يتواصل تنفيذ بنود الهدنة المعلَنة أخيراً بين اليمن والسعودية، ببدء إطلاق سفن المشتقّات النفطية التي كانت محتجَزة من قِبَل «التحالف»، توازياً مع سيادة الهدوء على الجبهات، باستثناء خروقات محدودة. وفيما من المتوقّع أن يستغلّ المبعوث الأممي الفرصة من أجل الدفع في اتّجاه اتفاق اقتصادي، تنتظر صنعاء تسليم حكومة عبد ربه منصور هادي ما عليها، من أجل إتمام صفقة تبادل أسرى جديدة.
على رغم تواصل الخروقات العسكرية من قِبَل الميليشيات الموالية للإمارات جنوب الحديدة، وميليشيات حزب «الإصلاح» في جبهات مدينة مأرب، لم يعلَن رسمياً من قِبَل الناطق باسم قوات صنعاء، يحيى سريع، أو المتحدّث باسم التحالف السعودي – الإماراتي، تركي المالكي، عن أيّ خروقات. ويأتي ذلك في ظلّ توقّف الغارات الجوّية وعمليات التحليق بشكل كلّي في الأجواء اليمنية، منذ دخول الهدنة المُعلَنة من قِبَل المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، حيّز التنفيذ، يوم الجمعة الماضي، في وقت سجّلت فيه الساعات الـ48 الماضية هدوءاً في معظم الجبهات، ما أظهر حرص أطراف الهدنة على تثبيتها.
مع ذلك، ظلّت حكومة الرئيس المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي، حتى أوّل من أمس، تحاول إعاقة الإفراج عن سفن المشتقّات النفطية المحتجَزة من قِبَل «التحالف»، بمطالبتها بتحديد آلية خاصة لجمع الإيرادات الضريبية والجمركية التي سيتمّ استيفاؤها من السفن الـ18 التي ستصل إلى ميناء الحديدة، وفق اتفاق الهدنة. لكن هذا الحديث تجاوزه الاتفاق الذي لم تكن حكومة هادي طرفاً فيه، لتجد نفسها أمام توجيهات غير قابلة للتأخير، تمّ بموجبها الإفراج عن سفينة مازوت وأخرى تحمل 32 ألف طنّ من مادة البنزين، على أن يفرَج تباعاً عن السفن الأخرى. وأكدت شركة النفط في صنعاء وصول أوّل السفن يوم أمس إلى ميناء الحديدة، مُعلِنةً، لأوّل مرّة منذ منتصف عام 2020، تزويد كافة محطّات الوقود بكمّيات كبيرة من المشتقّات النفطية القادمة من الموانئ الجنوبية، سبق لحكومة هادي أن احتجزتها في مناطق فاصلة بين نطاق سيطرتها ونطاق سيطرة حكومة صنعاء في صحراء مأرب، وهو ما يعني انتهاء مظاهر الأزمة التي تعانيها الأسواق في المناطق التي تَحكمها «الإنقاذ».
ومع بدء تطبيق اتفاق الهدنة، يجد غروندبرغ الفرصة سانحة لاستكمال تنفيذ بنود «اتفاق استكهولم» الموقّع بين الأطراف اليمنية أواخر عام 2018 في السويد. وبحسب مصادر ديبلوماسية تحدّثت إلى «الأخبار»، فإنّ غروندبرغ يدفع في اتّجاه استكمال المشاورات حول الشقّ الاقتصادي من الاتفاق، وتحديداً في ما يتعلّق بصرف رواتب موظفي الدولة المتوقّفة منذ إعلان حكومة هادي نقل وظائف البنك المركزي اليمني من العاصمة صنعاء إلى محافظة عدن. ومن شأن إيجاد حلّ لهذا الوضع إنهاء معاناة أكثر من 700 ألف موظف في مناطق سيطرة حكومة صنعاء، وأسرهم البالغ تعدادها 4.7 مليون شخص، ولا سيّما إذا ما تمّ اعتماد كشوفات أيلول 2014 كأساس للمعالجة. على أن خطوة كهذه لن تتمّ من دون إنهاء الانقسام النقدي والمصرفي السائد منذ أواخر عام 2016 بين صنعاء وعدن، والذي تمّ حسم الكثير من تفاصيله في المشاورات التي جرت في عهد المبعوث الأممي السابق، مارتن غريفيث، في العاصمة الأردنية عمّان. في الأثناء، تنتظر صنعاء تقديم حكومة هادي كشوفاتها، تمهيداً للشروع في تبادل 2000 أسير. كما تنتظر إنهاء تنفيذ بنود الهدنة الثلاثة، من أجل تطبيق البند الرابع المتعلّق بفتح الطرقات والممرّات الإنسانية والتجارية بين المحافظات الواقعة تحت سيطرة الأطراف المختلفة.
بالتوازي مع ذلك، أنهت السعودية، أول من أمس، المشاورات بين القوى الموالية لـ«التحالف»، قبل أيام من موعد إنهائها المحدَّد في السابع من الشهر الجاري، على أن يُصدر «مجلس التعاون الخليجي» بياناً بالمخرجات. وقال السفير السعودي لدى اليمن، محمد آل جابر، في تغريدة على «تويتر»، إنّ المشاورات التي ارتفع عدد المشاركين فيها من 600 إلى 1000، حقّقت أهدافها، فيما قوبل حديثه بصمت المشاركين، خصوصاً أنّ السلطات السعودية منعتهم من إجراء أيّ لقاءات إعلامية أو ديبلوماسية، ومنحت معظمهم إقامات دائمة عوضاً عن التأشيرات المؤقّتة.
المصدر: الأخبار
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال