من ظواهر عالم اليوم هي اعتماد الدول على الولايات المتحدة للحفاظ على قوتها الرادعة واستدامة سيادتها إلا أن الواقع أظهر أنها تسقط واحدة تلو الأخرى في بداية طريقها المفضي إلى الأزمات بينما تُركت وحدها وشأنها.
وجسّد ذلك سقوطُ كابول وهروب محمد أشرف غني أحمد زي بملابسه مصابا بالذهول من سرعة تقدم طالبان نحو كابول، عندما تخلّى الأمريكيون في ثكناتهم حتى عن المواطنين الأفغان الذين تعاونوا معهم أو أبقوهم في بلد ثالث ورفضوا السماح لهم بدخول الأراضي الأمريكية!
وبالمثل، كانت أوكرانيا دولة أخرى تخلت عنها الولايات المتحدة في ذروة حاجتها للمساعدة. وتعرضت كييف لهجمات روسية مکثفة دون أن تعقبها أية ردة فعل صارمة من بايدن وهي كانت قد علّقت آمالها بوعود واشنطن الجوفاء.
ما تقوم به الولايات المتحدة نفس السياسة التي أشار إليها ترامب عندما وصف السعودية ببقرة حلوب لأمريكا. وبعبارة أخرى، مادامت الدول توفر مصالح أمريكا، فإن الولايات المتحدة تستغل مواهبها ولكن بمجرد وُضعت في حالة الأزمة تتركها وحدها.
من ناحية أخرى، مع بدء خطة الاستدارة الأمريكية من غرب آسيا نحو شرق آسيا ومغادرة المنطقة، يرى العديد من الخبراء مصير أوكرانيا وأفغانستان سيناريو قابل للتكرار بالنسبة لدول أخرى في غرب آسيا.
برغم ذلك، ينحاز مسؤولو هذه الدول إلى حلفاء غربيين آخرين بدلا من أن يأخذوا درس العبرة من مصير كييف وكابول. مما يعني أن طلب العون من من فرنسا وبريطانيا وحتى ألمانيا هو مثال آخر على تكرار سيناريو الثقة في الغرب. وهو سيناريو كشف فيما سبق مرارا وتكرارا عن السجل الفاشل للحكومات المنحازة للغرب. ومن ثمّ ليس من المتوقع أن تأخذ حكومات مثل الرياض وأبو ظبي وحتى المنامة درس العبرة من سقوط كييف وكابول.
وبطبيعة الحال، لا ينبغي لنا أن نتجاهل أن احتكار القرار والسلطة من قبل العائلة المالكة في هذه البلدان وافتقارها إلى هيئة شعبية، تحول دون إطلاقها فكرة تضع النظر إلى الخارج جانبا وتنظر إلى القدرة في الداخل.
وتستند سياسة هذه الحكومات إلى حد كبير على الاعتماد الكامل على الخارج وتعتقد أنها تستطيع تعزيز سلطتها عندما تحصل على موافقة الزعماء الغربيين. وهو نفس التحذير الذي وجّهه ترامب في وقت سابق للمسؤولين العرب بأنه لا يمكنهم البقاء في السلطة دون واشنطن ولو لبضع ساعات.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال