بعد إجراء الانتخابات الرئاسية خلال الأيام الماضية في الولايات المتحدة وفوز ترامب، يسعى العديد من المحللين إلى معـرفة أسباب هزيمة الديمقراطيين(1). وقد استطاع ترامب كما في عام 2016 منع وصول ثاني مرشحة نسائية إلى منصب الرئاسة وفاز بمنصب الرئاسة الأمريكية بفارق كبير من الأصوات. تم طرح العديد من الأسباب المتعلقة بهزيمة مرشح الديمقراطيين في الانتخابات الأخيرة، وفيما يلي نستعرض أهم أسباب هزيمة الديمقراطيين في هذه الانتخابات:
زيادة التوترات العسكرية
خلال السنوات الأربع من حكم بايدن في الولايات المتحدة، حدثت عدة توترات وحروب وكانت هذه المسألة واحدة من أهم أسباب هزيمة الديمقراطيين في الانتخابات الأخيرة. وقعت الحرب الروسية مع أوكرانيا في الوقت الذي كانت فيه الحكومة الأمريكية تستفز روسيا حيث أرسلت أليات ومعدات عسكرية إلى أوكرانيا حتى نفد صبر روسيا، مما أجبرها على مهاجمة أوكرانيا في خطوة استباقية. بدلًا من دراسة أسباب هذه الحرب ومحاولة التوصل إلى وقف إطلاق النار بين روسيا وأوكرانيا، أجبرت الولايات المتحدة حلفاءها على تقديم مساعدات ضخمة لأوكرانيا. هذا الأمر جعل النزاع بين روسيا وأوكرانيا يتحول إلى فوضى معقدة يصعب حلها بسهولة. كما أن التوتر بين الصين وتايوان هو من المسائل الأخرى حيث يعود أحد أسبابه إلى تحريض الولايات المتحدة لتجهيز جيش تايوان بالأسلحة الأمريكية، مما أدى إلى زيادة التوترات في بحر الصين الجنوبي، وقيام الصين وتايوان بإجراء مناورات عسكرية مما جعلهما تقتربان من حافة الحرب. لقد أظهر بايدن أن لديه القدرة على إنهاء التوترات العسكرية والأمنية الدولية.(2)
الدعم غير المسبوق لنظام الاحتلال الإسرائيلي
إن أحد أهم القضايا السياسية الكبيرة خلال ولاية بايدن هو الدعم غير المسبوق لحكومة نتنياهو، والذي يتصدر سجله السياسي(3). إن قضية السابع من أكتوبر ورد فعل الحكومة الإسرائيلية تجاه هذا الحدث أسفرت عن مجزرة غير مسبوقة في العقود الثلاثة الأخيرة، حيث أتاح بايدن للجيش الإسرائيلي استخدام الأسلحة الأمريكية مما منح نتنياهو الحرية لتنفيذ هذه المجزرة. إن دعم بايدن لجرائم الإسرائيليين في الأراضي الفلسطينية المحتلة أصبح أحد نقاط الضعف في السياسة الخارجية للديمقراطيين، وقد دفع المسلمين في الولايات المتحدة إلى التصويت لصالح ترامب(4). أظهرت السيرة السياسية لبايدن أنه في الواقع رغم الادعاءات المتنوعة حول حقوق الإنسان فإن الديمقراطيين لن يترددوا في دعم المجرمين في اسرائيل.
المشاكل الاقتصادية الكبيرة في الولايات المتحدة
تعتبر المشكلات الاقتصادية التي نشأت في السنوات الأربع الماضية داخل الولايات المتحدة من أهم الضغوط التي أثرت على برامج الحكومة الديمقراطية(5). وقد أثار الدعم الاقتصادي الواسع لأوكرانيا ونظام الاحتلال الإسرائيلي في السنوات الأخيرة معارضة كبيرة من الشعب الأمريكي، مما مكن ترامب والجمهوريين من ركوب هذه الموجة وجذب الأصوات المترددة. كانت حزمة المساعدات التي بلغت 95 مليار دولار لأوكرانيا ونظام الاحتلال الإسرائيلي والتي تم التصديق عليها هذا العام من بين المؤشرات التي رأى الشعب الأمريكي أثرها بعينه. كانت هذه المساعدات المالية تُقدم للدول الأجنبية في الوقت الذي لا تزال فيه المشاكل الاقتصادية في الولايات المتحدة دون حل حيث كان المواطنون يعانون من التضخم وغيرها من الأزمات المعيشية.
بشكل عام، لابد من القول إن الأثر الذي تركته إدارة أوباما الديمقراطية حتى وصول حكومة (بايدن) في منطقة غرب آسيا لن يتم حله بسهولة في القريب العاجل. إن الدعم الواسع الذي تم تقديمه لنظام الاحتلال الإسرائيلي أسفر عن مجازر قد تعصف في المستقبل بكافة خطط الدول الغربية. كما أن المشاكل الاقتصادية التي تركها بايدن في السنوات الأربع الأخيرة قد ساعدت بشكل كبير المنافس الرئيسي لهذا البلد (الصين). في الوقت نفسه تتزايد التوترات من جانب روسيا والصين وإيران وكوريا الشمالية، ولا يزال ترامب المستأجر الجديد للبيت الأبيض لايمتلك خطة لمنع وقوع حروب أكبر في الساحة السياسية الدولية. سيكون من المثير للاهتمام رؤية ما إذا كان الوريث الجديد للبيت الأبيض سيدرك في المستقبل أنه يجب تغيير السياسات أو لا.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال