لايخفى على أحد كيف ترعرعت الحركات الإرهابية في العالم الإسلامي خلال الحرب الباردة بين الاتحاد السوفيتي سابقاً و الولايات المتحدة الأمريكية. عندها بدأت أمريكا تستثمر في تلك الجماعات المتعصبة وتنشر عبر أدواتها وعناصرها المتأسليمن فكرة الدولة الكافرة التي تريد نشر الإلحاد في العالم والدول الإسلامية، والمقصود هنا روسيا، مما آثار حفيظة المتشددين في مختلف دول العالم الإسلامي وحرضتهم على القتال في أفغانستان ضد قوات الاتحاد السوفيتي الذي تفكك بالنهاية وعاد المجاهدين من أفغانستان إلى بلادهم العربية والإسلامية ليمارسوا العنف والإرهاب داخل هذه المجتمعات، وهنا بدأت رحلة ماسمي بالمجوعات الإرهابية والتي كانت من وراء الستار تتلقى كل الدعم والتمويل وأحدث الأسلحة من المخابرات الأمريكية لتنفذ المخطط الأمريكي في الشرق الأوسط الذي رسمته مع الدول الغربية لتفكك وتقسم المنطقة عرقياً وطائفياً وتشغل دول المنطقة بأوضاعها الأمنية بعد أن تخلق مشاكل داخلية بين الشعب والحكومات المناهضة لأمريكا.
في مقال رأي نشرته صحيفة (نيويورك تايمز) في أكتوبر 2020 جاء فيه "في أوائل القرن الـ21، إذا كانت هناك أي قوة سعت للهيمنة على العالم وقسر الآخرين وانتهاك القواعد، فهي الولايات المتحدة".
منذ إعلان استقلالها في عام 1776، سعت الولايات المتحدة إلى توسيع أراضيها ونفوذها. ومنذ نهاية الحرب العالمية الثانية، لم تدخر الولايات المتحدة أي جهد للسعي وراء الهيمنة العالمية والاحتفاظ بها. وسخَّرت الولايات المتحدة تفوقها المطلق في قطاعات العسكرية والاقتصاد والعلوم والتكنولوجيا والثقافة، للتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وتنمرت على الدول الأخرى ونهبتها وسيطرت عليها تحت شعار "الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان ومحاربة الإرهاب.
تجنيد القاعدة والتنظيمات الإرهابية
قامت أمريكا بإعلان الحرب على تنظيم القاعدة وأسامة بن لادن بدعوى أنهم المسؤولين عن الإرهاب في العالم ورغم ذلك ظل التنظيم موجود ومتصدر للمشهد الإرهابي حول العالم ويصدر يوميا بيانات يتم تداولها عبر الآلة الإعلامية الغربية أنه المسؤول عن كل تفجير يحدث هنا أو هناك.
ومع دخول مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي تسعى من خلاله الولايات المتحدة الأمريكية إلى تفتيت وتقسيم المنطقة على أسس مذهبية وعرقية وطائفية وهو ما يستلزم استخدام ورقة الجماعات الإرهابية لتكون عملية التقسيم والتفتيت من الداخل دون مواجهة مباشرة منها كما حدث في أفغانستان والعراق..حيث استغلت الحراك الشعبي داخل بعض البلدان العربية وهو ما أطلق عليه إعلامها الربيع العربي، وقامت بدعم الجماعات الإرهابية بالداخل لتمكينها من تنفيذ مشروعها وهنا اختفى تنظيم القاعدة من المشهد الإرهابي العالمي، وأختفى أيضا من فوق المنابر الإعلامية التي كانت تقوم بالترويج له، وهو ما يعني أن الولايات المتحدة هي التي كانت ترعى هذا التنظيم وتروج له وعندما انتهت مهمته اختفى من الوجود. فقامت الولايات المتحدة الأمريكية بصناعة عدد من التنظيمات الإرهابية الجديدة وأطلقت يدها بالمنطقة ودعمتها بالمال والسلاح فسمعنا عن أنصار بيت المقدس بسيناء، وجبهة النصرة وجند الشام بسورية.. لكن سرعان ما اختفت هذه التنظيمات سريعًا وقامت بمبايعة التنظيم الإرهابي الجديد الذي صنعته الولايات المتحدة وروجت له عبر آلتها الإعلامية الجبارة وهو "تنظيم الدولة الإسلامية بالعراق والشام" والذي عرف إعلامياَ بتنظيم داعش والذي أصبح بعبع جديد تخيف به أمريكا العالم أجمع.. ومن المثير للعجب أنه لم نجد عاقل على وجه الكرة الأرضية تساءل كيف تظهر التنظيمات الإرهابية ؟! وكيف تختفى دون مقدمات ؟! فكيف لتنظيم القاعدة الذي كانت عملياته ترعب العالم أجمع يختفى من الوجود !
وبعد أن قامت الولايات المتحدة الأمريكية بصناعة تنظيم داعش الإرهابي في العراق وجدت نفسها بحاجة إلى تقويته ودعمه بالمال والسلاح وتضخيمه بواسطة آلتها الإعلامية، فبدأ ينتقل من مكان إلى آخر وأعطته إشارة البدء للدخول إلى سورية وتنفيذ مخططها التقسيمي والتفتيتي بعد أن فشلت التنظيمات الأولى التي كانت تقود العمليات الإرهابية في بداية الحرب الكونية على سورية في تحقيق ما ترجوه أمريكا بفضل صمود الشعب وبسالة الجيش ودعم الدول الصديقة مثل إيران .. وأصبح الآن التنظيم هو المسؤول الأول عن العمليات الإرهابية التي تتم حول العالم، فما من حادثة إرهابية إلا ويعلن قادة داعش عن مسؤوليتهم عنها فهم يمتلكون أسلحة تتفوق على أسلحة الجيوش النظامية.
والسؤال هنا من الذي أعطاهم هذا السلاح؟ والإجابة المؤكدة هي أن الولايات المتحدة هي أكبر تاجر للسلاح في العالم ومن مصلحتها استمرار هذا الإرهاب لتستمر تجارتها رائجة لأن الدول التي يتهددها الإرهاب تسعى إلى شراء السلاح من الولايات المتحدة لمكافحة الإرهاب والدفاع عن نفسها وإذا توقف الإرهاب ستتوقف تجارتها.. وبالطبع الإعلام أحد أهم أدوات الولايات المتحدة للترويج لبضاعتها وصناعتها الإرهابية، لذلك يمكننا تفسير لماذا لم تتمكن الولايات المتحدة وتحالفها الدولي من القضاء على داعش على الأرض السورية عبر ما يقرب من عقد من الزمان؟ ولماذا استخدمت آلتها الإعلامية في محاولة لتشويه صورة الدعم المقدم من الدول الحليفة والصديقة مثل إيران و روسيا اللتان وجهتا ضربات قاسمة للتنظيم وجعلت الدواعش يفرون مهزومين أمام الجيش السوري؟!
في النهاية نقول أن ما لا ترغب به الولايات المتحدة هو نهاية هذه التنظيمات الإرهابية التي عملت على تربيتها طيلة السنوات الماضية ولذلك بدأت بتنفيذ عدة عمليات كبرى بواسطة التنظيم حول العالم كي يظل التنظيم فزاعة بيد الولايات المتحدة لإرهاب سكان الكوكب، وكلما تراجع دور التنظيم وخفتَ نجمه تعود من جديد في دعمه والترويج له بصور مختلفة كما يحدث الآن في سورية والعراق، وفي مالي وبوركينا فاسو والنيجر، لذلك نقول أن أمريكا هي الراعي الأول للإرهاب في العالم.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال