أوروبا والأزمة الأخلاقية بشأن غزة 462

أوروبا والأزمة الأخلاقية بشأن غزة

منذ بداية الحرب في غزة، حاول الاتحاد الأوروبي دائمًا إظهار نفسه كقوة مؤيدة لحقوق الإنسان. لكن وبعد أكثر من مائة يوم على هذه الحرب، لم يتمكن الاتحاد الأوروبي حتى من إقناع الرأي العام وشعبه بشكل كامل أنه على صواب. حيث إن هذه المعايير المزدوجة في أوروبا، وخاصة في دول مثل ألمانيا وفرنسا، شككت بمصداقية أوروبا من وجهة نظر الرأي العام العالمي.

محاولات بلا جدوى
لقد بذلت أوروبا جهوداً عديدة لتحسين صورتها، وفي أحدث تلك المساعي، صوت البرلمان الأوروبي على وقف دائم لإطلاق النار في غزة وكالعادة كانت هناك خلافات واسعة في البرلمان حول شروط وقف إطلاق النار هذا.

وتضمنت البنود المقترحة لوقف إطلاق النار إطلاق سراح الرهائن لدى حماس، وتجريد غزة من السلاح، وبالطبع دعم الإجراء والحكم الذي ستتخذه محكمة لاهاي في محاكمة إسرائيل[1]. وقد حظيت هذه الخطة بموافقة التيارات اليمينية، وأكد تيار يمين الوسط على أن وقف إطلاق النار لا ينبغي أن يخضع للشرطين المذكورين. وكان المعارضون الجادون للخطة هم اليساريون الذين اعتقدوا أن وقف إطلاق النار يجب أن يكون مشروطا بشروط والقضاء على حماس. وفي النهاية، تمت الموافقة على هذه الخطة بنجاح بأغلبية 312 صوتًا، مما أدى مرة أخرى إلى ضرب مصداقية أوروبا ونواياها اتجاه حقوق الإنسان.

قال عادل عطية، نائب رئيس الوفد الفلسطيني في البرلمان الأوروبي: "أستطيع أن أقول إن هذا فشل أخلاقي للبرلمان الأوروبي. وقال: "بهذا التصويت ستفقد أوروبا مصداقيتها". لكنه قال إن التصويت له جوانب "إيجابية" مثل دعوته إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية ودعم عمل محكمة العدل الدولية حيث تواجه إسرائيل اتهامات بالإبادة الجماعية»[2].

عواقب خطة وقف إطلاق النار
إن خطط مثل خطة وقف إطلاق النار في غزة، إذا وافق عليها البرلمان الأوروبي، ليست ملزمة للدول الأعضاء وهي في الغالب استشارية بطبيعتها. إن الموافقة على هذه الخطة من الممكن أن تعطي الزعماء الأوروبيين فكرة واحدة للبحث عن أفضل قرار ممكن. وأدت هذه الخطة، التي قوضها اليساريون، إلى زيادة الانقسامات في أوروبا.

ومهما كان الاتحاد الأوروبي يبحث عن حل وسط للدولتين. إلى جانب ذلك هناك دول أوروبية لا تؤيد فكرة وقف إطلاق النار، وهناك اختلاف في الرأي بين القادة الأوروبيين، حيث يبحث بعض القادة الأوروبيين عن وقف مؤقت لإطلاق النار من أجل إرسال المساعدات الإنسانية حتى يتم وقف كامل لإطلاق النار وحل الأزمة الحالية بدلاً من استمرار الحرب[3].

ومع ذلك، أعلن السيد بوريل، مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، أن الاتحاد الأوروبي لديه خطة من عشر نقاط لدفع محادثات السلام. وتشكل هذه الخطة استمراراً للجهود التي تبذلها أوروبا للعمل كقوة في النظام الدولي. ويبدو أن أوروبا تحاول استعادة مصداقيتها، ولا يزال يُنظر إليها باعتبارها نصيرة لحقوق الإنسان.

لكن الحقيقة هي أن الخطة التي أقرها البرلمان ومواقف الزعماء الأوروبيين هي أكثر من مجرد تعبير عن دعمهم لحقوق الإنسان، بل هي موقف لحماية مصالحهم الخاصة ومحاولة لحماية أوروبا من صراعات محتملة مع إسرائيل.

وبالإضافة إلى ذلك، يبدو أن النص الذي تمت الموافقة عليه هو نفس أفكار نتنياهو لمحادثات السلام، ويمنح إسرائيل الإذن بمواصلة القتل والإبادة الجماعية دون أن تعتبر نفسها مسؤولة عن هذا القتل[4]. ويبدو أن نهاية البادرة الأوروبية الداعمة لحقوق الإنسان أصبحت أكثر وضوحا، لدرجة أن بعض أعضاء البرلمان الأوروبي الذين صوتوا ضد هذه الخطة انتقدوا أيضا هذه الخطة في الفضاء الإلكتروني ووصفوها بنهاية الأخلاق الأوروبية.

أوروبا بوجهها الحقيقي
يبدو أن أوروبا أزاحت مرة الأخرى القناع المزيف عن وجهها، وتتطلع إلى استغلال الظروف القائمة لمصلحتها، بدلاً من البحث عن الحقيقة، من أجل تحسين مكانتها وصورتها أمام العالم. والواقع أن أوروبا قادرة الآن على توفير جزء من احتياجاتها الاقتصادية من خلال بيع الأسلحة والمتاجرة في الخوف في الشرق الأوسط واستخدامها لدعم أوكرانيا أو أماكن أخرى حيث تكون هناك حاجة إليها. لقد حصلت أوروبا الآن على التصاريح اللازمة للتستر على الإبادة الجماعية في غزة، بفضل برلمانها ورجال الدولة المتواطئين، ويمكن أن تصبح بسهولة شريكاً في هذا الأمر، صحيح أنها شريك لن يحاكم ولكن هل أوروبا قادرة على إقناع الرأي العام وشعبها وضمهم إلى سياساتها! هذا هو السؤال الذي سوف نرى إجابته مع مرور الزمن.

امین مهدوی


[1] euractiv.com
[2] politico.eu
[3] ommondreams.org
[4] ommondreams.org
لا توجد تعليقات لهذا المنصب.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال