أن تكونَ خمينياً ... 43

أن تكونَ خمينياً ...

أن تكونَ خمينياً يعني أن تكون إنساناً قادراً على التغيير .. مليئاً بالأمل و التفاؤل ، بعيداً عن اليأس و الإحباط ..
أن تكون خمينياً يعني أن لا يحمل قلبك إلا الحُبّ لإخوتك في الدين ، و الإشفاق على التائهين من الناس ، و الصبر في مواجهة المبلسين ..
أن تكون خمينياً يعني أن تكون إلهياً في كل حركةٍ و سكون ، فيكون الله عينَك التي تنظرُ بها ، و لسانكَ الذي تخاطب به ، و يدكَ التي تبطشُ بها ، و رجلَكَ التي تسعى بها ، و أن لا يعمر قلبك إلا الله ..
و الخميني ليس شيئاً أكثر من عبد أخلصَ لله فجرت ينابيعُ الحكمةِ من قلبه على لسانه ، فكان الرَجُلَ العملاق في كل الميادين التي دخلها ..
لذا فليس من المستحيل أن يكون كل واحدٍ منّا خمينياً آخر كلما أخلصنا لله ، وكان همُّنا الإصلاح من أنفسنا و ممن حولنا.
إن من بركاتِ هذا العبدِ الصالح علينا أن أخرَجَنا من حب الذات و الأهل و الأصحاب ، إلى حُبّ كل الناس على إختلاف مذاهبهم و تياراتهم ، فثورة العرفان التي قادها لم يقدمها إلى أهله و بلده ، و لا إلى أبناء دينه و مذهبه ، بل قدمها إلى كل الوجود .. إلى قم .. إلى تركيا .. إلى العراق .. إلى فرنسا .. و من على الكرسي الموشح بالنور في حسينية جمران قدّم ثورة العرفان و الإيمان إلى كل العالم ، حتى بعث بها إلى قلب الشيوعية الميت في روسيا.
كل ذلك لماذا يا ترى .. هل لدكتاتورية في نفسه ؟ هل لأنانيةٍ في شعوره ؟ حاشى ذاته الإلهية أن تكون كذلك ..
النازية و الفاشية البالية عندما قادها هتلر ، صدرها للعالم بالقبضات الحديدية ، بالدمار الشامل ، بالقتل و الحرق ، بالتصفية العرقية ..
لكن إمامنا الخميني قدم ثورة العرفان بقلبٍ محب .. و روح مشفقة ، و صبر منقطع النظير ، عبر كلماتٍ من نور ، و مواقف من حكمة ، و عمامة سوداء تختزن ميراث الأنبياء و حملة الرسالات من الهداة الصالحين.
كان قلبه يحترق في سبيل الأمة و العالم ، كان يتلوى ألماً لمشهد جائع هنا ، و مستضعف هناك .. لأنه ينظر بعين الله .. تلك التي لا تنظر إلا رحمة للعالمين.
و من هذا القلب تكوّنت قلوب أبناء الإمام و أتباعه ، فكانوا دعاة الأخوة و التلاقي و التسامح و حب الخير للعالم كله .. فلا يمكن لأحد أن يدَّعي الإنتماء لخط الإمام و منهجه و في قلبه حقدٌ على أحدٍ من الناس ، أو بغض للآخرين.
لقد أثبت أبناءُ الإمام و أتباعه المخلصون عبر مواقف عديدة أنهم دعاة وحدة حقيقية جادة على صعيد المذاهب الإسلامية ، و دعاة تآزر و تكاتف و محبة على صعيد أتباع مذهب أهل البيت عليهم السلام بكل أطيافهم و انتماءاتهم ، فنظرية الإمام في وحدة القيادة و تعدد المرجعية كانت خطوة واضحة على هذا الطريق ، و رعاية السيد القائد الخامنئي لشؤون الحوزة و المرجعية على تعددها خطوةٌ أخرى على طريق تآزر أبناء مذهب أهل البيت عليهم السلام ، و دعوته لتذويب كتل الخلافات و رفضه لأي حركة تدفع عجلة الخلاف هي خطوة تضاف إلى خطوات أخرى.
و لا تنافي بين أن نتمسك بكل قوة و يقين بخط إمامنا العزيز ، و بين أن ننفتح بكل حب و أخوة على كل الإنتماءات الفكرية و الحركية في مذهبنا الحق ، فإن أعداء الإسلام لا يميزون بين مرجعية و أخرى ، و لا انتماء و آخر ، فكل من يحمل في قلبه حباً حقيقياً عملياً لمحمدٍ و علي فإنه يشكل خطراً على مصالح أعداء الإسلام.
و نحن بدورنا نؤمن و بصدق أن كل من إلتزم بتعاليم محمد و علي ، و أخذ بتعاليمهما ، و سار على منهجهما ، و لم يجعلهما كلمة حق يراد بها باطل ، فإنه على خط الإمام ، و يحمل هَمَّ الإمام ، لأن خط الإمام ليس هو إلا محمد و علي.
و في الحقيقة -و أنا على يقين منها- ، أنه لا يمكن لمن يؤمن بمحمد و علي إلا أن يؤمنَ بالخميني ، لأن الخميني نتيجةٌ ضرورية طبيعية لمحمد و علي.
أيها الإخوة الأفاضل ، تأكدوا أن كل داعيةِ شِقاق و بغضاء فهو ليس على خط الإمام ، و كل من لا يحمل في قلبه الخير لأبناء الأمة و المذهب بداعي المحبة في الله ليس على خط الإمام ، و كل من يعتقد أن الإمام جاء ليلغي الآخرين ليس على خط الإمام.
لقد كان في مقدور الإمام أن يلغي كثيراً من أعداء الإسلام و الثورة و مبغضيها و هم في قبضته و تحت إمرته ، كما كان مقدوراً لمحمد و علي ذلك أيضاً ، فمحمد النبي المعصوم الشاهد بالغيب على ضمائر الأمة كان يعلم بوجود المنافقين فيها ، لكنه كان يحسن إليهم ما أظهروا الإحسان ، و علي المنصوب من السماء كان و رغم سلبه الحق الإلهي المساهم الأوحد في وحدة الصف و نبذ الخلاف ، و لم يسكت عن الحق بل وقف في وجه التحريف الفقهي و السياسي و الإجتماعي بكل ما أوتي من حلم و محبة للخير.
و هكذا الإمام العزيز .. يجنح للسلم ما جنحوا لها ، و يقف في وجه التمادي على مصالح الأمة كلما اضطره أحد لذلك.
و نحن على خط الإمام دعاةُ خيرٍ و محبة ، و مريدوا وحدةٍ حقيقيةٍ جادة ، و سنتفاعل مع كل دعاة الخير و المحبة و الوحدة و التلاقي كلما لمسنا الجد و الصدق.
 
-الشيخ حسين الأكرف

لا توجد تعليقات لهذا المنصب.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال