يفيد مصدر أمني خاص جداً بانّ ثمة غرفة عمليات مشتركة لما يُعرف بالتحالف العربي لا تزال تأمل في إعاقة تقدّم أنصار الله باتجاه وسط مدينة مأرب، يشترك فيها بالإضافة إلى ضباط بريطانيين، ١٤ ضابط أركان “إسرائيلي” يشاركون جنباً الى جنب مع ضباط سعوديين في ما بات يسمّيه أنصار الله آخر معارك اليمن الكبرى…!
كما تفيد أنباء متداولة في الكواليس وفي صالونات السياسة الإقليمية أنّ حاكم أبو ظبي يتجه لخسارة مدوية لحرب الموانئ التي أوحى يوماً بأنه امتلك ناصيتها فيما هو آخذ في التقهقر نحو اليابسة الإيرانية، بخاصة بعد أن قطعت عليه تل أبيب خطوط إمداداته النفطية من إيلات إلى عسقلان أو أشدود (بحسب وزارة الطاقة الإسرائيلية التي طالبت بوقف مشروعه)!
هذا كما تفيد الأنباء بأنّ الزيارة المرتقبة في الساعات المقبلة لابن زايد إلى أنقرة إنما تأتي في هذا السياق، أي التنسيق مع غريمه الإخواني السابق أردوغان، لكيفية استخدام الأراضي الإيرانية للتجارة الدولية بدلاً من خط إيلات ـ عسقلان، وذلك في إطار المشروع الصيني العملاق: حزام واحد ـ طريق واحد.
وعودة التركي إلى “بيت الصديق” كما عبّر أحمد شاويش أوغلو في طهران مستحضراً بيت شعر شهيراً لأحد شعراء إيران القدامى، وهو بضيافة عبد اللهيان، فإنّ ثمة من فسّرها بهذا الاتجاه أيضاً.
أيّ تقهقر المشروع التركي في البحار بعد غزواته الفاشلة الثلاث في المتوسط والأحمر وبحر الخزر (ليبيا ـ اليمن ـ أذربايجان)، وتراجع وتيرة الصراع التركي- الإيراني لصالح اتفاقية طويلة الأمد بين البلدين يتمّ التحضير لتوقيعها بين أنقرة وطهران خلال زيارة مرتقبة لأردوغان إلى العاصمة الإيرانية قريباً.
كلّ ذلك يقول عارفون ومطلعون لما يحصل على حدود شبه الجزيرة العربية بين أنصار الله وأرباب الحرب الكونية على اليمن منذ 7 سنوات، والتي تبوء بالفشل وتتوه في صحراء الربع الخالي كما حصل لسابقتها الحرب الكونية على سورية وتكسّر نصالها على أبواب الشام.
لا يظنن أحد أبداً بأنّ زيارة الوزير التركي للبنان وهو الآتي إليه من طهران، والأخرى القطرية المشابهة المرتقبة، إنما تأتي في إطار مبادرات إنقاذ الرياض أو إنزالها من الشجرة كما يتصوّر البعض، أو حتى إصلاح ذات البين بينها وبين بيروت، أبداً بل هي للتقرّب من محور المقاومة المنتصر، وقبل ذلك وبعده فهي من ثمار ذلك الفشل الكبير للغزوات “الجهادية” المندحرة على أسوار مدننا، والتي يتمّ تتويج هزيمتها الكلية في هذه الساعات ضدّ حكم الرياض أيضاً وعلى يد أنصار اليمن الأحرار القابضين على الجمر طوال 7 سنين من الحرب والحصار.
أن هروب مرتزقة تحالف العدوان من الحديدة على عجل ومن دون ترتيب مسبق لا مع الرياض ولا مع الأمم المتحدة والذي سموه إعادة تموضع أو إعادة انتشار، إنما هو انكسار مرّ اضطروا له خوفاً من خسارة ما هو أخطر.
فالأنصار يُطهّرون الآن مدينة مأرب والوادي حيث مجمع صافر النفطي يتجهون لوصله بمجمع بلحاف للغاز في شبوة وعينهم على البحر جنوباً لقطع الطريق على مشروع نظام الرياض التاريخي الذي ظلّ يسعى لسنوات طويلة لتوظيف الأراضي اليمنية جسر عبور للوصول لإعادة رسم خطوط تصدير نفطه ملتفاً عن مضيق هرمز باتجاه بحر العرب.
كلّ هذا يحصل وسط إعادة رسم الخريطة الكونية كلها بين القوى العظمى التي خاضت حروب أنابيب الطاقة والمضائق والبحار خلال السنوات العشر الماضية، والتي يُقال إذا ما نجح أنصار الله في إكمال خطتهم الخاصة بتحرير اليمن كل اليمن، فإنهم ليس فقط سيأخذون لهم دور بارز في المعادلة الكونية الجديدة جيوسياسياً وجيواقتصادياً بل وجيواستراتيجياً أيضاً، أي بلغة أخرى سيقلبون الطاولة على الجميع.
وما ترونه اليوم من تدافع أو تدفق على دمشق لمصالحتها، سترون أضعافه على صنعاء، ما بعد انقراض القبيلة الحاكمة في الرياض عاصمة الوهابيين، وانتقال مركز ثقل الجزيرة العربية صوب الركن اليماني جنوباً.
وعندها فقط سترون كيف أن مرفأ بيروت سيستعيد عافيته فيما يأفل نجم ميناء حيفا وأشدود وعسقلان فعلاً.
وكذلك ستستعيد بغداد الرافدين دجلة والفرات من هيمنة قرار الغزاة المتعدّدي الجنسيات وكلاء الناتو ومخلبه الجنوبي الطوراني.
ويومها أيضاً سترون كيف أن مدن المقاومة والتصدي لمشاريع الهيمنة الغربية من جزائر الأطلس الكبير إلى تخوم جدار الصين العظيم تأخذ دورها الرائد في إعادة رسم جغرافيا آخر الزمان.
قاحلة أنت يا مدن الملح اليوم أكثر من أيّ وقت مضى بفضل الصبر الاستراتيجي لأنصار الله ومسيرتهم القرآنية التي وضع أسسها الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي.
وعامرة وعزيزة أنت اليوم يا مدن اليمن المنصور بالله بفضل قيادة القائد السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي بحكمته وصبره ومعجزات رجاله الأنصار، وعقول كوادر اليمن المبدعة وما يقدّمونه من تضحيات من مأرب حتى باب المندب.
*بعدنا طيبين قولوا الله*
بقلم: محمد صادق الحسيني
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال