منذ عام 2019، علق جو بايدن رئيس الولايات المتحدة بيع الأسلحة للسعودية بسبب الحرب في اليمن. وقد اتهم بايدن في حملة الانتخابات الرئاسية عام 2019 السعودية بارتكاب مجازر بحق الأطفال، مشيرًا إلى الحرب في اليمن التي أودت بحياة آلاف الأشخاص. كما أسهمت قضية الصحفي جمال خاشقجي، الذي كان يعمل في صحيفة واشنطن بوست وكان ناقدًا للنظام السعودي، والذي قُتل في قنصلية بلاده في تركيا، في توتير العلاقات بين البلدين. ولكن بعد بدء الحرب في أوكرانيا، اقترب المسؤولون الأمريكيون أكثر من السعودية نظرًا لحاجة الولايات المتحدة لمكانة هذا البلد في تأمين الطاقة ودعم سياسات البيت الأبيض في الشرق الأوسط. ولذلك تم مؤخرًا إلغاء حظر بيع الأسلحة العسكرية للسعودية من قبل الولايات المتحدة.
ما الأهداف التي تسعى الولايات المتحدة لتحقيقها من إلغاء حظر بيع الأسلحة للسعودية؟
كما ذكرت وكالة الأنباء الفرنسية نقلاً عن وزارة الخارجية الأمريكية، فإن بيع الأسلحة إلى الرياض سيستأنف بالتشاور مع الكونغرس. ووفقًا لهذا التقرير فإن التصعيد في التوترات في الشرق الأوسط يجعل الولايات المتحدة ترى السعودية مرة أخرى كلاعب محوري في المنطقة. وقد صرح ودانت باتل، المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية للصحفيين، قائلًا: "السعودية لا تزال شريكًا استراتيجيًا قريبًا من الولايات المتحدة، ونحن نتطلع إلى تعزيز هذه الشراكة". [1]
وفي هذا الصدد، قال "علي الشهابي"، المحلل السعودي القريب من الديوان الملكي: "إلغاء حظر بيع الأسلحة الهجومية سيساهم في إعادة بناء العلاقات بين أمريكا والسعودية".
ما الأسلحة التي ستُرسل إلى السعودية؟
وبحسب ما أعلنته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، فإن حكومة "جو بايدن" ستقوم في الأشهر المقبلة بإرسال شحنات من القنابل بقيمة تزيد عن 750 مليون دولار إلى السعودية. وذكر التقرير أن تسليم الأسلحة الأمريكية سيشمل 3000 قنبلة صغيرة الحجم و7500 قنبلة موجهة بدقة من طرازPaveway IV"" كما أوضح المسؤولون الأمريكيون أنه مع زيادة قدرة القوات الجوية السعودية بفضل هذه الذخائر، من المحتمل أن يزداد بيع الطائرات المقاتلة الأمريكية لهذا البلد. [2]
التعاون مع السعودية أم دعم إسرائيل؟
على الرغم من سعي الولايات المتحدة لتحسين علاقاتها مع السعودية النفطية من خلال إلغاء حظر بيع الأسلحة، فإنها تعمل أيضًا على اتفاق دفاعي وتبحث عن سبل لتعزيز تطوير البرنامج النووي غير العسكري للسعودية. ومع ذلك فإن الهدف الحقيقي للولايات المتحدة هو دعم حليفها الرئيسي في المنطقة، وهو الكيان الصهيوني من خلال تطبيع العلاقات بين تل أبيب والرياض. في الواقع، يأمل المسؤولون الأمريكيون أن يكون هذا الاتفاق جزءًا من معاهدة أوسع برعاية أمريكية لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، رغم أن الأمر يبدو متوقفًا على قرار السعوديين. ومع ذلك أكد المسؤولون الأمريكيون أن إلغاء حظر بيع الأسلحة الهجومية ليس له علاقة مباشرة بهذه المفاوضات.[3]
إزاحة المنافس الصيني من سوق السعودية
نقلت وكالة "رويترز" عن مسؤول رفيع في الحكومة الأمريكية أن السعودية والولايات المتحدة "اقتربتا من مجموعة من التنسيقات النهائية" لحزمة دفاعية تشمل أيضًا عناصر لدعم البرنامج النووي المدني للسعودية. وأشار المسؤول في الوقت نفسه إلى أنه تبقى بعض العقبات لعقد اتفاق إقليمي أوسع، من بينها الحاجة إلى تطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية بشرط تشكيل دولة فلسطينية.
وفقًا لهذا التقرير، إذا تم إنجاز مثل هذا الاتفاق، سيوافق محمد بن سلمان، ولي عهد السعودية، على تقييد استخدام التكنولوجيا الصينية في أهم الشبكات في بلاده، بشرط أن تستثمر الولايات المتحدة استثمارات كبيرة في مجالات الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمومية وتقدم الدعم للبرنامج النووي المدني في الرياض.[4]
خلاصة القول
في الوقت الحالي، يشير رفع الحظر المفروض على بيع الأسلحة الهجومية للسعودية إلى أن بايدن يهدف من خلاله إلى إظهار تجديد مكانة أمريكا في المنطقة، ومن جهة أخرى، يسعى في ظنه إلى دفع الرياض نحو التسوية مع النظام الصهيوني. وهي مسألة، بالطبع، تتفاقم بسبب الجرائم المتزايدة للنظام الصهيوني في غزة، وكذلك الجو العام المناهض للصهيونية والولايات المتحدة، مما يشكل عقبة كبيرة لتنفيذ ذلك. ومن المرجح أن قيادات الرياض لن تكون قادرة في النهاية على اتخاذ نهج التسوية بشكل علني، مما يجعل نتائج مثل هذا التحرك من قبل أمريكا تبقى غير واضحة.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال