اتفاق بغداد و واشنطن حقيقي أم تكرار لخطابات الماضي؟
أعلنت وزارة الخارجية العراقية، عبر نشرها لبيان رسمي أنه انطلاقا من المسؤولية الوطنية ونظراً لزيادة قوة وقدرة القوات المسلحة، تعلن الحكومة العراقية وبالتنسيق مع الحكومة الأمريكية نجاح عملية المفاوضات بين الجانبين التي بدأت في أغسطس 2023.
وبحسب بيان صادر عن وزارة الخارجية العراقية، اتفقت واشنطن وبغداد على تشكيل مجموعات عمل من شأنها أن تؤدي في النهاية إلى وضع جدول زمني واضح للتخفيض التدريجي لمستشاريهما، ولقوات التحالف التي تقاتل تنظيم داعش، في العراق.
وأعلنت الوزارة أن الجدول الزمني سيخضع لتقييم حسب "تهديد داعش وخطورتها" وكذلك "تعزيز قدرات القوات الأمنية العراقية".
من ناحية أخرى، ذكر بيان وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن أن الاجتماعات ستبدأ في الأيام المقبلة وأن هذه العملية ستمكن من الانتقال إلى شراكة أمنية ثنائية مستدامة بين الولايات المتحدة والعراق. إن مهمة التحالف لهزيمة داعش في جدول زمني تأخذ في الاعتبار ثلاثة عوامل رئيسية: التهديد الذي يشكله داعش، والمتطلبات التشغيلية والبيئية، ومستوى قدرة قوات الأمن العراقية.
والنقطة اللافتة في بيان البنتاغون هو أنه، خلافاً لبيان الخارجية العراقية، لم يرد أي ذكر للتخفيض التدريجي لعدد مستشاري التحالف الدولي وانتهاء مهمة محاربة داعش.[1]
وقد دعا المسؤولون العراقيون بشكل دوري إلى انسحاب قوات التحالف لسنوات، لا سيما في أعقاب الضربة الجوية الأمريكية في يناير 2020 والتي أدت إلى استشهاد الفريق قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس خارج مطار بغداد. وفي ذلك الوقت صوت البرلمان العراقي على إنهاء الوجود العسكري الأمريكي في العراق. ومع ذلك، لم يتم تنفيذ هذا المرسوم أبدا.
وقد تزايدت حدة المطالبات بانسحاب القوات الأميركية من العراق منذ هجمات النظام الصهيوني على قطاع غزة.
ومنذ منتصف أكتوبر/تشرين الأول، نفذت جماعة مسلحة تطلق على نفسها اسم "المقاومة الإسلامية في العراق" هجمات منتظمة ضد القوات الأمريكية في العراق وسورية، وتقول الجماعة إنها رد انتقامي على دعم واشنطن لإسرائيل في حرب غزة.[2]
ومنذ ذلك الحين، نفذت المقاومة الإسلامية العراقية أكثر من 150 هجومًا صاروخيًا وطائرات بدون طيار ضد حوالي 2500 جندي أمريكي وقواعدهم، وأصيب عدد كبير من القوات العسكرية الأمريكية بإصابات مختلفة منها إصابات دماغية ونفسية.
وردت الولايات المتحدة بمهاجمة قواعد المقاومة الإسلامية في العراق، كبعض القواعد المرتبطة بقوات الحشد الشعبي، الخاضعة رسميًا لسيطرة الجيش العراقي. المسؤولون العراقيون عبروا عن إنزعاجهم من هذه القضية وأعلنوا أن الهجمات الأمريكية تعد انتهاكا للسيادة العراقية.
وفي كلمته أمام المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس في وقت سابق من الشهر الجاري، قال رئيس وزراء هذا البلد، محمد شياع السوداني، إنه لم يعد هناك أي مبرر لوجود قوات التحالف في العراق، وأن الجيش العراقي قادرة على تعقب ومحاربة ما تبقى من خلايا داعش في البلاد. نحن دولة مستقلة ولذلك فمن الطبيعي أن نتحرك نحو هذا الموقف وهذا طلب ديمقراطي من الشعب نفسه.[3]
وفي كلمته أمام المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس في وقت سابق من الشهر الجاري، قال رئيس وزراء هذا البلد، محمد شياع السوداني، إنه لم يعد هناك أي مبرر لوجود التحالف في العراق، وأن الجيش العراقي قادرة على تعقب ومحاربة ما تبقى من خلايا داعش في البلاد. نحن دولة مستقلة ولذلك فمن الطبيعي أن نتحرك نحو هذا الموقف وهذا طلب ديمقراطي من الشعب نفسه.
واتخذت جهات عراقية مختلفة مواقف مشابهة للوزير السوداني، وتطالب بانسحاب القوات العسكرية الأميركية من العراق، إلا أن مصادر إخبارية تنشر أخبارا مغايرة لهذه المواقف الرسمية.
وبحسب مجلة بوليتيكو، فإنه على الرغم من إعلان رئيس الوزراء العراقي مؤخراً أن الأميركيين سينسحبون من العراق، إلا أن السوداني بعث سراً برسالة إلى المسؤولين الأميركيين مفادها أنه يريد التفاوض للإبقاء على القوات الأميركية في البلاد.
وقد أخبر كبار مستشاري رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني المسؤولين الأمريكيين أن إعلانه هو محاولة لاسترضاء جمهور سياسي محلي، ووفقاً لتقرير صدر في 6 كانون الثاني/يناير، يظل السوداني ملتزماً بالتفاوض بشأن وجود التحالف المستقبلي في العراق.[4]
ويحاول السوداني، الذي أصبح رئيساً للوزراء بدعم من الجماعات الشيعية الموالية لإيران، حكم العراق من خلال خلق توازن بين إيران والولايات المتحدة، تماماً مثل رئيس وزراء العراق السابق مصطفى الكاظمي. ولذلك فهو يتحدث علناً عن انسحاب أمريكا ويوجه سراً رسالة لأمريكا للتفاوض للحفاظ على قواتها.
ومن خلال دراسة الوضع، يبدو أن المسؤولين العراقيين والأميركيين يأملون في أن يكون للبدء الرسمي للمفاوضات تأثير فعال على تقليل الضغط السياسي على الحكومة السودانية وربما تقليل الهجمات على القوات الأميركية، لكن بما أن الأميركيين انخرطوا مراراً وتكراراً في المفاوضات مع أطراف مختلفة نسيت التزاماتها بسهولة أو فعلت عكسها تماماً، فلا يمكن للمرء أن يكون راضياً جداً بهذه المفاوضات وأن يربط مصير انسحاب القوات الأميركية من العراق بها.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال