1142
في خضمّ الأزمة الكبرى التي تشهدها أوكرانيا نتيجة الحرب وبينما لا تزال ظروف الحرب موجودة في هذا البلد المنهك، حيث يعيش الشعب الأوكراني أوقاتًا عصيبة تحت تأثير سياسات قادته العبثية والخاطئة، والدعم الكاذب من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وجّهت فضيحة فساد كبرى ضربةً أخرى لحكومة فولوديمير زيلينسكي غير الكفؤة.[1] في حين وعد زيلينسكي مرارًا وتكرارًا بالقضاء على الفساد في البلاد إلا أن الفساد الهائل الأخير في شركة الطاقة النووية الحكومية "إنيرجوأتوم" شكّك بشدة في جميع وعوده الفارغة.[2] ورغم أن هذا ليس أول مثال على الفساد الذي يُكشف خلال حكم زيلينسكي إلا أن العديد من المعلقين يعتبرون الأحداث الأخيرة أكبر وأخطر تهديد واجهه الزعيم الأوكراني على الإطلاق.
ونبقى في ذات السياق حيث أعلنت هيئات مكافحة الفساد الأوكرانية تورط بعض مساعدي الرئيس زيلينسكي والمقربين منه في عملية اختلاس ضخمة في قطاع الطاقة. نشر المكتب الوطني لمكافحة الفساد في أوكرانيا (NABU) نتائج عمليته البارزة، التي حملت الاسم الرمزي "ميداس"، والتي كشفت عن مخطط رشوة بقيمة 100 مليون دولار في شركة الطاقة النووية المملوكة للدولة، والذي أصبح أكبر فضيحة فساد مالي خلال فترة حكم زيلينسكي.[3] تشير التقارير إلى الاشتباه في سبعة أشخاص مقربين من زيلينسكي، واعتُقل خمسة منهم وأفرّ اثنان أحدهما تيمور مينديتش، الملقب بـ"محفظة زيلينسكي" و"عقل الحكومة الأوكرانية"، من داخل أوكرانيا. وتقول السلطات إن المجموعة الحكومية الفاسدة نقلت وأخفت 1.2 مليون دولار وما يقرب من 100 ألف يورو نقدًا من هذا الفساد الهائل في مكاتب أو حتى في عيادة طبية يملكها أحد أعضاء الشبكة.[4]
وفي أعقاب الفضيحة ولمنع حدوث أزمة سياسية أخرى في أوكرانيا، طلب زيلينسكي من وزيري العدل والطاقة الاستقالة. على الرغم من أن العديد من الوثائق تُظهر أن هذا الفساد لم يكن مُخططًا له فحسب، بل كان مرتبطًا أيضًا بدائرة مقربة من الرئيس، حتى أن مينديتش فرّ من البلاد قبل ساعات قليلة من مداهمة الضباط. في الوقت نفسه يواجه الناس مشاكل مثل انقطاع التيار الكهربائي ونقص الطاقة في خضم الحرب وعشية شتاء أشد قسوة من ذي قبل. في هذا الشأن ووفقًا لمسح أجرته إحدى وسائل الإعلام الأوكرانية في كييف يعتقد العديد من سكان العاصمة أن فولوديمير زيلينسكي كان على دراية كاملة بالفساد المستمر في قطاع الطاقة الأوكراني.[5]
تجدر الإشارة إلى أن الشعب الأوكراني غاضب بشدة من فساد كبار المسؤولين ويعتبر هذه الفضيحة ضربة للثقة الوطنية. هذا بينما يصارع الكثيرون الموت في ظل ظروف الحرب الصعبة والحرجة الحالية في أوكرانيا، ومن وجهة نظرهم فإن مثل هذه الخيانات ليست فقط لا تُغتفر بل إن صمت كبار المسؤولين تجاه مرتكبي هذا الفساد يُعادل خيانة الحرب عمليًا.
نتذكر أنه قبل بضعة أشهر، خرج آلاف الأشخاص في كييف ومدن أخرى إلى الشوارع مطالبين فلاديمير زيلينسكي باستخدام حق النقض (الفيتو) ضد مشروع قانون من شأنه ووفقًا لمنتقديه أن يُضعف مؤسسات مكافحة الفساد في البلاد.[6] ولأن مكافحة الفساد في أوكرانيا تُعتبر من قِبل الرأي العام خطوةً مهمةً نحو إنهاء الأزمات والحروب فقد حال النظام الأوكراني الحالي عمليًا دون إنهاء هذه الأزمات مما أثار غضب نشطاء المجتمع المدني.
تجدر الإشارة إلى أنه في الوقت الذي يبلغ فيه الفساد في هيكل الدولة الأوكرانية ذروته وتحيط به الأزمة السياسية في كييف، انخفض الدعم الغربي لزيلينسكي، وخاصةً من قِبل الأوروبيين، وسيتم إعادة النظر فيه. على الرغم من أن المفوضية الأوروبية أعلنت ظاهريًا أنها ستدعم أوكرانيا، إلا أن قادة المجر، بصفتها أشد منتقدي أوكرانيا في الاتحاد الأوروبي، جادلوا عمليًا بأن الاتحاد الأوروبي يجب أن يتوقف عن إرسال الأموال إلى هذا البلد.[7]
لقد وصل الوضع الآن إلى حدّ عبّر فيه حتى أشدّ مؤيدي زيلينسكي الغربيين عن آرائهم ووصفوه بالكارثي.[8] ورغم وعود زيلينسكي المتكررة بـ"استئصال الفساد" إلا أن هذه الفضيحة الكبرى قد شكّلت تحديًا لمصداقية حكومته ومطالبها بالشفافية والإصلاح أكثر من أي وقت مضى.
وأخيرًا تجدر الإشارة إلى أن فضيحة الفساد الأخيرة بالإضافة إلى الكشف عن فضائح فساد أخرى في الحكومة الأوكرانية خلال فترة زيلينسكي وحتى في خضمّ الصراع مع روسيا لن تمنع قادة أوكرانيا من تجاوز الأزمات السياسية العديدة فحسب بل ستفقد أيضًا دعم الجمهور العام ونشطاء المجتمع المدني مع استمرار هذه الظروف. ومع استمرار الفساد الهيكلي والأزمة السياسية في أوكرانيا سيزداد وضع الشعب سوءًا وستتراجع الشرعية السياسية للحكومة ليس فقط على الصعيد المحلي بل على الصعيد الدولي أيضًا مما سيؤدي في النهاية إلى تدمير بقاء أوكرانيا السياسي.
نويد دانشور
[1] https://ria.ru/20251115/ukraina-2055228318.html
[2] https://ria.ru/20251116/zelenskiy-2055317292.html
[3] https://www.reuters.com/world/ukraines-government-suspends-justice-minister-amid-energy-corruption-2025-11-12/
[4] https://www.kyivpost.com/post/64120
[5] https://tass.ru/mezhdunarodnaya-panorama/25630337
[6] https://iuvmpress.co/fa/article/%D8%A8%D8%AD%D8%B1%D8%A7%D9%86-%D9%85%D8%B4%D8%B1%D9%88%D8%B9%DB%8C%D8%AA-%D8%B2%D9%84%D9%86%D8%B3%DA%A9%DB%8C-%D9%88-%D8%A7%D8%B9%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D8%B6%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D8%AE%DB%8C%D8%B1-%D8%AF%D8%B1-%D8%A7%D9%88%DA%A9%D8%B1%D8%A7%DB%8C%D9%86
[7] [7] https://www.theguardian.com/world/live/2025/nov/13/volodymyr-zelenskyy-ukraine-russia-corruption-brussels-news-updates-europe-live
[8] https://www.rt.com/russia/627711-zelensky-scandal-survive-corruption
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال