الإمارات والسعودية رعاة التخريب والارهاب في المنطقة.. السودان آخر الضحايا
لطالما كانت كل أشكال النزاع والصراع في أي بلد في العالم نتيجة لتدخل أذرع خارجية تدير الصراع وفقا لمصالحها واهوائها، فالدول التي توصف بالعظمى لها أذرعها وأدواتها في المنطقة العربية أيضا بهدف نشر الفوضى الخلاقة التي تحاول أن تنشرها أمريكا.
فلا يمكن تجاهل دور القوى الخارجية في تأجيج الصراع داخل السودان، إذ لم يعد خافياً على أحد أن دولاً بعينها تدعم أطرافاً داخل السودان سواء على المستوى السياسي او العسكري أو اللوجستي منها دول عربية ودول غربية مما يُساهم في استمرار الحرب ويُعيق جهود السلام، ولعل أحد تجليات هذا المشهد تلك الشكوى التي قدمتها بعثة السودان في الأمم المتحدة ضد دولة الإمارات وهو ما يؤكد الفكرة التي بدأنا بها التحليل.
فمنذ اندلاع ثورات ما يسمى "الربيع العربي" أصبحت الإمارات تلعب أدواراً مهمة ومؤثرة في تبني محور "الثورة المضادة" مما أسهم بشكل فاعل في تمخض نتائج سيئة ومدمرة لتلك الثورات، ولم تتوقف التدخلات عند هذا الحد وإنما امتد تورطها في دعم جماعات انفصالية في كلٍ من اليمن وليبيا،
ووقتها أصبح الدور الإماراتي واضحاً في السودان حيث كان نظام الرئيس السابق (عمر البشير) يعاني من إشكالات وتحديات اقتصادية بعد انفصال جنوب السودان الذي كان يضم الكميات الأكبر من آبار النفط، مع الأخذ في الاعتبار أيضاً العقوبات الأمريكية على نظام المؤتمر الوطني لذا اعتقد نظام الرئيس السابق (عمر البشير) بأن التقارب مع الإمارات العربية المتحدة سيكون مدخلاً مهماً للتطبيع مع الغرب.
عندما فرضت الولايات المتحدة الأمريكية وبعض القوى والمنظمات الدولية عقوبات على النظام الحاكم في السودان وجد النظام نفسه أمام تحدي حقيقي في مسائل الاستيراد والتصدير لاسيما بأن السودان دولة بحاجة إلى استيراد قدر كبير من الاحتياجات اليومية فضلاً عن تصدير الموارد الخام ومن أهمها الذهب بحيث تراجعت صادرات النفط بعد انفصال جنوب السودان،
حيث كان الاعتماد على نافذة دبي في الإمارات العربية المتحدة بشكل مستمر في تصدير الذهب والحصول عوائد مالية بالعملات الحرة، فالسودان من أهم الدول المصدرة للذهب فوجود نظام سياسي مستقر يعبر عن إرادة الشعب السوداني سيكون عائق أمام حصول الإمارات العربية المتحدة على الذهب السوداني بطرق شرعية أو غير شرعية لان النظام قادر على تسويق الذهب السوداني بالقنوات الرسمية، وسيؤثر على دور دبي بشكل سلبي في تجارة وصناعة الذهب عالمياً.
وتعود أهمية السودان في المنطقة إلى أنه "جسر يربط الشرق الأوسط وأفريقيا، وموارده الطبيعية الوفيرة تعني أن معركة الخرطوم اتخذت بعدا إقليميا".
ولهذا السبب اعتبرت كلا من السعودية والإمارات، الدولتان الخليجيتان ذات الثقل الأكبر أن "الحرب فرصة لترسيخ مكانتهما المهيمنة في الشرق الأوسط، وبينما تدعم السعودية البرهان، تدعم الإمارات حميدتي".
إن الرياض وأبوظبي، وكلاهما عضو في مجلس التعاون الخليجي، كانا حليفين ظاهريين لعقود، لكن علاقتهما الحالية أصبحت تتعلق بالمنافسة على السيادة الإقليمية التي تتصاعد الآن وفي في السنوات الأخيرة، وسعت السعودية والإمارات من المنافسة بينهما لتشمل أفريقيا، خاصة السودان لما تتمتع به من موقع استراتيجي وموارد متعددة.
وقد لعبت دول الخليج الفارسي دورا مهما في السودان منذ الإطاحة بالبشير، ومولت أبوظبي والرياض على الفور المجلس العسكري الانتقالي الذي تولى السلطة، بما قيمته 3 مليارات دولار من المساعدات.
تلك الحرب التي تدور رحاها بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بدعم اماراتي وسعودي خلفت نحو 17 ألف قتيل، وأحدثت دمارا اقتصاديا قدرت خسائره بمليارات الدولارات، وأوجدت وضعا إنسانيا وصف بالأكثر مأساوية في العالم حيث شردت الملايين من منازلهم وأدخلت 25 مليونا في دائرة الجوع، وسط مخاوف من تحولها إلى حرب أهلية شاملة، بحسب أحدث تقرير لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق المساعدات.
تتفاقم المخاوف من تدهور الأوضاع الإنسانية بشكل أكبر في ظل انكماش مساحات الملاذات الآمنة للفارين من مناطق القتال. واتسعت رقعة الحرب بشكل لافت خلال الفترة الأخيرة لتشمل أكثر من 70 بالمئة من مساحة البلاد، حيث انتقل القتال من الخرطوم إلى دارفور وكردفان في الغرب والنيل الأبيض في الجنوب وولايتي الجزيرة وسنار في الوسط والجنوب الغربي.
ورسم تقرير صدر عن الأمم المتحدة صورة قاتمة عن الأوضاع الإنسانية في البلاد. وقال التقرير إن السودان يواجه واحدة من أسرع الأزمات التي تتكشف على مستوى العالم، حيث يحتاج نحو 25 مليون شخص - منهم أكثر من 14 مليون طفل - إلى المساعدة والدعم الإنساني.
ووفقا للتقرير فإن 17.7 مليون شخص - أكثر من ثلث سكان البلاد - يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، من بينهم 4.9 مليون شخص على حافة المجاعة. وأشار التقرير إلى فرار أكثر من 8.6 مليون شخص – حوالي 16 بالمئة من إجمالي سكان البلاد – من منازلهم منذ بدء النزاع.
إن دعم الإمارات لقوات الدعم السريع أدى إلى نتائج عكسية لمصالحها كما قوضت الحرب الأهلية جهود الإمارات لمكافحة الإسلام السياسي في السودان. وظل البشير، الذي استولى على السلطة عام 1989 بدعم من الحركة الإسلامية في السودان، مخلصاً لحلفائه الإسلاميين حتى سقوطه. كما حافظ على علاقاته مع قطر، منافس الإمارات وشركائها الخليجيين، الذين اتهموها برعاية “الإرهاب”.
إن أشكال التخريب في الدول العربية هي دائما برعاية إماراتية وسعودية وقطرية ظنا منها أنها بهذا ستحكم قبضتها بشكل أكبر على الشرق الأوسط إلا أنه تجري رياح التغيير عكس ما تشتهي السفن في الدول الداعمة للتخريب والإرهاب.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال