تحدّثت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية، في مقال، عن تصاعد التوترات بين الإسرائيليين المتدينين والعلمانيين في "إسرائيل" منذ أن تولت حكومة بنيامين نتنياهو الجديدة منصبها في كانون الأول/ديسمبر الماضي.
وأوضحت الصحيفة أنّه "مع تمتع الأحزاب الأرثوذكسية المتطرفة الآن بسلطة غير مسبوقة في حكومة نتنياهو الجديدة، وتأديتها دوراً رئيسياً في خطة مثيرة للجدل في دعم التعديلات القضائية - فإنّها تزيد من المخاوف بين الإسرائيليين العلمانيين من أنّ شخصية ومستقبل إسرائيل مهددان".
ولفتت "الإندبندنت" إلى أنّ "مجتمع الحريديم، اكتسب بفضل نفوذه السياسي الفائق، ميزانيات ضخمة يقول النقاد إنّها سترسخ أسلوب حياتهم المعزولة وتضعف الآفاق الاقتصادية لإسرائيل".
في هذا السياق، بيّنت الصحيفة أنّ "المتشددين في "إسرائيل"، المعروفون باسم الحريديم، يشكلون 13% من الإسرائيليين البالغ عددهم 9.7 مليون نسمة"، مشيرةً إلى أنّ "مجتمع الحريديم ينمو بشكل أسرع من أي مجموعة أخرى، بنحو 4% سنوياً".
وأضافت أنّه "لطالما كان مجتمع الحريديم المنعزل على خلاف مع الأغلبية العلمانية، حيث اشتبك بشأن التجنيد العسكري، واندماجهم في القوى العاملة والمبادئ الأساسية التي توجه حياتهم".
وبحسب "الإندبندنت"، فقد "أثارت الاختلافات العديدة بين الإسرائيليين المتدينين والعلمانيين غضب "إسرائيل" طوال 75 عاماً"، مردفةً أنّ "الشعور بين الإسرائيليين العلمانيين بأنّ أسلوب حياتهم قد ينتهي شهد ازدياداً في ظل حكومة نتنياهو".
وفي وقتٍ سابق، ذكر موقع "UNHERD" البريطاني أنّ من المرجح أن تشهد "إسرائيل" صعود محور جديد يركّز على القضايا الدينية - العلمانية، التي "ستوحد المعتدلين والمتشددين من اليسار والوسط وحتى الإسرائيليين العلمانيين من يمين الوسط تحت راية مقاومة جديدة لتدين إسرائيل".
وأوضح الموقع، في هذا الخصوص، أنّ اليسار العلماني في "إسرائيل" شهد للمرة الأولى أعمق مخاوفه الديمغرافية "مع بلوغ معدلات المواليد الأرثوذكسية المتطرفة (الحريديم) ما يقارب 7 ولادات لكل امرأة، أي ما يقارب 3 أضعاف معدل المواليد الإسرائيليين العلمانيين".
وأضاف "UNHERD" أنّ "التفوق الانتخابي للفصيل الديني في "إسرائيل" تبعاً للبيانات السابقة هو نتيجة محتومة فعلياً، في حين أنّ اليسار العلماني يعرف هذا منذ بعض الوقت، إلا أنّ ذلك لم يكن حقيقة سياسية من قبل كما هو الآن".
وبحسب الموقع، فإنّ "الإسرائيليين العلمانيين الذين ما زالوا يشكلون نحو 45% من المجتمع الإسرائيلي، لن يقفوا مكتوفي الأيدي فيما يتكشف هذا الاتجاه طويل الأمد، فمن الممكن رؤية إعادة تنظيم سياسي يغير المحور السياسي التقليدي".
وأضاف: "من خلال تحقيق هذه القفزة بالتحديد إلى الوسط، قد يعاود اليسار الإسرائيلي الظهور كقوة سياسية"، مشيراً إلى أنّها "لحظة فاصلة، إذ يرى الإسرائيليون العلمانيون في حركة الاحتجاج دليلاً على أنه عندما يتم توحيدهم سياسياً، قد تظل قوتهم الديموغرافية سليمة".
من هم الحريديم؟
الحريديم طائفة يهودية متطرّفة تُطبّق الطقوس الدينية من خلال التفاصيل الدقيقة للشريعة اليهودية. وقد سمتها الصحافة الإسرائيلية "أمهات الطالبان".
وكلمة "حريديم" هي جمع لكلمة "حريدي" وتعني "التقي". والحريديم يرتدون عادةً أزياء يهود شرقي أوروبا، وهي معطف أسود طويل وقبعة، إضافةً إلى "الطاليت"، وهو شال خاص بصلاة اليهود غالباً ما يكون أبيض اللون.
ويُطلق رجال الحريديم ذقونهم حتى تصل إلى صدورهم، ويُرسلون شعورهم، وتتدلى من خلف آذانهم خصلات شعر مجدولة. أما نساء الحريديم، فيرتدين لباساً يكاد يطابق البرقع.
ووفقاً لبيانات دائرة الإحصاء المركزية لعامي 2018-2019، فقد بلغ عدد اليهود المتدينين في "إسرائيل" مليوناً و250 ألفاً، وتسكن في القدس المحتلة النسبة الكبرى منهم بواقع 36%.
وتبلغ نسبة الحريديم 13.6% من مستوطني كيان الاحتلال، ويتضاعف عددهم كل 10 أعوام، ومن المرجّح أن تكون نسبتهم عام 2028 أكثر من الخمس، وفي عام 2059 ستتخطى نسبتهم 34.6% من إجمالي عدد المستوطنين.
ويبلغ متوسط عدد المواليد في الأسرة الحريدية 10 أطفال فما فوق. ويتزوج 85% من الرجال الحريديم من المجتمع نفسه، ولا يعمل 50% من هؤلاء، بل يقضون معظم أوقاتهم في المدارس الدينية. أمّا النساء، فيخرجن للعمل في أماكن قريبة من سكنهن في المجالات المختلفة.
ويقول روغل آلفر في صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية إنّ نسبة الولادات الحريدية مشكلة تُهدّد وجود "إسرائيل"، ويرى أنّ "إسرائيل العلمانية"، الطامحة إلى ازدهارٍ اقتصادي كبير ، لن تصمد مع نسبة الولادات الحريدية في العقود المقبلة.
ويردف آلفر أنّ "الجمهور الحريدي يستخدم الولادات سلاحاً في حربه على الجمهور العلماني للسيطرة على "إسرائيل". لذلك، يخشى الجمهور العلماني التمدد الحريدي الحثيث".
المصدر: الميادين
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال