إفشال الإمارات لخطط دعم العرب لفلسطين

إفشال الإمارات لخطط دعم العرب لفلسطين

انعقد الاجتماع الـ 33 لرؤساء الدول العربية في المنامة عاصمة البحرين، وفي نهاية الاجتماع صدر البيان دون اتخاذ إجراءات عملية سوى ضرورة التأكيد على وقف عدوان النظام الصهيوني في غزة وانسحاب الاحتلال الإسرائيلي وجل قواته من كافة مناطق هذا القطاع.

وأهم نقاط البيان الختامي لهذا الاجتماع كانت كما يلي:

- طلب نشر قوات حفظ السلام الدولية لحين تنفيذ حل الدولتين.

- إدانة احتلال إسرائيل لمعبر رفح.

- معارضة أي محاولة لإعادة توطين الشعب الفلسطيني قسراً.

- التأكيد على ضرورة انسحاب إسرائيل من رفح وإدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة.

- التأكيد على مسؤولية مجلس الأمن في تنفيذ حل الدولتين.

- الطلب من كافة الفصائل الفلسطينية الانضمام إلى منظمة التحرير الفلسطينية.

وجاء في نص هذا البيان: نطالب المجتمع الدولي بالقيام بمسؤولياته لمواصلة الجهود من أجل دفع عملية السلام وتحقيق السلام العادل والشامل على أساس حل الدولتين الذي هو تجسيد دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية حتى حدود ما قبل 4 يونيو 1967، وفق القرارات الدولية والسلطات المعتمدة، ليتمكن من العيش بأمن وسلام إلى جانب إسرائيل!

وانتهى هذا الاجتماع دون أن تتحقق توقعات الأمتين الإسلامية والعربية. وكان التوقع الرئيسي للأمة الإسلامية والعربية هو أن يحدد زعماء الدول العربية، في البيان الختامي لاجتماعهم في البحرين، الحلول العملياتية للتعامل مع عدوان النظام الصهيوني على شعب غزة الأعزل.

أقل ما تتوقعه شعوب المنطقة هو أن يتخذ زعماء الدول العربية قراراً جدياً بقطع العلاقات مع الكيان الصهيوني، لكن هذا لم يحدث. ومن المطالب الحقيقية لشعوب المنطقة، وخاصة الشعب الفلسطيني، من القادة العرب، تشكيل قوة ردع عربية إسلامية لمنع الإبادة الإسرائيلية ضد أهل غزة.

كما أن وجود ما يقرب من 10 آلاف أسير فلسطيني في سجون النظام الصهيوني، من بينهم 2000 شابة وفتاة فلسطينية، لم يلاحظه أحد من قبل رؤساء الدول العربية. وفي لقاء المنامة، اعتبر محمود عباس، رئيس السلطة الفلسطينية، أن حماس هي سبب الأزمة في هذه المدينة، بدلا من انتقاد جرائم النظام الصهيوني ضد أهل غزة.

وكان اجتماع المنامة لقاءً غير فعال، وخالياً من القرارات الاستراتيجية، ولم يتم اتخاذ أي إجراء عملي لإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني، وخاصة أهل غزة. وهذا يدل على أن الدول العربية غير قادرة على تغيير الأوضاع السياسية والميدانية لصالح الأمة الفلسطينية وشعب غزة. وقد لعبت بعض الدول العربية دوراً كبيراً في عدم فعالية هذا الاجتماع، وعلى رأسها دولة الإمارات العربية المتحدة.

كشفت هيئة الإذاعة والتلفزيون الصهيونية عن شرط مشاركة الإمارات في إعادة إعمار قطاع غزة بعد انتهاء الحرب. وقد طرحت الإمارات شرطا للمشاركة في إعادة إعمار قطاع غزة بعد الحرب، وهو إنشاء حكومة تسيطر وتدير غزة والضفة الغربية معا.

هذه الرؤية الإماراتية عرضت على منصور عباس رئيس القائمة العربية الموحدة في الكنيست (برلمان الكيان الصهيوني) الذي كان قد سافر إلى الإمارات. وقال مسؤولون مطلعون على مضمون زيارات عباس إلى الإمارات: إن أبو ظبي لن تكون مستعدة للمشاركة في إدارة وإعادة إعمار غزة بعد الحرب إلا إذا سيطرت حكومة فلسطينية على غزة والضفة الغربية.

وبحسب التقرير، وبناء على رؤية الإمارات، ينبغي تشكيل حكومة تكنوقراط فلسطينية شاملة في غزة، تحظى بدعم جميع الأطراف على الساحة الفلسطينية. وهذا الموقف الإماراتي ليس جديدا. قبل ثلاث سنوات وبعد الهجمات الجوية والمدفعية المكثفة التي شنها النظام الصهيوني ضد أهل قطاع غزة والتي بدأت في 10 مايو 2021 واستمرت لمدة 12 يوما وتسببت في قتل ودمار كبيرين، أعلنت حكومة الإمارات للولايات المتحدة أن من شروط المشاركة في إعادة إعمار غزة أن لا تكون حركة حماس حاضرة في أي من آليات ومراحل تحويل الأموال وإعادة الإعمار.

كان للحرب التي بدأها جيش نظام الاحتلال مع غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أثر مدمر على علاقات إسرائيل مع دول المنطقة، لكن الإمارات تواصل لعب دور الداعم الأكبر لتل أبيب في المنطقة.

وفي الأشهر القليلة الماضية شهدنا انتقادات شديدة لإسرائيل من جانب مصر والأردن وتركيا بسبب هذا الهجوم والتوتر في العلاقات بين إسرائيل وهذه الدول الثلاث. ثلاث دول لديها علاقات واسعة وأقدم نسبياً مع هذا النظام، لكن الإمارات اتخذت نهجاً مختلفاً. وقد طورت الإمارات مواقفها في هذا الصدد انطلاقا من تحالفها الشامل مع إسرائيل ومعارضتها التاريخية لجماعة الإخوان المسلمين والجماعات التابعة لها، بما في ذلك حماس.

الإمارات، التي ترى في الاستقرار الإقليمي دافعها الأساسي للانضمام إلى اتفاقات إبراهيم والمصالحة مع إسرائيل عام 2020، غاضبة من عملية طوفان الأقصى، لأن هذا الهجوم دمر كل أحلام الدولة في التهدئة في الشرق الأوسط على الأقل على المدى القصير والمدى المتوسط. والإمارات هي الدولة العربية الوحيدة في المنطقة التي حافظت على علاقات وتعاملات مفتوحة مع إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول.

وحتى بعد أن أدانت وزارة الخارجية الإماراتية هجوم حركة حماس على المستوطنات الصهيونية، أجرى رئيس هذه الدولة محمد بن زايد اتصالاً هاتفياً مع رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو. وعلى الرغم من كل المشاعر العامة والمواقف المناهضة لإسرائيل بعد هذا الهجوم، أعلنت هذه الدولة أن اتفاقيات إبراهيم لا تزال سارية المفعول. وعليه، فإن الإمارات لم تُحدث أي تغيير في مستويات علاقاتها مع إسرائيل، ولم تتراجع خطوة عن خطط التعاون الثنائي مع هذا النظام.

وفي السنوات الأخيرة، اعتقدت بعض الدول العربية في المنطقة وحلفائها الغربيين، متجاهلين القضية الفلسطينية، أن تطبيع العلاقات العربية مع إسرائيل، بغض النظر عن حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، من شأنه أن يجلب السلام والازدهار والأمن الإقليميين. وسيؤدي إلى التقدم الاقتصادي والازدهار في بلدانهم.

لقد كشفت عملية 7 أكتوبر زيف هذا الاعتقاد، وأصبح واضحا أنه حتى يتم التوصل إلى حل للقضية الفلسطينية، فإن الفلسطينيين لن يكونوا فاعلين سلبيين في المنطقة بالنسبة للآخرين ليتخذوا لهم القرارات أو يتجاهلوهم، ولا يمكنهم أن يفعلوا ذلك. وإدراجها في التفاعلات الإقليمية والدولية على الصعيد الدولي، فإن مستقبل المنطقة واستقرارها يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالقضية الفلسطينية.

وبدلاً من الحد من الأعمال التوسعية لإسرائيل والمستوطنات الصهيونية، أدت اتفاقيات تطبيع العلاقات إلى مزيد من التجاهل لحقوق الفلسطينيين والجرأة المتزايدة للصهاينة.

من ناحية أخرى، بالنسبة لإسرائيل، لم يقتصر هذا الاتفاق على توسيع العلاقات التجارية والدبلوماسية مع الدول العربية الموقعة، وخاصة الإمارات والبحرين الغنيتين بالنفط، بل زاد أيضًا من التنسيق العسكري والاستخباراتي بينهما. ومن الإجراءات الأخرى التي اتخذتها الإمارات توقيع اتفاقية جديدة مع إسرائيل لحماية إسرائيل من أنصار الله في اليمن. ووسط قصف وقتل مدنيين في قطاع غزة، وبموجب هذا الاتفاق، تم الإعلان عن طريق بري بين دبي وميناء حيفا للالتفاف على التهديدات اليمنية بإغلاق البحر الأحمر أمام السفن المرتبطة بإسرائيل.

ولا ينبغي تجاهل دور قاعدة الظفرة في الإمارات للمقاتلين الأمريكيين والأوروبيين في دعم إسرائيل في التطورات الإقليمية. وفي الوقت نفسه، وفقاً لتقرير صادر عن المجلس الأطلسي، أعرب المسؤولون الإماراتيون سراً عن أملهم في أن تنجح إسرائيل في القضاء على حماس وأن تفعل ذلك بسرعة، قبل أن تصبح المشاعر العامة العربية خارجة عن السيطرة.

وفي النهاية يمكن الاستنتاج أن حكام الدول العربية، وخاصة الإمارات العربية المتحدة، لا يتعاطفون مع الشعب الفلسطيني فحسب، بل ينظرون إلى فلسطين كورقة لعب وتسوية لمصالحهم الخاصة.

محمد صالح قرباني
لا توجد تعليقات لهذا المنصب.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال