان. واغتنم الإمام صدر كل الفرص المتاحة لرؤية وإظهار الحالة الراهنة للمجتمع في ضوئها ودعوة الناس لإعادة بناء والنظر في أسلوب حياتهم الاجتماعية والشخصية. وأراد الإمام موسى الصدر الثقة بقوة “جمهاهیر الشعب” ورفعها، وتحقیقا لذلك، کان یشیر إلی مصادفة عاشوراء مع ولادة المسيح بأسلوب جمیل، وأحيانًا تزامن عيد الأضحى معها، وفي كل هذه الحالات كان یرمي إلى ذكر الصلات العميقة بين الإسلام، وهناك المسيحية والأديان بشكل عام. كما جاء في رسالته “السلام، الرابط الدائم بين الإسلام والمسيحية” ويضيف: “هذه المناسبات تأمرنا بالتضحية من أجل خلق السلام والرحمة وترسيم القيم والالتزام بالتضامن الوطني الكامل …”.
المصدر ؛iuvmpress.news
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال