يقال ان من اولى مهمات واولويات استراتيجية ولي عهد السعودية محمد بن سلمان تتجوهر في تكريس حكمه والاستفراد بالسلطة واحتكارها لشخصه دون غيره من افراد العائلة المالكة.
على مستوى عموم المعارضين السياسيين، قمع ابن سلمان الحريات وماطل في إطلاق سراح معتقلي الرأي رغم انتهاء محكومياتهم، ما زاد من مستوى الاحتقان على مستوى الشارع ومستوى العائلة المالكة الذي دفع ابن سلمان للإفراج عن الاميرة بسمة بنت سعود بن عبد العزيز، في وقت اكدت فيه صحيفة (New York Times) الأمريكية تعمد ولي العهد محمد بن سلمان قمع العائلة المالكة في السعودية بهدف الاستفراد في السلطة وتكريس الحكم بالقمع.
لا يخفى عن المتابعين للشان السعودي بلوغ احتقان الشارع لهذه المملكة مبلغه اثر حملات الاعتقالات والقمع المتواصل التي لم تستثن “اضافة الى عموم ابناء المملكة”، افراد العائلة الملكية الحاكمة بعد ان شملت الاعتقالات الواسعة عشرات الأمراء بعضهم كان يمسك بأهمّ المناصب في الدولة، ومن ذلك ما تم اعلانه في السابع من شهر آذار/مارس 2020 من اعتقال 3 أمراء في السعودية بفبركة اتهام على مقاساتهم “تدبير انقلاب” لإطاحة بولي العهد.
الامراء الاملاحقون
سبق ذلك شنت سلطات ابن سلمان القمعية حملة اعتقالات في 4 نوفمبر 2017 لملاحقات عدد من كبار افراد العائلة الحاكمة ومسؤولي المملكة وشخصيات اقتصادية شهيرة بتهم الفساد، جاءت مباشرة بعد اطلاق الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود أمرا ملكيا بتشكيل لجنة عليا بزعم مكافحة الفساد برئاسة ولي العهد محمد بن سلمان آل سعود، تحفظت خلالها السلطات الحاكمة على أموال المتهمين، ووضعت طائراتهم الخاصة تحت الحراسة لمنع هروبهم كما تم تشديد المراقبة على المطارات لمنع هروب أي شخص لا يزال تحت التحقيق و أوقف المتهمون وتم إيداعهم في فندق “ريتز كارلتون” بالعاصمة السعودية الرياض، الذي تم إخلاء جميع النزلاء منه وإيقاف خدمات الحجز وقطع جميع خطوط الإتصال الهاتفي… هكذا بكل بساطة حيث تعزز السلطة كل السبل لوصول ولي العهد الى القمة التي يسعى منذ وصول الملك سلمان عرش المملكة.
من هي الاميرة بسمة؟
الاميرة بسمة (58 عاما) هي الابنة الصغرى للملك سعود، ثاني ملوك السعودية، معظم وقتها في لندن، واشتهرت بتقديم الآراء حول المملكة العربية السعودية من حين لآخر إلى وسائل الإعلام، وهو أمر نادر الحدوث بالنسبة للعائلة المالكة، وخاصة النساءفي مارس/آذار 2019، ولم تشغل الاميرة التي افرج عنها مع ابنتها الأسبوع الماضي اي منصب حكومي ولم يكن لديها اي سلطة، وكانت من بين عدد من النشطاء والمعارضين السعوديين البارزين وأفراد العائلة المالكة الذين سجنوا أو وضعوا قيد الإقامة الجبرية خلال صعود ولي العهد محمد بن سلمان، الذي عزز قبضته على المملكة منذ اعتلاء والده الملك سلمان العرش في عام 2015.
اعتقلت الشرطة الأميرة بسمة وابنتها البالغة من العمر حوالي 30 عاما، من منزلهما في مدينة جدة السعودية، وقال مصدر قانوني إن المرأتين اتهمتا بارتكاب “جرائم جنائية” غير محددة احتجازهما في سجن الحائر، بالقرب من الرياض، ولكنهما لم توجه إليهما أي تهمة رسمية بارتكاب أي جرائم.
عللت بعض الصحف العربية سبب اطلاق سراح الاميرة بسمة، الى استشعار ابن سلمان مستوى الاحتقان داخل الأسرة الحاكمة، ومدى خطورة تكتل افرادها بكتل سياسية في المعارضة السعودية المتنامية، فيما ذكرت صحيفة (New York Times) الأمريكية السالفة الذكر، أن الاميرة بسمة بنت سعود عادت الى منزلها الخميس الماضي مع ابنتها سهود الشريف التي سجنت معها، لكن لا يزال من غير الواضح ما إذا كان سيسمح للأميرة وابنتها بالسفر إلى الخارج، وهي مسألة ملحة لأن الأميرة بسمة تحتاج إلى رعاية طبية غير متوفرة في المملكة بسبب مرض في القلب، على ما قال مستشار قانوني لها.
خطوة.. لتقليل الاحتقان
إن إطلاق امرأة معارضة من آل سعود يمثّل إشارة من ابن سلمان إلى أنه يقف على خاطر أبناء عمومته، لتخفيف هذا الاحتقان، خصوصا ان بسمة تعتبر من “المتنورين” في الاسرة الحاكمة، وسعت لتحسين وضع المرأة البائس في السعودية، وهي مِمّن ارتبطت معارضتهم بقضايا حقوقية أكثر منها بمصالح داخل العائلة، لعلّ هذا ما يفسّر التغريدة التي نشرتها بسمة بعد الإفراج عنها، وبدت غير عفوية، إذ عبّرت فيها عن “كلّ امتناني وشكري لوالدي الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان حفظهما الله”.
غير ان تقارير سابقة كانت قد افادت ان الاميرة بسمة لها روابط قوية جمعتها بابن عمها، وليّ العهد السابق محمد بن نايف، الموضوع قيد الإقامة الجبرية، وهنا مواقفها تجاوزت وضع المرأة البائس في السعودية الى مواقف سياسية، حيث فعارضت علنا حملة القمع التي يشنها ابن سلمان ضد المعارضين، واستحواذه على كل السلطات، وطالبت بوقف الحرب على اليمن.
ومِثل الكثيرين من أبناء الأسرة المعتقلين، تعرّضت بسمة للخداع، فاقتيدت من منزلها في جدة بعد إبلاغها برغبة ابن سلمان بالاجتماع بها، لكنها لم تؤخذ إلى قصره بل إلى سجن الحائر في الرياض، وجرى إخفاؤها لأكثر من شهر من دون أن يَعرف عنها أحد شيئاً، ولم تتمكّن من الاتصال بأسرتها إلّا في نيسان من ذلك العام، ومُنعت حتى من الحصول على الرعاية الصحية لمعالجة مرض في القلب، وفق قول محاميها البريطاني، هنري استرامانت، في رسالة إلى وزير الخارجية البريطاني، دومينيك راب، في عام 2020، باعتبارها حاصلة على جنسية جزيرة دومينيكا العضو في الكومنولث.
ما اكثر معتقلي الراي
المعتقلات السعودية لازالت مكتضة وتتسع بمعتقلي الرأي يوما بعد اخر، ولا زال عدد من الأشخاص البارزين، بمن فيهم ابنا الملك السابق الملك عبد الله، رهن الاحتجاز، وفقا لما ذكره مساعدوهم، ولا تزال المعلومات تظهر إلى العلن بشأن سوء معاملة بعض المحتجزين، كما يبرز من المعتقلين من أمراء العائلة الحاكمة محمد بن نايف، وزير الداخلية السابق الذي أطاح به بن سلمان من منصب ولي العهد في عام 2017 ليحصل على اللقب لنفسه، وبعد إقصاء محمد بن نايف وضع قيد الإقامة الجبرية حتى آذار/مارس 2020، عندما تم القبض عليه واحتجازه.
اودع محمد بن نايف الحجز الانفرادي، وحرم من النوم رأسا على عقب من كاحليه، وفقا لشخصين اطلعا على حالته، تحدثا شريطة عدم الكشف عن هويتهما بسبب حساسية القضية، وفي الخريف الماضي، نقل إلى فيلا داخل المجمع المحيط بقصر اليمامة في العاصمة الرياض، ولا يتلقى سوى زيارات محدودة من أسرته، على ما قالت مصادر دبلوماسية، ولم توجه الحكومة السعودية اتهامات رسمية ضده ولم توضح سبب احتجازه، فيما يفترض معظم الخبراء السعوديين أن السبب في ذلك أن محمد بن سلمان يخشى أن يعيقه بن نايف ليصبح الملك السعودي المقبل.
السيد ابو ايمان
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال