العالم يتغيّر بسرعة ولا فرصة كبيرة أمام الطارئين للنجاة من عواقب مغامراتهم!
ففي ظلّ تلاطم أمواج البحار مع قواعد الاشتباك الجديدة التي يثبتها الميدان مع كلّ يوم يمرّ على محور المقاومة، تبدو حكومة تل أبيب بقيادة نفتالي بينت أكثر ضعفاً وتخبّطاً من أيّ يوم مضى وتبحث عن أيّ قشة تنجّيها من الغرق.
جنرالات تل أبيب يحذرونها من أيّ ردّ فعل على قصف سفينتها في شمال بحر عمان، لأنّ الغلبة ستكون حتماً لإيران، كما تزدحم صفحات إعلام العدو الصهيوني بتلك التقارير.
وواشنطن تنأى بجنرالاتها عن المواجهة رغم التصريحات السياسية الرنانة، ما يضع واشنطن في حرج من التصعيد الى الحدّ الأقصى خوفاً من الانزلاق لحرب مفتوحة غير قادرة على سبر أبعادها!
من ناحية أخرى فلم يعد مهمّاً التوقف طويلاً او الاستماع بالتفصيل الى الشيخ روحاني ووزرائه عن رأيهم بأميركا وأوروبا والاتفاق النووي الآن ـ يمكن العودة إليها في ما بعد لأخذ العبرة والدروس ـ بعد أن رست إدارة شؤون البلاد عند قبطان السفينة الجديد الرئيس سيد ابراهيم رئيسي، الذي سينصّب رسمياً يوم غد الثلاثاء من قبل قائد الثورة والمسيرة الإسلامية في إيران الإمام السيد علي خامنئي في حسينية جماران الواقعة في نهاية شارع فلسطين في العاصمة الإيرانية، والذي سيقدم فريقه الحكومي بعد ذلك بيومين أيّ الخميس أمام مجلس الشورى الاسلامي لنيل الثقة بحضور رؤساء دول ووزراء وممثلين عن عشرات الدول التي قرّرت إرسال من يمثلها ليس بينها المملكة السعودية (كما قال خطيب زاده) كما كان قد روّج البعض في إشارة واضحة الى الاستقطاب القائم بين عالم ينهض ويشتدّ عوده وعالم يتقهقر ويأفل نجمه…!
والإدارة الإيرانية الجديدة إذن، وكما يقول المثل «المكتوب يُقرأ من عنوانه»:
تدخل نادي الحكومات بهذا المشهد المتلاطم الذي يوحي للعدو بأنها ستضرب بيد من حديد على كلّ من تسوّل نفسه الاعتداء على الأمن البحري او السيبراني او الميداني الإيراني…!
وسواء كانت إيران هي من ضربت السفينة «الإسرائيلية» في بحر عمان كما يُصرّ «الإسرائيليون» على اتهامها، او ايّ طرف من أطراف محور المقاومة، فإنّ الرسالة باتت واضحة وهي انّ قواعد الاشتباك مع العدو قد تغيّرت.
والذي فهم الرسالة جيداً هم جنرالات العدو الصهيوني الذين نصحوا ولا يزالون رئيس حكومة تل أبيب بينت، بعدم الانجرار لهذه اللعبة الجديدة لأنّ أسياد البحر سيكونون الإيرانيون بلا ريب، وان تل أبيب ستخسر الرهان…!
الأميركيون بدورهم أيضاً، ورغم كلّ الجعجعة السياسية والإعلامية الهوليودية ضدّ إيران فإنّ جنرالاتهم هي الأخرى ستتذكر أيام ترامب الأكثر صلافة وتجبّراً منهم، ورغم ذلك كان الجنرال ميلي رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية قد أصدر أوامره الواضحة بأن يعود الجند إليه للتشاور معه قبل أيّ إقدام يطلبه الرئيس منهم ضدّ إيران، ما يؤكد تخوّف جنرالات واشنطن من ايّ مواجهة مع طهران…!
هذه العلامات الأولية كما مجموعة من القرائن والإشارات الأخرى تعزز الانطباع بأنّ إدارة الرئيس الإيراني الجديد ستكون في قلب المواجهة الإقليمية والدولية المشتعلة على اكثر من ميدان، وهي صاحبة اليد العليا ما يعني أنها دولة ممانعة كحدّ أدنى انْ لم تكن دولة مواجهة ـ هذا لا يعني بالضرورة أنها دولة حرب ـ لكن بالتأكيد لن تكون من بين أولوياتها:
ـ العودة لمفاوضات فيينا بأيّ ثمن كان.
ـ ولا المراهنة على عودة واشنطن للاتفاق النووي.
ـ ولا انتظار نتائج حوارات طهران – الرياض الأمنية التي بدأت في بغداد وتستمرّ الآن في مسقط…
في المقابل فإنّ حكومة رئيسي ورغم ما ذكر أعلاه فإنها ستعمل على أسس وقواعد جديدة في التعامل الداخلي والخارجي أهمّها:
ـ أولاً المراهنة على الداخل، ولأن القضايا المعيشية هي أولوية الأولويات عند الناس فإنها ستقوم بتفعيل مبدأ الاقتصاد المقاوم وزيادة الإنتاج الوطني.
ـ ثانياً فإنّ التعامل مع الخارج فسيكون على قاعدة أقصى التعاون والتضامن مع الأخوة والأصدقاء من بغداد إلى دمشق الى بيروت فغزة فصنعاء، وصولاً الى كاراكاس وموسكو وبكين وكلّ من يقف في وجه الأحادية الهيمنية الأميركية.
ـ ثالثاً، التعامل بكلّ حزم وشدّة وعنفوان مع أعداء الأمة ابتداء بالقاعدة الأميركية المتقدّمة التي تسمّى «إسرائيل» مروراً بكلّ معتد إقليمي شرير وصولاً الى رأس محور الشر المتمثل بإدارة بايدن المحتالة والمخادعة وغير القابلة للثقة أو الاطمئنان.
ـ رابعاً التعامل مع سائر دول العالم وقواه الحية بناءً على سلوكهم وسياساتهم المعلنة على قاعدة: سلم لمن سالمنا وحرب لمن حاربنا، والسلام على من اتبع الهدى.
العالم بعيون إيران الجديدة سيكون مركز ثقله
الشرق وليس الغرب.
ومثلث الشام والعراق واليمن هو عمود خيمة هذا الشرق العتيد، ودرّة تاجه فلسطين.
وإيران سيفه البتار وجيشه الجرار بكلّ إمكانات دولة ولاية الفقيه.
بعدنا طيّبين قولوا الله…
بقلم: محمد صادق الحسيني
المصدر: البناء
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال