استعراض لقوة الردع الروسية في المناورات الاستراتيجية النووية
في أعقاب الدعم الغربي لأوكرانيا والترحيب بزيادة الهجمات على الأراضي الروسية، رفعت روسيا مستوى استعداد قواتها المسلحة. بناءً على ذلك قامت القوات المسلحة الروسية بإجراء مناورة "الرد العظيم" النووية كتصوّر لأوّل هجوم نووي من العدو، لتوجيه رسالة تحذيرية إلى الناتو تُظهر أن موسكو مستعدة لأي سيناريو.
في الأربعاء الماضي أعلن الرئيس الروسي عن إطلاق الجيش الروسي لصاروخ باليستي عابر للقارات من نوع "يارس" قادر على حمل رأس نووي من منصة الإطلاق "بلستسك" في شبه جزيرة كامشاتكا. وقد تم تطوير صاروخ يارس في عام 2007، وهو صاروخ يورانيوم حراري يمكنه العمل بأربعة رؤوس حربية تُستخدم بشكل منفصل للهجوم على أهداف مختلفة.
كما أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن غواصتين نوويتين في بحر بارنت الواقع في المحيط المتجمد الشمالي وبحر أوخوتسك في المحيط الهادئ أطلقتا صواريخ باليستية وقاذفات استراتيجية من طراز Tu-95 أطلقت أيضًا صواريخ كروز بعيدة المدى. [1]
يبدو أن روسيا أجرت هذه المناورة ردًا على المناورات النووية الكبيرة للناتو المعروفة باسم "ظهرٌ ثابت"Steadfast Noon) ) التي تمت قبل بضعة أيام بمشاركة 2000 عسكري من 13 دولة و60 طائرة مقاتلة في شمال أوروبا. [2]
إلى جانب كون روسيا قد أرسلت رسالة واضحة من خلال إجراء المناورة النووية رداً على المناورات النووية الكبرى للناتو، فإنها تسعى أيضًا من خلال عرض القوة النووية إلى زيادة ردع روسيا. في هذا السياق قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أثناء إجراء المناورة النووية: "نظرا للتوترات الجيوسياسية المتزايدة وظهور تهديدات جديدة ومخاطر خارجية، فإن وجود قوات استراتيجية حديثة وجاهزة دائماً للاستخدام له أهمية كبيرة." وأشار أيضًا إلى أن استخدام السلاح النووي يُعتبر ضروريًا لضمان أمن بلدنا. وأضاف: "سنستمر في تحسين قواتنا الرادعة الاستراتيجية وعندنا موارد كافية من أجل ذلك، ويشكل الثالوث النووي ضمان موثوق لسيادة البلاد." كما حذر الرئيس الروسي من أن موسكو سترد بقوة على أي هجوم باستخدام الأسلحة النووية لأن أمن روسيا أمر بالغ الأهمية.[3]
موضوع آخر يستدعي الإشارة هو العلاقة بين هذه المناورة والانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة التي تفصلنا عنها أيام قليلة. ويعتقد الخبراء أن المناورة النووية الروسية تمت بهدف التأثير على الانتخابات الأمريكية وتعزيز موقف ترامب وإضعاف مكانة هاريس في الرأي العام الأمريكي. في الواقع، تُظهر استطلاعات الرأي أن الشعب الأمريكي يشعر بقلق شديد إزاء تصاعد الحروب الإقليمية في غزة وأوكرانيا، وأن ترامب هو من يقدم نفسه كمن يستطيع منع اندلاع حرب نووية عالمية. كما حذر ترامب مرارًا من أنه في حال فوز هاريس، ستكون حرب عالمية ثالثة أمرًا لا مفر منه.[4]
بالطبع من المهم الإشارة إلى أن المحللين يعتقدون أنه لا يمكن لأي من الخيارين الحاليين للرئاسة في الولايات المتحدة تقديم وعود انتخابية محددة لتحسين العلاقات مع دولة وصلت العلاقات معها إلى أدنى مستوى لها منذ الحرب الباردة. في الظروف الحالية حيث أن كامالا هاريس نائبة جو بايدن رئيس الولايات المتحدة، قد اتخذت مواقف صارمة ضد روسيا، فإن دونالد ترامب كأحد الخيارات الرئيسية لمرشحي الحزب الجمهوري في الانتخابات الرئاسية الأمريكية قد أعرب عن دعمه لإقامة علاقات مع بوتين في حال عودته إلى البيت الأبيض. وفي هذا السياق أكد بوتين مؤخرًا أن ترامب خلال فترة رئاسته فرض العديد من العقوبات ضد روسيا وأقام قيودًا على العلاقات مع هذا البلد لم يسبق لها أن حدثت في عهد الرئيس الأمريكي السابق. [5]
خاتمة
قبل أيام قامت القوات المسلحة الروسية بإجراء المناورة النووية "الرد العظيم" كاستجابة لأول هجوم نووي من العدو، ويمكن اعتبار السبب الرئيسي لتنفيذ هذه المناورة هو عرض قوة الردع النووية لموسكو، وأيضًا بمثابة رد على المناورات النووية للناتو. كما يعتقد بعض المحللين أن إجراء مثل هذه المناورة تم بهدف التأثير على نتائج الانتخابات الأمريكية، لكن ما هو مؤكد هو أن روسيا تسعى لإرسال رسالة قوة إلى جميع الأطراف التي وضعت لها خطوطًا حمراء بعد بدء الحرب في أوكرانيا.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال