الأيام الحاسمة لانتخابات أمريكا والتوتر في منطقة غرب آسيا
بينما تقترب المنافسة في انتخابات الرئاسة الأمريكية من مراحلها الحساسة والنهائية تشير نتائج استطلاعات الرأي الأخيرة إلى أن لا أحد من المرشحين يتمتع بميزة واضحة على الآخر. في فترة الانتخابات أظهرت نتائج استطلاع معهد "مين ستريت" بتاريخ 29اكتوبر أن الوضع الحالي على المستوى الوطني يُقدّر أن هاريس حصلت على 48% من الأصوات وترامب على 47%. بينما اختار 2% مرشحين آخرين و3% كانوا غير حاسمين.
في هذا الاستطلاع أظهر أن 45% يفضلون الحزب الديمقراطي و46% يفضلون الحزب الجمهوري و1% يفضلون أحزابًا أخرى، بينما 8% لم يكونوا مؤيدين لأي حزب. هذه البيانات تشير إلى أن هذا التوجه المستقل وغير الحاسم قد يكون لهما دور مفصلي، حيث استطاع الديمقراطيون جذب جزء أكبر من أصوات المستقلين نحوهم. هذه المسألة جعلت توقع نتيجة الانتخابات النهائية أمرًا صعبًا. ومن الملاحظ أن انتخابات الرئاسة الأمريكية لعام 2024 تعتبر مهمة للغاية ليس فقط للشعب الأمريكي بل للعالم كله.[1]
يجب أن نلاحظ أن النظام الانتخابي الأمريكي فريد، وفي بعض الأحيان فيه عيوب، إذ من بين 51 ولاية هناك ما يصل إلى سبع ولايات تُعتبر نتائجها غير محسومة، بينما غالبية الولايات الأخرى تميل تقليديًا إلى أن تكون جمهورية أو ديمقراطية، مما يعني أن ست أو سبع ولايات فقط تعين نتيجة الانتخابات. من جهة أخرى فإن أصحاب بطاقات الانتخاب هم من يحددون في النهاية من سيكون الرئيس؛ لذلك فإن النظام الانتخابي الأمريكي هو نظام ذو مرحلتين. على سبيل المثال في الانتخابات السابقة حصلت هيلاري كلينتون على ثلاثة ملايين صوت أكثر من ترامب، لكن ترامب كان لديه بطاقات انتخابية أكثر وأصبح الرئيس. بشكل عام عندما نتحدث عن استطلاعات الرأي، فإننا نعني ما هي أصوات الناس العاديين، بينما مسألة بطاقة الانتخابات تعتبر عاملاً حاسمًا.[2]
ومع ذلك فإن هذه الانتخابات ذات أهمية خاصة لمنطقة غرب آسيا، حيث استغلت حكومة إسرائيل فرصة هذه الانتخابات لتوسيع الصراع. كلا المرشحين الرئاسيين في الولايات المتحدة يسعيان لكسب أصوات اليهود واللوبيات الصهيونية، وقد قدموا تنازلات لنتنياهو ولم يوجد أي ضغط للتحكم في التوترات وإدارتها في المنطقة ضد نتنياهو.
على الرغم أنه من الواضح أن إسرائيل هي حليف استراتيجي للولايات المتحدة، فإن هذا الحلف يعني أن الطرفين مرتبطان بأقصى درجة ممكنة في جميع المجالات. حيث يوجد ارتباط على أعلى مستوى بين إسرائيل وأمريكا، وبالتالي سواء فاز ترامب أو هاريس في الانتخابات، سيبقيان داعمين تمامًا لسياسات نتنياهو؛ كما أن بايدن على الرغم من الجرائم العديدة لإسرائيل يدعم هذا النظام بشكل كامل.
لقد وعدت هاريس بالاستمرار في دعم بايدن غير المشروط لإسرائيل، لكنها كانت أكثر إصرارًا في دعوتها لإنهاء الحرب وقبولها لمعاناة الفلسطينيين.
ومع ذلك ليس من الواضح ما إذا كانت فوزها سيقلص من زمن حروب منطقة غرب آسيا أم لا. أولاً سيبقى بايدن رئيسًا حتى نهاية يناير. يمكن تصور أنه مع ضمان فوز الديمقراطيين، قد يمنح إسرائيل حرية أكبر في توجيه الضغوط على إيران وقوى المقاومة؛ أو قد تشعر إسرائيل بدورها بأنها تستطيع تجاهل ضعف حكومتها.
وماذا لو فاز ترامب؟ في مناظرة الانتخابات الرئاسية في يوليو، قال إنه يجب السماح لإسرائيل "بانهاء عملها في غزة". كما قال في 4 أكتوبر: "يجب على إسرائيل ضرب المواقع النووية في إيران".[3]
لكن لا يمكن اعتبار أي من هذه التصريحات الانتخابية صحيحة تمامًا. إن هذه المواقف تمثل جهدًا لجذب انتباه اللوبيات الصهيونية واليهود الأمريكيين. بعد الانتخابات يبدو أن الأيادي الحكومية والسياسية الأمريكية ستظل مفتوحة للضغط على نتنياهو لتقليل التوتر. يعرف الأمريكيون جيدًا أن توسيع نطاق التوتر في منطقة غرب آسيا سيؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط العالمية ومنتجاتها مثل البنزين. إن ارتفاع أسعار البنزين وحده يمكن أن يتسبب في العديد من الأزمات الداخلية في البلدان الغربية والأوروبية. بالتأكيد لم ينس الأمريكيون أن ارتفاع أسعار البنزين أدى لسقوط حكومة بوش الأب وتسبب في مشاكل عديدة للولايات المتحدة.
ولذلك فإن أحد الأسباب التي يمكن القول بها أن الانتخابات الأمريكية حساسة، بغض النظر عما إذا كانت النتيجة هي فوز هاريس أو ترامب. هذه هي قضية الحرب في الشرق الأوسط والتوترات التي ينشرها النظام الإسرائيلي. لكن هل تختار واشنطن الاستمرار في إجراءاتها السابقة ودعم النظام الإسرائيلي لتوسيع التوتر أم الالتفات إلى وضعها الداخلي وأزمات توسع التوتر في منطقة غرب آسيا وعدم إشعال نار الحرب أكثر من هذا؟ وهي مسألة سيتم تحديدها بعد الانتخابات الرئاسية وتنصيب الرئيس الأميركي الجديد.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال