ان مدرسة الثورة الإسلامية في إيران علمت الأجيال دروسا كثيرة وكبيرة عن قيادة الإسلام للحياة .
لقد تعرضت الثورة الإسلامية منذ بزوغ فجرها والى يومنا المشهود إلى كثير من المؤامرات وقدمت كثير من التضحيات حتى وصلت إلى ما وصلت إليه اليوم من قوة وصمود ورقي وتقدم .
خلال أكثر من (٤١) عاما حصلت منعطفات حادة وتعلم منها الشباب المؤمن الغيور تجارب كثيرة ، وكانت كل حادثة تقع هي عبارة عن تجربة يستحلب معانيها أبناء الشعب الإيراني المسلم ويتحدثون عن أسبابها، وعن كيفية حصولها، وعن نتائجها على الصعيدين الداخلي والخارجي حتى اختزلوا التجربة .
لقد كان أغلب القادة العسكريون الذين ذهبوا إلى جبهات القتال هم من جيل شباب الثورة ، وكان الشهيد قاسم واحدا منهم حيث شابا في سن (٢٢) عاما وهو يقود فرقة ثار الله ٤١ ، وكان قد لاحظ وشاهد نمو التجربة المطرد للثورة الإسلامية ، وأخذت الأبعاد المختلفة العسكرية وغير العسكرية تختمر وتنمو وتتكامل في شخصيته ومنها الجانب السياسي .
ان الشهيد الحاج قاسم كان خبيرا بالسياسة وقد التقى بشخصيات سياسية وحزبية كثيرة في داخل ايران وخارجها ، وهو الذي استطاع بحنكته وتدبيره ان يقيم جسرا للعلاقات بين كثير من دول المنطقة فهو أحد مظاهر السياسة الخارجية للجمهورية الإسلامية، لأنه شخصية محبوبة ومعتدلة له تأثير في الداخل الإيراني وفي الخارج ،وشخصيته تتجاوز الحدود الضيقة لمختلف الأحزاب والتيارات السياسية . أنه شخصية ذات نظرة مستوعبة ودقيقة للمسائل السياسية ، وفي تصريح لوكالة مهر للأنباء قال السيد عباس عراقچی معاون وزير الخارجية الايرانية عنه :( ان شخصية القائد سليماني مشهورة في تحليلها وادراكها الدقيق والصحيح للمسائل السياسية ، ونحن قد استفدنا منه ومن رؤيته في فتح ما استغلق أمامنا ، وله نظرات وآراء تحكي عمق درايته ونظرته للموضوعات المختلفة .).
وايضا ذكر السيد نصر الله أنه بعد لقاءات متعددة مع الحاج قاسم اكتشفنا أنه شخصية جامعة .
لقد شاهدنا الحاج سليماني كيف يجتمع مع بعض الشخصيات السياسية في العراق ويفشل مخطط التقسيم الذي ارادت أمريكا وربيبتها الصهيونية تطبيقه في العراق ؛ حيث أرادت أمريكا من إنشاء داعش تقسيم سوريا والعراق ،وكانت رؤية الحاج قاسم سليماني شاملة لجميع أبعاد المخطط ، وتم افشاله بالقضاء على داعش الارهابية ، ثم تواطئت أمريكا والصهيونية على إجراء الاستفتاء في إنفصال الإقليم الكردي شمال العراق وضم محافظة كركوك إليه بالقوة ، وتحرك عند ذاك الحاج سليماني وبفضل حنكته وعلاقاته مع الأطراف العربية والكردية، وافشل المخطط الانفصالي الخبيث .
لقد قام الشهيد الحاج سليماني بجهود مشهودة ومشكورة وربط بين شعوب المنطقة في محور واحد ، بعد أن كان الارتباط لا يتعدى الحدود العاطفية والتأييد الشكلي فيما بينها ، فولدت حركات المقاومة التي لها أهداف وارضية مشتركة في الدفاع عن المنطقة وعن البلدان الإسلامية في وجه المشاريع الاستعمارية المشبوهة وفي وجه الإحتلال الإسرائيلي، وقد اعاد هذا القائد الفذ الاعتبار لشعوب المنطقة والبلدان الإسلامية والتي عملت القوى الاستعمارية للهيمنة عليها ونهب ثروات بلدانها .
نعم لقد تعاون مع تيارات المستضعفين في الأرض ، وبعث فيهم الروح ، وزاد في عزيمتهم ورفدهم بالسلاح وتقنياته .
ان الشهيد الحاج سليماني كان قد وحد جهود الأمة الإسلامية لتنطلق نحو أهدافها لتصبح خير أمة أخرجت للناس من خلال تعاونها وتآلفها وتآزرها وعندما استشهد اجتمعت حوله كل الأطياف السياسية وصنع ملحمة الوحدة داخل ايران وخارجها . نعم لقد كان الشهيد سليماني قائدا جمع النفوس وهو حي ، وقائدا وهو شهيد حيث أخذت الحشود تسير من بين يديه ومن خلفه .
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال