إخفاقات متتالية للكيان الإسرائيلي في مواجهة عمليات المقاومة.. "عرين الأسود" تقض مضاجع الصهاينة 14

إخفاقات متتالية للكيان الإسرائيلي في مواجهة عمليات المقاومة.. "عرين الأسود" تقض مضاجع الصهاينة

إسرائيل ذلك الكيان الذي لا يقهر، شعار رفعته أنظمة ونخب مصطنعة، تهدف لكسر إرادة المقاومة، وترسيخ الشعور بالهزيمة، وتبرير الاستسلام لذلك الكيان، والركون لإرادته والتطبيع معه، لكنه كان ومازال شعاراً مضللا، لأنه يخفي خلفه كثيراً من نقاط الضعف، فعمليات المقاومة نجحت في تعرية نقاط الضعف تلك لتبدو جلية واضحة.


حيث شهد الكيان خلال عام 2022 ومطلع عام 2023 سقوط العشرات من القتلى في مئات العمليات الفلسطينية، وفقا لما نقلته صحيفة "يديعوت أحرونوت" عن مصادر أمنية واستخبارية صهيونية، ووفقا لنفس المصدر فإنه منذ 2015 وحتى الآن فقد قتل أكثر من 150 اسرائيليا، ولولا إحباط الشاباك لأكثر من 380 هجمة كبيرة شملت عبوات ناسفة وعمليات خطف، لوصل عدد القتلى الإسرائيليين عام 2022 إلى 200، وليس 25 فقط، وهذا معناه أن هناك تصاعد لعمليات المقاومة الفلسطينية.


كما وقعت منذ بداية عام 2023 سلسلة من عمليات إطلاق النار والطعن وإلقاء الحجارة في الضفة الغربية، وتتزايد هذه العمليات التي خلفت عشرات القتلى الإسرائيليين.


والقضية الأكثر إثارة للقلق بالنسبة للكيان هي المنفذين الفرديين الذين يكاد يكون من المستحيل تحييدهم قبل الهجوم. حدثت هذه "الهجمات الفردية" أيضًا في عام 2016 واستمرت. ونفس السيناريو يعيد نفسه.


من الواضح أن مقاومة الاحتلال هي أمر طبيعي، حيث أن تصاعد ضغط اليمين الصهيوني والمستوطنين لقضم مزيد من الأراضي الفلسطينية المحتلة والاستيلاء عليها بالقوة وقتل واصابة وترويع الفلسطينيين يدفع أغلب الفلسطينيين للمقاومة، ونظرا لفشل وتدهور السلطة الفلسطينية وتركيز الاحتلال على مواجهة حركات المقاومة الأخرى كحماس والجهاد وشهداء الاقصى وغيرهم فقد ظهرت مجموعات مقاومة جديدة لها استراتيجيات وتكتيكات جديدة هذه المجموعات مثل عرين الاسود وكتيبة جنين ونحوها، وقد نجحت حتى الآن في قض مضاجع الاحتلال.


تتميز استراتيجية مجموعات المقاومة الجديدة هذه بأنها لا تنتمي تنظيميا لأي من حركات المقاومة الفلسطينية التقليدية كفتح او حماس او الجهاد او الجبهة الشعبية ونحوها فهي مجموعات عابرة لتنظيمات المقاومة التقليدية الشهيرة المعروفة فهي تضم بين جنباتها أي فلسطيني يريد ان يقاوم الاحتلال أيا كان انتماؤه.


وتتبنى هذه الاستراتيجية عدم القطيعة اللوجستية مع أي من منظمات المقاومة الشهيرة فهم يقبلون التمويل والتسليح من كل جماعة مقاومة تمد لهم يد العون.


كما تشجع هذه الاستراتيجية وتروج لعمليات المقاومة المسلحة الفردية عبر الهجمات ضد أهداف صهيونية كحواجز قوات الاحتلال او بعض المستوطنين. وتقوم باستقطاب الشباب ومدهم بالأسلحة لتنفيذ هجمات المقاومة بشكل فردي وعفوي، وهذا مكنهم من تنفيذ عدد كبير من الهجمات في وقت قصير نسبيا.


أيضا يقوم المقاومون في هذه الاستراتيجية بتصوير عمليات المقاومة المسلحة أثناء تنفيذها وبثها على نطاق واسع عبر مواقع السوشيال ميديا مما يلهب مشاعر سائر الشباب الفلسطيني وينشر بينهم فكرة المقاومة ويدفعهم للحاق بركب مجموعات المقاومة المسلحة الجديدة بتنفيذ عمليات فردية.


وأما تكتيكات العمل المقاوم وأدواته وأساليبه عند هذه المجموعات الجديدة لا تتطلب سوى سلاح فردي ناري أو أبيض بجانب موبايل لتصوير العملية وبثها بثا مباشرا أثناء التنفيذ غالبا إن أمكن، أما لو لم يتم بثها مباشرة فيجرى تاليا النشر على السوشيال ميديا لكل ما يتاح بعد ذلك من فيديوهات وصور للعملية.


أما الهدف الذي يجري الهجوم ضده فعادة يكون هدفا واضحا إما حاجز أمني إسرائيلي أو مركبة عسكرية في الأراضي المحتلة أو تجمع أو مركبة للمستوطنين في الضفة الغربية أيضا، فهم لا يستهدفون هدفا سريا أو حصينا.


واستخدام السوشيال ميديا هو من أبرز تكتيكات هذه المجموعات المقاومة فمواقع السوشيال ميديا لا يجري توظيفها في الترويج للمقاومة واستراتيجياتها الجديدة فقط بل إن هذه المواقع كثيرا ما تحل محل الروابط والاتصالات التنظيمية التقليدية التي كانت معتادة في مجموعات المقاومة التقليدية أو القديمة.


إن استخدام السوشيال الميديا واعتماد بساطة التكتيكات والأساليب واعتماد العمليات الفردية السهلة كل هذا يهدف لتحويل المقاومة الجديدة إلى تيار شعبي جارف يقوم به جماهير الشباب الفلسطيني في كل بقعة من الأراضي المحتلة بغض النظر عن انتمائه السياسي او الفكري أو الامكانات التسليحية التي يمتلكها.


والدليل على نجاح استراتيجية وتكتيك مجموعات المقاومة الجديدة حتى الآن أنها كسبت تأييدا شعبيا واسعا بين الجماهير الفلسطينية وهذا واضح في خروج الجماهير بالآلاف في جنازات شهداء المقاومة، وهذا كله سبب صداعا لإسرائيل، لأنها تخشى من صحوة شعبية فلسطينية واسعة ضدها.


وقد سببت ظاهرة مجموعات المقاومة الجديدة مثل عرين الأسود قلقا واسعا داخل أجهزة الكيان الصهيوني لأن اسرائيل تخاف من انتشار الظاهرة واستمرارها، كما انها تخشى أن تمتد هذه الظاهرة لتشعل عمليات مقاومة مسلحة داخل الاراضي المحتلة عام 1948.


وبجانب ذلك فالكيان الصهيوني يحذر من اندلاع انتفاضة فلسطينية جماهيرية واسعة احتجاجا على قتل المقاومين، وأيضا هناك خشية اسرائيلية من أن قمع الاحتجاجات الشعبية بالقوة يمكن أن يؤدي إلى مواجهة أوسع مع الفلسطينيين.


التفوق الاستخباراتي الصهيوني كبير دون شك، لكنه توصيف عام يخفي وراءه فشلاً كبيراً في العديد من جوانب ذلك المجال، فرغم الإمكانات التقنية العالية وطائرات الاستطلاع، إلا أن النقص في الموارد البشرية الاستخباراتية كبيراً فيما يبدو، فرغم تلك القوة الكبيرة استخباراتيا إلا أن الاحتلال يفشل في توقع العمليات أو الحد من كثافتها، والوصول إلى منفذيها.


كما أن تفوق الكيان الصهيوني في ميدان الإعلام والتأثير أخفى خلفه ضعفا واضحا في ترويج الرواية الصهيونية وإقناع الآخرين بها، ليكتشف الناس أنه رغم احتلاله الطويل وهيمنته شبه المطلقة في فلسطين المحتلة لم ينجح في تغيير قناعات فلسطينيي الداخل، أو تغيير هويتهم أو المس بها، ليتبدى واضحاً مظهرا جديدا من مظاهر ضعفه الحاد.


كانت تلك بعض نقاط ضعف الكيان، وما هي إلا أمثلة محدودة لكثير من نقاط الضعف الصهيونية المختفية خلف ستار وهمي من قوة مزعومة نجحت في كشفه عمليات المقاومة ليتبدى ما خلفه من ضعف كبير.


إن هذا النمط من عمليات عرين الأسود يؤكد فشل مخططات الكيان في تحييد الشباب الفلسطيني في الضفة الغربية، والداخل المحتل، عن ثقافة المقاومة التي ارتبطت بقطاع غزة خلال السنوات الماضية.


وفي سبيل مجابهة هذه العمليات، اتخذ الكيان سلسلة من الإجراءات السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية، وأبرز هذه الإجراءات: تأسيس كتيبة خاصة لمراقبة نشاط الفلسطينيين على مواقع التواصل الاجتماعي، وتفعيل قانون التسلل، وتأمين جدار الفصل العنصري وإغلاق الفتحات وتنفيذ عمليات اعتقال واسعة في أوساط الشباب الفلسطيني، على غرار العملية الأخيرة قبل بضعة أيام واستهدفت مخيم عقبة جبر في مدينة أريحا بالضفة الغربية.


ختاماً إن الكيان لا يستخلص العبر، فمثل هذه الإجراءات لم تفلح في ثني الفلسطينيين عن مقاومته وابتكار أساليب مقاومة جديدة ومتجددة وتتلاءم مع ظروفهم وامكانياتهم، وتتغلب على ما يضعه الكيان أمامهم من عقبات وعراقيل، وفي ظل انسداد الأفق السياسي، وتنامي الجرائم الصهيونية، لم يجعل الكيان أمام الشباب الفلسطيني من سبيل سوا مقاومته، وليس مستبعداً أن تتحول هذه الظاهرة الفردية إلى انتفاضة فلسطينية ثالثة.


 مجد عيسى


المصادر:

1- https://cutt.us/OPWGj

2-https://cutt.us/lzBW5

3- https://cutt.us/0eaXA

4- https://cutt.us/bRIZR

لا توجد تعليقات لهذا المنصب.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال