خلال السنوات الأخيرة قامت الولايات المتحدة الأمريكية بتخصيص موارد مالية ضخمة لدعم الدول التي تعاني من النزاعات والحروب. وقد تم توجيه هذه الموارد بشكل خاص إلى أوكرانيا وإسرائيل، ويأتي ذلك في وقت تعاني فيه أمريكا من مشكلات داخلية حيث تُعَد واحدة من أبرز التحديات التي تواجهها حاليًا هي عاصفة "هيلين" التي أودت بحياة أكثر من 200 مواطن أمريكي.
الشعب ضحية اللوبيات!
بينما تصدق الولايات المتحدة على حزم مساعدات بمليارات الدولارات لحلفائها في أوروبا وجنوب غرب آسيا لا تزال آثار دمار عاصفة "كاترينا" عام 2005 باقية في بعض مناطق البلاد. والآن تضاف إلى القائمة عاصفة "هيلين" التي تُعد أكبر عاصفة شهدتها أمريكا منذ "كاترينا".[1]
يبدو أن ما يشغل الحكومة الأمريكية في المقام الأول ليست مصلحة الشعب بل السياسات الخارجية التي تتبناها. فالحكومة الأمريكية التي تستند إلى ضغوط اللوبيات المختلفة تميل إلى اتخاذ القرارات السياسية أو إقرار الميزانيات بما يخدم مصالح تلك اللوبينات. وفي السنوات الأخيرة تحولت الحكومة الأمريكية إلى ساحة للضغط من قبل لوبيات مصنعي الأسلحة والصهاينة ومجموعات الضغط التي تركز على تحقيق مزيد من الأرباح على حساب أولويات الشعب الأمريكي.
تتجاوز تأثيرات اللوبيات مجرد الدعم المالي فهي تمارس ضغوطًا على صانعي القرار وأعضاء الكونغرس، لشراء الدعم السياسي لمصالح دولتها. وقد أظهرت الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة أنها أكثر من أي وقت مضى تهتم بتلبية احتياجات ورغبات هذه الدوائر القوية، متجاهلةً في كثير من الأحيان مصالح الشعب رغم محاولات الحكومة الأمريكية الظهور بمظهر الحكومة غير المتأثرة بالصهيونية إلا أن دور اللوبيات الصهيونية في صياغة السياسات والقرارات الحكومية يشكل واقعًا لا يمكن تجاهله. يعتقد الساسة الأمريكيون أنه دون دعم هذه اللوبيات القوية لن تكون لديهم فرصة للبقاء في السلطة لذلك يسعون جاهدين لكسب رضا هذه القوى قبل التفكير في مصالح مواطنيهم. من المؤكد أن الفئة التي تتعرض لأكبر الأضرار هي الطبقة المتوسطة تليها الطبقة الضعيفة في المجتمع الأمريكي وقد امتد هذا النهج الحكومي إلى درجة جعلت العديد من المواطنين يشعرون بالاستياء من تحويل ضرائبهم إلى أماكن أخرى من العالم ومنفعة الآخرين. خلال فترات الانتخابات أشار بعض المرشحين للرئاسة إلى ضرورة عدم إنفاق ضرائب الناس على غيرهم وخاصة من خارج أمريكا. حتى ترامب الذي يُعتبر من مؤيدي إسرائيل أعرب عن قلقه بشأن إنفاق ضرائب الشعب الأمريكي على الحروب مؤكدًا أن هناك إفراطًا في ذلك.
عاصفة هيلين للعبرة!
عاصفة "هيلين" التي كشفت آثار دمارها الواسع في الأيام القليلة الماضية أثرت بشكل شديد على أكثر من 10 ولايات.[2] وقد وصفها الرئيس بايدن بأنها عاصفة تاريخية ومرعبة. تسببت هذه العاصفة في انقطاع واسع للمياه والكهرباء ورغم مرور عدة أيام لا تزال هذه الانقطاعات مستمرة. مما يثير الاستغراب أن سرعة تقديم الخدمات والاستجابة للأضرار لم تكن بمستوى التوقعات.
ربما لو كان هؤلاء الناس في الأراضي المحتلة ويحتاجون إلى توفير الأسلحة لكانوا قد حظوا بمعاملة أسرع واهتمام أكبر. ولكن هذه العاصفة تُعتبر تذكيرًا مؤلمًا بأنه مثلما حدث بعد "كاترينا" فإن المواطنين الأمريكيين لا يزالون يعتبرون أقل أهمية من الأقلية الصهيونية حيث يبدو أن جهودهم ومواردهم تُستخدم لدعم من يعتبرون مواطنين من الدرجة الأولى. لقد وجهت "هيلين" صفعة قوية لمواطني أمريكا وقد تكون هذه الفرصة لدى الناس ليصحو من غفلتهم ويطالبوا بتحسين البنية التحتية من الحكومة الفيدرالية. يجب على المطالبات الشعبية أن تدخل مرحلة جديدة للحصول على المزيد من الضغط على الحكومة. ومن الواضح أن على الشعب الأمريكي أن يبحث عن لوبيات تعزز أهميتهم ربما مثلما فعل الصهاينة. لذا يبدو أن الحروب تحقق فوائد أكبر بينما العواصف تكلف الحكومة الكثير وقد يكون هذا هو السبب في تصدر أخبار الحروب وسائل الإعلام بينما تغيب أخبار العواصف في ظل الأخبار الأخرى.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال