أيامٌ صعبة بالنسبة لـ "بي بي" 248

أيامٌ صعبة بالنسبة لـ "بي بي"

مؤخراً صدر بيان عن حكومة النظام الصهيوني المحتل جذب انتباه المحللين ورجال السياسة للقضايا الداخلية في الأراضي المحتلة، حيث أعلن زعماء ائتلاف الحكومة الصهيونية في بيان مشترك أنهم يدينون أي محاولة لعزل نتنياهو من مسؤولياته حتى ولو لفترة قصيرة، ويعتبرون ذلك انقلاباً عليه، كما أكدوا على أن إعلان عدم قدرة نتنياهو على أداء مهامه يعد انقلاباً أيضاً. لكن لماذا صدر هذا البيان؟ وما هو السياق الذي يصب فيه؟ وينبغي أن نسأل ما الخطر الذي يشعر به نتنياهو ورفاقه الذي جعل مخاوفهم الكامنة تظهر على العلن؟

يبدو أن صياغة وإعلان البيان الأخير من قبل زعماء ائتلاف الحكومة الصهيونية الذي يقول إنه يدين أي محاولة لعزل نتنياهو ويعتبرها انقلاباً عليه يرتبط بطلب المستشار القانوني لنتنياهو لعزل بن غفير وزير الأمن الداخلي في النظام المحتل من الحكومة. وقد أبلغت المدعية العامة للنظام الصهيوني غالي بهار ميارة نتنياهو أنه يجب عليه إقالة بن غفير بسبب انتهاكاته المتكررة للقوانين إلا إذا غيّر بن غفير سلوكه. وفقًا لسلسلة من الوثائق والأدلة لقد استحوذ وزير الأمن الداخلي وأعوانه على جهاز الشرطة بكامله. بالإضافة إلى ذلك ركز المستشار القضائي لنتنياهو على إقالة رئيس الوزراء من السلطة، مع الأخذ في الاعتبار احتمال تورط بن غفير في التسريب المستهدف لوثائق سرية. إن المحاولة شبه الخفية لإقالة رئيس الوزراء من قبل مستشاره هي حدث غير مسبوق، ومن الطبيعي أن يؤدي هذا الإجراء إلى انهيار حكومة نتنياهو الائتلافية.

موضوع آخر مهم هو أن نتنياهو يشعر برعب شديد حيال مستقبله السياسي ومستقبل حكومته الائتلافية وقد تحول هذا الإحساس من الخوف إلى الواقع خاصة في الأيام الأخيرة، مما جعل رئيس وزراء نظام الاحتلال أكثر يأساً من أي وقت مضى. إن خوف نتنياهو من الوثائق المتعلقة بملفات فساده المالي، وكذلك القضية الأمنية الأخيرة التي تم الكشف عنها ضد مكتبه يزداد يوماً بعد يوم خاصة بعد أن رفضت النيابة العامة للنظام الاحتلال طلب "بنيامين نتنياهو" بتأجيل شهادته في القضايا الجنائية المرفوعة ضده.

القلق الآخر لرئيس وزراء الكيان الصهيوني المحتل هو توجيه تحيده من قيادة الحكومة بواسطة البيت الأبيض، حيث إنّه أصبح سياسيًا مُكلفًا لواشنطن في المنطقة. ورغم أن الولايات المتحدة قد لعبت دور الشريك والصديق لتل أبيب في جرائم الإبادة التي ارتكبتها الصهيونية في غزة ولبنان إلا أنّه عندما تزداد نسبة التكاليف في السياسة الخارجية الأمريكية فلا تتردد القوى الخفية والعلنية في واشنطن في حذف أقرب عملائها. في هذا السياق كتب "اران ياشيو" كاتب صهيوني في مقالة له في صحيفة هاآرتس، أنه من مصلحة "دونالد ترامب" الرئيس المنتخب الأمريكي، أن يعزل "بنيامين نتنياهو" رئيس وزراء النظام الصهيوني من منصبه لأنه شخص يحتاج إلى رعاية وحماية ودعم مستمر. وصرح ياشيو أيضًا أن رأيه ليس توقعًا دقيقًا بل هو تحليل من موقع ترامب غير المستقر وغير القابل للتنبؤ حيث تُعَدّ القضايا الاقتصادية أولويته له.

ياشيو الذي هو أستاذ اقتصاد يقول إن الأمريكيين يشعرون بأن نتنياهو يحتاج إلى حماية كبيرة. وقد تلقت "إسرائيل" في العام الماضي نحو 18 مليار دولار كمساعدات عسكرية من الولايات المتحدة. ويقول ترامب إنه لا يرغب في صرف أموال دافعي الضرائب الأمريكيين على النزاعات الخارجية سواء في أوكرانيا أو في فلسطين المحتلة، وبالتالي يتصرف بناءً على ذلك، لأن دعم الاضطرابات المستمرة في غرب آسيا ليس ضمن أولوياته.

ختام القول
منذ أن تولى نتنياهو رئاسة وزراء النظام الصهيوني، تحولت الأراضي المحتلة إلى ساحة للاحتجاجات والمعارضة بسبب ملفات الفساد التي تحيط به. حتى أن الحرب في غزة لم تُنقذه من الأزمة التي يواجهها، إذ عارض النائب العام لنظام الاحتلال طلب "بنيامين نتنياهو" بتأجيل شهادته في القضايا الجنائية المتعلقة به. وفي ردها أوضحت النيابة العامة أن "المصلحة العامة تتطلب المتابعة الفورية للإجراءات القضائية دون تأخير إضافي". ومن جهة أخرى يبدو أن قدوم ترامب إلى الحكم في الولايات المتحدة لن يكون له تأثير كبير على بقاء نتنياهو في السلطة ولهذا يشعر زعماء ائتلاف الحكومة الصهيونية بالخطر ولهذا أصدروا بيانًا مشتركًا يدينون فيه أي محاولة لعزل نتنياهو من مسؤولياته حتى ولو لفترة قصيرة ويعتبرون ذلك انقلابًا عليه.


مرضية شريفي
لا توجد تعليقات لهذا المنصب.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال