أفغانستان تجني ثمار الثقة بأمريكا 16

أفغانستان تجني ثمار الثقة بأمريكا

عكست فترة حكم أشرف غني إلى حد كبير الجهود الدولية الفاشلة لتحويل أفغانستان إلى دولة حديثة من خلال إجراء انتخابات فيها وامتلاكها نظام مالي غربي، فضلاً عن إعادة تشكيل جيشها على النمط الأمريكي. وكان أشرف غني تكنوقراطًا بكل معنى الكلمة؛ بل تكنوقراط شرس فاسد أُجبر على الهروب خائفا من أفغانستان بعد أن سلم السلطة لطالبان بطریقة مخططة سابقا. وقبل مغادرته أفغانستان، في الأيام التي سبقت دخول طالبان إلى كابول، وافق مع الولايات المتحدة ليقدم استقالته من أجل تسليم السلطة سلميا إلى حكومة شاملة.


وتاریخیا، استقال أشرف غني من وظيفته في البنك الدولي بعد هجمات 11سبتمبر2001 وبدأ يتعاون مع العديد من القنوات الإخبارية والصحف المتنوعة. وفي عام 2002، تم انتخابه مستشارًا خاصًا للأخضر الإبراهيمي، الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في أفغانستان. وكان معظم مهامه في هذا المنصب هو التعاون في التخطيط والتفاوض وتنفيذ اتفاقية بون(اتفاق بشأن الترتيبات المؤقتة في أفغانستان لحين إعادة إنشاء مؤسسات حكومية دائمة)، التي كانت تعين خارطة طريق لتحديد الحكومة الأفغانية الجديدة بعد سقوط طالبان.


وعاد غني إلى أفغانستان في ديسمبر2001، وفي 1 فبراير 2002، اُنتخب مستشارًا أول للرئيس حامد كرزاي، ووزيرًا للمالية ورئيس مكتب التنسيق للمساعدات الدولية لأفغانستان. ومن2002 إلى عام 2004، شغل غني منصب وزير المالية الأفغاني في عهد الرئيس كرزاي.


وكانت تصرفات أشرف غني بعيدة كل البعد عن كل الأساليب الاقتصادية للتخلص من اقتصاد الحرب والاقتصاد المافوي والمخدرات. ومع ذلك، عندما فاز في الانتخابات الرئاسية الأفغانیة المثيرة للجدل في عام 2014، كان الكثير يأمل في أنه سوف يتمكن أشرف غني من تخليص أفغانستان من الفساد المستشري، بيد أن مرور الزمن أظهر أنه ليس غني بمنقذ أفغانستان، بل هو نفسه مصدر الفساد المستشري في هذا البلد، إذ دفع النظام المالي والاقتصادي الذي أنشأه وطوره السيد غني وزملاؤه أفغانستان إلى حافة الانهيار. والسؤال يطرح نفسه هنا، لماذا وكيف ارتكب هو ومن حوله وعائلته مثل هذه الخيانة التي لا تُغتفر؟ والجواب أنها نابعة من تفكيره السياسي القَبَلي والعرقي. ويشهد التاريخ أن الحكومات العميلة في أفغانستان استخدمت دائمًا المساعدات الخارجية ليس لإعادة إعمار البلاد وتنشيطه ولكن دائمًا لقمع المعارضة وكانت حكومة غني  كذلك.


وضرب الأمريكيون الجمهورية في أفغانستان وذلك يتمثل في هيئة رجل فاسد مثل أشرف غني. وبعد أن دخل غني أفغانستان من الخارج، لم يقم بأي خدمة مفيدة تجاه الشعب الأفغاني بل حري بالقول إنه لم يكن قادراً على فعل ذلك. في واقع الأمر، جلبت واشنطن حفنة من الفاسدين إلى كابول تسهيلا لاستغلال موارد هذا البلد من خلالها.


إذ منح أشرف غني عقود التعدين للشركات الأمريكية وأعطاهم حق الوصول الحصري إلى مختلف المناجم في جميع أنحاء أفغانستان، الأمر الذي لم يفد الأمريكان فقط، بل نفسه وعائلته أيضًا.


منح غني لشركة” اس أو اس آي”، وهي شركة تابعة لشركة «سوترن دولوبمنت» ، المعروفة باسم “إس أو دو كو”، الحق في شراء الخامات المستخرجة. وتظهر البحوث المتعلقة بمشروع الجرائم المنظمة والفساد أن حشمت غني، شقيق أشرف، كان له نصيب كبير في شركة «سوترن دولوبمنت»، كما أُحيل إلیه العديد من عقود التعدين بشكل غير قانوني.


وهكذا، في عهد أشرف غني، ازداد الفقر وارتفع معدل الصراع الطبقي. كما أُعلن مؤخرًا، تقدم قائمة الغداء في القصر الرئاسي الأفغاني حوالي 10 نماذج من اللحوم و 21 نوعًا من الخضار يوميًا، بينما افترضْ مدرسا في أفغانستان یمر بحالة حرجة لإطعام نفسه وعائلته یومیا. وهذا جزء صغير من حجم الفساد الذي أصبح علنيًا في أفغانستان.


وعلى مدى السنوات الـ 18 الماضية، کان متوقعا أن تُحوَّل أفغانستان إلى دولة حديثة ونامية، رغم تدفق عشرات المليارات من الدولارات من المساعدات الخارجية وتواجد مئات المؤسسات الدولية فیها، وعلى الرغم من الاستشارات الإدارية للمؤسسات الأجنبية، لکن على العكس من ذلك، مع انتشار الفساد بسبب عدم التخطيط السليم، أصبحت أفغانستان من أكثر دول العالم انتشارا للفساد.


ووفقًا لمنظمة الشفافية الدولية، تم الاعتراف بأفغانستان كواحدة من أكثر الدول فسادًا في العالم في عام 2017، حيث احتلت المرتبة 184 من بين 187 دولة، مما يجعلها ثالث أكثر دولة فسادًا في العالم.


وفي نهاية المطاف، أدى انتشار الفساد في المؤسسات الحكومية وغير الحكومية إلى انعدام الثقة بين الشعب والحكومة، كما أتاح الفساد والتمییز والمعاملة غير العادلة فرصة لمزيد من انعدام الأمن، وبالتالي استغلت طالبان هذا الوضع للتجنيد. مع هذا الوضع، لم يكن أمام الأمريكيين خيار سوى إقناع أشرف غني بتسليم السلطة إلى طالبان. والآن، من بعده، ينضم شقيقه حشمت غني وهو ممثل عن عائلة غني، إلى طالبان بغية الحصول على نصيبه من السلطة وتأمين مصالح أصدقائهم الأمريكيين.


المصدر ؛ iuvmpress.news

لا توجد تعليقات لهذا المنصب.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال