تترصّد القنابل العنقودية، الأميركية والبريطانية والفرنسية، حياة الآلاف من أطفال اليمن. إذ على الرغم من تمكّن «المركز التنفيذي للتعامل مع الألغام» في العاصمة صنعاء، من تدمير حوالي مليون و800 ألف قنبلة عنقودية من مخلّفات العدوان السعودي – الإماراتي خلال السنوات الماضية، تتصاعد أعداد ضحايا هذه القنابل المحرّمة دولياً بصورة يومية، ليس في أوساط المدنيين فقط، بل أيضاً في صفوف الكثير من العاملين في نزع الألغام الذين يفقدون أرواحهم باستمرار.
وفي هذا الإطار، تشير إحصائية رسمية، حصلت عليها «الأخبار»، إلى أن هذا النوع من القنابل الفتّاكة أدّى إلى مقتل وجرح 3 آلاف و810 مدنيين خلال السنوات الماضية من عمر الحرب، بينهم نساء وأطفال. ووفقاً للإحصائية، فإن عدد قتلى القنابل العنقودية التي ألقاها الطيران السعودي والإماراتي بالقرب من أحياء سكنية في العاصمة صنعاء ومحافظات صنعاء وحجة والحديدة والجوف وعمران والبيضاء ومأرب، بلغ 1019 قتيلاً مدنياً، بينهم أكثر من 115 طفلاً و39 امرأة، فيما بلغ عدد الجرحى 2822 مدنياً، منهم 241 طفلاً و76 امرأة. كما أفاد «المركز التنفيذي للتعامل مع الألغام»، مطلع العام الجاري، بأن القنابل العنقودية دمّرت وأتلفت حوالي 809 مزارع وأطنان من المحاصيل الزراعية و547 منطقة رعي، بسبب آثارها التدميرية.
وعلى مدى الأعوام الفائتة من عمر الحرب، مسح المركز مساحات واسعة تعرّضت للاستهداف من قِبَل الطيران، والبعض منها شهدت مواجهات مسلّحة بين أطراف الصراع، وكانت النتائج صادمة، إذ بلغ إجمالي الألغام ومخلّفات الحروب خلال الأعوام من 2015 إلى 2021، أكثر من 862 ألفاً و676 ما بين لغم وقنبلة تندرج في إطار الشراك الخداعية، وقذائف منوّعة ورؤوس صواريخ، وقنابل طيران.
مدير «المركز التنفيذي للتعامل مع الألغام»، العميد علي صفرة، أكد لـ«الأخبار»، أن «القنابل العنقودية ومخلّفات الحرب في اليمن أصبحت مشكلة مجتمعية»، معتبراً أن «تطهيرها والتخلّص منها استحقاق مجتمعي أيضاً»، مشيراً إلى أن «العدوان أمعن في استخدام أسلحة محرّمة دولياً متجاهلاً القوانين الدولية، مهدّداً بذلك حياة الآلاف من المدنيين الأبرياء». ولفت صفرة إلى أن «البرنامج الوطني الذي يديره، برنامج إنساني يخدم جميع شرائح المجتمع اليمني بغضّ النظر عن الانتماءات الطائفية والسياسية، ويجب أن يبقى إنسانياً بعيداً عمّا يجري على الساحة اليمنية، كون مهمتنا وغايتنا إنقاذَ أرواح وحياة المدنيين». ووصف منع التحالف السعودي – الإماراتي دخول الأجهزة والمعدّات ومستلزمات العمل الأساسية كأجهزة كشف المتفجّرات بحجّة أنها أدوات عسكرية بأنه «إمعان في الجريمة يعكس رغبة دول العدوان التي لا تزال تستخدم القنابل العنقودية حتى اليوم».
من جهتها، أفادت إدارة الرصد والتوثيق في المركز، «الأخبار»، بأن المركز رصد استخدام “التحالف” قرابة 15 نوعاً من القنابل العنقودية، مشيرة إلى وجود «بقايا لقنابل عنقودية على شكل ألعاب أطفال، مثل مخلفات القنبلة العنقودية الأميركية CBU_58A/B التي كثر ضحاياها من الأطفال، فضلاً عن وجود قنابل فرنسية وبرازيلية استخدمها العدوان على نطاق واسع». ونبّهت إلى أن “خطر هذه القنابل كبير جداً على حياة الآلاف من اليمنيين، وفي حال بقائها من دون إزالة من المتوقّع أن يتفاقم خطرها إذا ما تحلّلت في التربة كونها سامّة وقد تصيب الآبار الجوفية للمياه بالتلوّث”، لافتة إلى أن “عملية مسحها وإزالتها تتطلّب رفع مستوى إمكانيات المركز”، مُطالِبةً الأمم المتحدة بالقيام بدورها في تحسين هذه الإمكانيات. وخلال الأشهر القليلة الماضية، كثّف المركز جهوده في مجال إزالة الألغام في محافظة الحديدة، وتحديداً في المناطق التي انسحبت منها الميليشيات الموالية للإمارات أواخر العام الفائت. ولافتقار العاملين لمعدّات الحماية الشخصية المطلوبة، سقط العديد منهم قتلى.
وأواخر الشهر الماضي، استهدف “التحالف” مكان تجميع الألغام والقنابل العنقودية في مديرية بني مطر غرب العاصمة صنعاء، بثماني غارات، مستخدماً القنبلة الأميركية «GUB_31»، والتي تُعدّ واحدة من أخطر القنابل الهجومية التي تمتلك القدرة على اختراق ما يصل إلى 4 أمتار من الخرسانة المسلّحة، وتصل درجة حرارتها عند انفجارها إلى بين 2800 و3500 درجة مئوية. ووفقاً لخبراء في صنعاء، فإن استخدام هذا النوع من القنابل ربّما يكون له دور في تزايد الأمراض السرطانية والتشوّهات الخَلْقية والولادات الميتة في أوساط السكّان الذين تعرّضت مناطقهم للقصف به، علماً أن هذه الظواهر سجّلت على مدى العامَين الفائتَين تنامياً لافتاً.
المصدر: الأخبار
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال