الأرجنتين والكيان الصهيوني 734

الأرجنتين والكيان الصهيوني

شهدت العلاقات السياسية بين الأرجنتين والكيان الإسرائيلي منذ بدايتها تقلبات عديدة، حيث تأثرت بعوامل مختلفة، فكانت هذه العلاقات تتراوح بين القوية والضعيفة، وسنتناول في هذا المقال هذه الديناميكيات. مع ولادة الكيان الإسرائيلي المشؤومة عام 1948، كانت الأرجنتين أول دولة في أمريكا الجنوبية تعترف به مما شكل أول مفاجأة في بدابة العلاقات بين الطرفين ومع تطور العلاقات السياسية بين حكومة الأرجنتين ونظام الكيان الصهيوني، زادت التبادلات الاقتصادية والعلاقات الثقافية بينهما.

في العقود التالية (من 1970 إلى 1980) ومع صعود الجيش وتولي حكم العسكريين في الأرجنتين ورغبتهم الكبيرة في إقامة علاقات مع الغرب، اقتربت البلاد أكثر بعلاقاتها الشاملة من النظام العسكري لإسرائيل، الذي كان مدعومًا تمامًا من قبل الحكومات الغربية.

تمتلك الأرجنتين عددًا كبيرًا من اليهود إذ تشير الإحصاءات إلى وجود أكثر من 230 ألف يهودي في البلاد، مما يجعلها الدولة التي تضم أكبر عدد من اليهود في جميع أنحاء أمريكا اللاتينية. ويُعتبر حادث انفجار "أميّا" الذي وقع عام 1994 في العاصمة الأرجنتينية نقطة تحول في العلاقات السياسية بين الأرجنتين والنظام الإسرائيلي، حيث قُتل في هذا الانفجار عدد كبير من اليهود في مركز يهودي في مدينة بوينس آيرس.

تلا ذلك حملة قوية من قبل النظام الإسرائيلي على هذا الحدث، حيث أدانه بشدة وضغط على حكومة الأرجنتين لإجراء تحقيقات أعمق بشأنه، مما أدى إلى توتر في العلاقات بين الجانبين. ومع مرور السنوات وبعد التغييرات السياسية التي طرأت على السلطة في الأرجنتين تحسنت العلاقات والتفاعلات بين هذا البلد والكيان الإسرائيلي مرة أخرى.

مع انتخاب خافيير ميلي رئيسًا للأرجنتين دخلت العلاقات بين الأرجنتين وإسرائيل فصلًا جديدًا، متجهة نحو تعاون ودعم أعمق. وقد عبّر ميلي بوضوح عن مواقف قوية مؤيدة لإسرائيل مُعطيًا وعودًا رئيسية لتعزيز العلاقات مع حكومة الكيان الإسرائيلية، ويُعتبر أحد أبرز وعوده نقل سفارة الأرجنتين من تل أبيب إلى القدس المحتلة، وهو ما يتماشى تمامًا مع مواقف إسرائيل والولايات المتحدة في هذا السياق.

هذا القرار يُظهر تغييرًا كبيرًا في السياسة الخارجية للأرجنتين. ويدل هذا الإجراء من ميلي على التقارب القوي مع النظام الإسرائيلي، وهو ما تجلّى أيضًا في تعيين الحاخام أكسل فاهنيش كسفير للأرجنتين في إسرائيل، مما يدل على عمق الروابط الشخصية والسياسية بين ميلي والحكومة الإسرائيلية، في ظل الظروف التي تشهد فيها إسرائيل قصف غزة لأكثر من عام وارتكابها مجازر بحق أكثر من 40 ألف امرأة وطفل.

خافيير ميلي المعروف بأنه "ترامب الأرجنتين"، يسعى من خلال تعميق العلاقات الدبلوماسية والثقافية والسياسية مع النظام الصهيوني إلى تقديم مزيد من الخدمات للإمبريالية. في أول زيارة له بعد بداية رئاسته سافر إلى الأراضي المحتلة ليُظهر التزامه بتقديم خدمات واسعة لإسرائيل.

إضافة إلى ذلك أدان ميلي ما أسماه "الإرهاب الإسلامي" وابتعد أكثر عن مواقف الحكومات السابقة متخذًا موقفًا أكثر حيادية بالنسبة للقضية الفلسطينية، وربط تجربة الأرجنتين مع الإرهاب، كتفجير أميّا عام 1994 بالمناهضة العالمية للمجموعات المسلحة مثل حماس. وأثناء زيارته لإسرائيل أعلن عن تضامنه مع إسرائيل في صراعها المستمر ضد حماس والتهديدات الإقليمية الأخرى. في حين اعترفت العديد من الدول مثل إسبانيا بدولة فلسطين وأعلن ميلي أن حركة حماس هي مجموعة إرهابية، مُظهرًا دعمه الكامل للنظام الإسرائيلي. كما أصدر أوامر بتجميد أموال وأصول هذه المجموعة الفلسطينية التي تدافع ببطولة عن الأرض المحتلة.
لا توجد تعليقات لهذا المنصب.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال