الأوروبيّون على خُطى الأميركيّين: لا أموال إلّا بتزوير التاريخ 20

الأوروبيّون على خُطى الأميركيّين: لا أموال إلّا بتزوير التاريخ

في إطار الضغوط الأوروبية والأميركية المتواصلة على الفلسطينيين من أجل محو كلّ ما يرتبط بتاريخ بلادهم، اتّساقاً مع ما تتطلّبه «عملية السلام» المزعومة، بدأ الاتحاد الأوروبي تطبيق إجراءات تقشّف بحق «وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين»، من أجل إجبارها، ومعها السلطة الفلسطينية، على إدخال تعديلات على المناهج الدراسية من شأنه مسخ العديد من عناصر الهُوية الفلسطينية. ويأتي ذلك بينما باتت «الأونروا»، بالفعل، مكبّلة بـ»اتفاق إطار» أميركي، يقلّص، إلى حدّ بعيد، دائرة المستفيدين من خدماتها

تتواصل الضغوط الأوروبية والأميركية على منظومة التعليم الفلسطينية. فبعد مطالبة واشنطن بإزالة الدروس والعبارات التي وصفتها بـ«التحريضية على العنف»، جدّدت بروكسل مطالبتها بتعديل المناهج، مشترطةً إزالة بعض المصطلحات لاستمرار دعمها للسلطة الفلسطينية و«الأونروا».

وبحسب ما علمته «الأخبار» من مصادر فلسطينية، فقد أخطر مسؤولون في الاتحاد الأوروبي، الأسبوع الماضي، مسؤولين في «الأونروا»، بجملة ملاحظات ومطالبات بتعديلاتٍ في كتب المنهج التعليمي الفلسطيني، كشرطٍ لتقديم دعم مالي جديد للوكالة. وأشار المسؤولون الأوروبيون إلى أن لجنة الموازنات التابعة للاتحاد، أقرّت، أخيراً، تعديلاً على موازنتها لعام 2022 لناحية حجم التمويل الأوروبي للتعليم في الأراضي الفلسطينية، ما لم يتمّ تعديل الكتب الدراسية الفلسطينية. ويُلزم التعديل الجديد، «الأونروا»، باستخدام كتب دراسية تحضّ على «التعايش والتسامح مع اليهودي»، وتقبّل السلام مع إسرائيل، بما يتماشى مع الطرح الأوروبي لتسوية القضية الفلسطينية، على أساس «حلّ الدولتين».
وبحسب المصادر، فقد أمهل الاتحاد الأوروبي، الفلسطينيين و«الأونروا»، حتّى نهاية العام الدراسي 2022 لإنهاء التعديلات، مهدّداً بأنّه «إذا لم يتمّ إجراء التغييرات في خلال الفترة المذكورة، سيتمّ تحويل المخصّصات الأوروبية إلى منظمات غير حكومية فلسطينية، لها سجلّ حافل في تعزيز التعايش مع إسرائيل». وعليه، علّق الاتحاد الأوروبي منْح «وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين» 23 مليون دولار من المساعدات، إلى حين تغيير الكتب الدراسية التابعة للسلطة الفلسطينية. لكنّ «الأونروا» ردّت على بروكسل بأنها ليست المسؤولة عن المناهج التي تدرَّس في الأراضي الفلسطينية، وأن هذا الأمر مرتبط بوزارة التربية والتعليم الفلسطينية، التي تضع المناهج منذ عام 2006، بعدما استُبدل المنهاج المصري بمنهاج فلسطيني.

وربطاً بما تقدّم، من المتوقّع أن يجري عرض التعديل الجديد للتصويت العام، في شهر تشرين الثاني، ضمن التصويت على موازنة عام 2022، وذلك بعد إقراره من قِبَل لجنة الموازنة في بروكسل. وبحسب مقدّميه، فإن المشروع يهدف إلى حذف «خطاب الكراهية ومعاداة السامية والتحريض على العنف» من كتب السلطة الفلسطينية و«الأونروا». وحاجج هؤلاء بأن رواتب موظّفي الخدمة المدنية التربويين، الذين يموّلهم الاتحاد الأوروبي، والذين يقومون بإعداد كتب مدرسية فلسطينية، «يجب أن تكون مشروطة بمادّة تعكس قيَم السلام والتسامُح والتعايش».
وفي السياق ذاته، كشفت مصادر أوروبية أن التعديل الجديد قُدّم من قِبَل نائب رئيس لجنة الموازنة، أوليفيير شاستل، من حزب «رينيو يوروب» اليساري، بدعم من نائب الرئيس المشارِك، نيكلاس هيربست، من حزب «الشعب الأوروبي الوسطي»، وهو أكبر مجموعة في برلمان الاتحاد الأوروبي. وتتّهم الحكومة الفلسطينية، شاستل وهيربست، بانحيازهما الكامل إلى دولة الاحتلال، والتعامل بازدواجية مع القضية الفلسطينية، وذلك اتّساقاً مع اعتراضات قُدّمت إليهما، من قِبَل «معهد مراقبة السلام والتسامح الثقافي في التعليم المدرسي»، وهي هيئة رقابة إسرائيلية تحلّل المناهج الدراسية الفلسطينية.
من جهتهم، يرتكز الفلسطينيون في رفضهم لهذا التعديل، الذي استند إلى تقرير المعهد الإسرائيلي، على أن حكومة المملكة المتّحدة أقرّت، في عام 2018، بأن التقارير الواردة بخصوص المنهج الفلسطيني لم تكن موضوعية في نتائجها، وتفتقر إلى الدقّة المنهجية. وفي خطابه أمام الجمعية العامّة للأمم المتحدة، شجب رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، ما وصفه بـ«المعايير المزدوجة» المطبّقة على الفلسطينيين، ولكن ليس على إسرائيل، مستشهداً بقضية الكتب المدرسية التي تتمّ مراجعها وتدقيقها في ما يتعلّق بالجانب الفلسطيني، فيما لا يطالب أحد دولة الاحتلال بمراجعة مناهجها المليئة بالتحريض.

تعديلات منحازة
وتشمل التغييرات التي طلبها الاتحاد الأوروبي تعديلاً في كتاب مادّة الرياضيات للصفّ الثاني الابتدائي، عبر إزالة تمرين تُذكر فيه كلمات «الاحتلال والمسجد الأقصى والحواجز الأمنية». وفي الصفّ الثالث الابتدائي، اشتُرط إلغاء تمرين يتعلّق بيوم الأسير الفلسطيني، في مادة التربية الوطنية تحديداً. كذلك، طالب الأوروبيون بتعديل في كتاب الرياضيات للصفّ الرابع الابتدائي، وإزالة خريطة فلسطين من أحد دروس اللغة العربية للصفّ نفسه، واستبدال عبارة «القدس عاصمة فلسطين»، بعبارة «القدس مدينة الديانات السماوية». وشملت التعديلات المطلوبة، أيضاً، استبدال خريطة فلسطين التاريخية في كتاب اللغة العربية في الصفّ الثاني الابتدائي، بصورة تدلّ على «الجبال والتلال»، وإزالة صورة جندي إسرائيلي محتلّ من أحد الدروس في الكتاب عينه، إضافة إلى إزالة صورةٍ لجدار الفصل العنصري واستبدالها بصورة لشلّال، في أحد دروس اللغة العربية في كتاب الصفّ الأول الابتدائي. 

المصدر: الأخبار

لا توجد تعليقات لهذا المنصب.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال