في الأيام الأخيرة كانت أخبار سقوط الحكومة السورية واحدة من أهم الأحداث التي شهدتها هذه المنطقة في السنوات الأخيرة في منطقة غرب آسيا(1). وقد وقع هذا الحدث نتيجة الانسحاب المتتالي للجيش السوري على مدى عشرة أيام مما أثار تساؤلات بين سكان المنطقة حول مستقبل سورية. وعندما انهار النظام أرسلت إسرائيل بصفتها واحدة من الأعداء الرئيسيين للنظام السابق قواتها العسكرية إلى أجزاء من الأراضي السورية، ودمرت العديد من البنى التحتية الدفاعية في البلاد. ويشير تحليل سلوك الكيان الاسرائيلي في التحركات الأخيرة إلى أن هناك خطة دقيقة تم تصميمها وراء هذه الأعمال، وسنتناول في المقال التالي الأهداف المحتملة للنظام الصهيوني لمستقبل سورية:
توسيع المنطقة العازلة
يُعتبر توسيع منطقة العازلة من أبرز الذرائع التي تستند إليها إسرائيل للتدخل في الأراضي السورية وهو ما بدأ منذ عام 1976. فهضبة الجولان التي تُعتبر جزءًا من الأراضي السورية استُحوذ عليها بذريعة إنشاء منطقة عازلة بين الأراضي المحتلة وسورية. في ظل الأحداث الحالية والفوضى الموجودة في سورية، تتيح الظروف للنظام الصهيوني توسيع منطقة العازلة الخاصة به مع سورية، مما سيساهم في تعزيز أمنه الوطني ومنع هجمات الجماعات المقاومة(2). ومن الأهداف الأخرى لهذا النظام هي الوصول إلى المزيد من الموارد الطبيعية والطاقة إذ تعاني الأراضي المحتلة من نقص هذه الموارد بسبب مساحتها الصغيرة ومن أبرز الأهداف هو الوصول إلى مصادر المياه.
إنشاء مناطق اشتباك في سورية
بعد انهيار حكومة سورية قامت القوات الإسرائيلية بشن هجمات متعددة على البنية التحتية العسكرية والحيوية في سورية(3). تستهدف خطة النظام الصهيوني من خلال تدمير البنية التحتية الدفاعية لسورية، ليس فقط تدمير القدرة الدفاعية للحكومة السورية المستقبلية بل أيضاً جعل الأجواء السورية آمنة لطائراتها الحربية مما قد يقلل من مخاطر الهجمات الجوية من قبل إيران. تنفذ هذه الخطة بدقة في ظل عدم مقاومة من الجماعات المسلحة السورية التي تتولى السيطرة على البلاد دون أي مقاومة.
التحذير للدول المجاورة لسورية
واحدة من الأهداف غير المباشرة للنظام الصهيوني في توسيع مناطق نفوذه هي إرسال رسالة إلى الدول المجاورة لسورية مثل الأردن ومصر مفادها أنه في حال عدم الالتزام بسياسات النظام قد تواجه تلك الدول مصير سورية. تستطيع مصر والأردن بسبب ظروفهما الجغرافية الدفاع بسهولة عن المقاومة الفلسطينية وأبناء جلدتهما إلا أن هاتين الدولتين أصبحتا في السنوات الأخيرة أدوات بيد الحكومات الغربية والنظام الصهيوني للضغط على الشعب الفلسطيني ومع تصرفات الجيش الصهيوني في سورية سيواجه النظام في هاتين الدولتين مزيدًا من الضغوط تجاه مؤيدي المقاومة الفلسطينية في بلديهما مما يمنع أي حركات مقاومة مستقبلية في مصر والأردن.
خلاصة القول
بشكل عام يمكن القول إن النظام الصهيوني قد اتبع أهدافه في مجالات متعددة خلال الأسابيع الماضية في حين أن سورية وبسبب غياب حكومة مركزية والفوضى الناتجة عن انهيار النظام السابق تفقد قدراتها الاستراتيجية دون أي مقاومة. لقد تأثرت جبهة المقاومة من انهيار الحكومة السورية(4)، ولكن مع التخطيط الجيد يمكن تقليل تكاليف هذا الانهيار. إن الجمود في التحركات الأولية (إدارة الأضرار) قد يعزز موقف النظام الصهيوني في المنطقة ويفتح المجال أمام الحكومة المستقبلية لاستمرار تدخلها ونفوذها في غرب آسيا.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال