شهدت الأراضي الفلسطينية المحتلة خلال الأيام الماضية عدة أحداث، أثارت قلق الكيان الإسرائيلي من احتمالية نشوب انتفاضة جديدة قد تكون هذه المرة مختلفة في أبعادها وأشكالها فمن الأخبار التي تدور عن انتفاضة السجون وحتى انتفاضة النقب ووصولاً إلى حي الشيخ جراح قد تمثل انتفاضة واسعة وبشكل جديد تشمل كل الأصعدة وكل الأراضي الفلسطينية.
انتفاضة النقب
يعاني الكيان الصهيوني هذه الايام من قلق كبير بسبب الغضب الفلسطيني في الاراضي الفلسطينية المحتلة وخاصة في النقب المحتل، فالإجراءات حكومة الاحتلال برئاسة نفتالي بينيت، التي تمثلت بالتعسفات الهمجية ضد المعتقلين في السجون، وممارسات القمع التي يعتمدها كيان الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني، عملت على ايجاد تحركات وإطلاق تهديدات تجاه هذا الكيان من قبل أبناء الشعب الفلسطيني، ونتيجة لذلك بات القلق يستولي على أقطاب هذا الكيان من بدء انتفاضة جديدة كردة فعل على ما يقوم به من جرائم.
ظهرت حالة الارباك والقلق لدى كلاً من القيادتين السياسية والعسكرية للكيان الغاصب من خلال وسائل الإعلام الصهيونية، حيث أوضحت أن الكيان الصهيوني يعاني من تخوف كبير وازمة خانقة خوفاً من أن اندلاع لأي انتفاضة جديدة والتي قد تعمل على ايجاد تحولاً كبيراً في حالة المواجهة مع العدو الغاصب وقد تؤدي إلى سقوط هذا الكيان.
اهمية النقب المحتل، الدلالات والتداعيات لأي انتفاضة هناك
رغم قساوة وضراوة الاجراءات التي يمارسوها الصهاينة، الا انهم يعلمون يوماً بعد اخر انهم عاجزين امام إرادة الشعب الفلسطيني، حيث ذكرت تقارير صهيونية ان كيان الاحتلال يواجه تحدياً كبيراً وخطيراً الا وهو حدوث انتفاضة جديدة تبدأ شرارتها من النقب المحتل، ثم تمتد إلى باقي مناطق الضفة والقطاع في فلسطين المحتلة.
وفي هذا السياق صرحت وسائل الإعلام الصهيونية أن الكيان حذر من انتفاضة النقب، حيث شبهها بسقوط “تل أبيب”، جاء ذلك بتاريخ 17/2/2022، من خلال صحيفة “معاريف” الإسرائيلة، حيث كشفت عن مخاوف لدى الاحتلال “الإسرائيلي” ما يجري في النقب المحتل، الذي انتفض مُؤخراً رفضاً لإجراءات حكومة الاحتلال برئاسة نفتالي بينيت.
”يوآف غالنت” النائب “الإسرائيلي” عن حزب “الليكود” اليميني المعارض “الوزير السابق والجنرال “حذر مما يجري في النقب الفلسطيني المحتل، الذي يشهد حالة من التوتر؛ نتيجة رفض الفلسطينيين في الداخل سياسات حكومة الاحتلال برئاسة نفتالي بينيت، التي تستهدف طردهم من أراضيهم ومنازلهم. وقال غالنت: “إذا سقط النقب، ستسقط “تل أبيب”،
ايضاً الكاتب “أوريت ميلر-كتاب” في مقال له نشر بصحيفة “معاريف”، أكد على أقوال النائب، وزعم أنها “أقوال صحيحة”. ورأى ميلر أن “ما يحصل في النقب اليوم هو نتيجة إهمال، مضيفاً: “لقد سبق أن قيل كثيراً عن الفوارق بين المركز والمحيط في كل ما يتعلق بشروط الحياة وإمكانيات التشغيل، لكن الأعمق منها مشكلة إنفاذ القانون”. وزعم أن “عدم كفاية البنى التحتية، وغياب جواب صحي مناسب لسكان الجنوب، لا يبرر العنف المستشري، النار منفلتة العقال من السيارات المسافرة والبناء بلا تراخيص وغيرها، وهذا كله نتيجة فقدان القدرة على الحكم، وما يجري يمس بمنطقة الجنوب”.
وأضاف : “من مثل غالنت يعرف الجنوب، زعيم مع سيرة ذاتية غنية ومليئة بالإنجازات، وضمن أمور أخرى في ضوء خدمته العسكرية في الجبهة كقائد المنطقة الجنوبية، كما واجه هذه الفوارق خلال عمله في المناصب التي تسلمها كوزير البناء والإسكان ووزير التعليم”.
على الرغم من أن جبهة فلسطين، لها ساحاتها المتعددة، إلا أن التحذّيرات في الأوساط الإسرائيلية من حدوث انتفاضه في النقب المحتل يرجع إلى اهمية منطقة النقب ودورها في مواجهة الاحتلال الصهيوني، حيث تعتبر منطقة النقب المحتل من إحدى أهم الساحات تأثيراً في الصراع مع العدو الصهيوني، لأنها ساحة فلسطينية في الأراضي المحتلة عام 1948، وهي ذات أهمية استراتيجية، فهذه المنطقة الواقعة شرقي مدينة بئر السبع المحتلة، تبرز أهميتها من عدة جوانب، أبرزها أنها تشكل ما يقرب من نصف مساحة فلسطين، بواقع 16 ألف كلم مربع. وتُعتبر المنطقة حيوية، من حيث إنها تضم أهم القواعد العسكرية الاستراتيجية للعدو، ومرافقه الأمنية الحساسة، وشبكة الطُّرق التي يسلكها جيش العدو وأرتاله العسكرية، والتي تحيط بها القرى الفلسطينية البدوية في النقب. وقد صنّفها العدو الإسرائيلي على أنها تهديد استراتيجي يفوق خطره تهديد الصواريخ، وذلك منذ أحداث أيار/مايو 2021.
ومن المعروف أن العام الماضي حركات المقاومة، أشارت إلى أن صمود أهالي النقب هو أحد نتائج معركة “سيف القدس”. فصمود الأهالي في النقب المحتل، وتصديهم لمخططات الاحتلال، واستبسالهم في الدفاع عن أرضهم، كان أحد مفاعيل معركة سيف القدس التي بثت روح المقاومة في نفوس الشعب الفلسطيني، وأشعلت جذوتها في كل الساحات، حيث إن جذوة المقاومة في النقب والشيخ جراح ومختلف المناطق والمدن تثبت أن الشعب الفلسطيني قادر على إرباك الاحتلال والتصدي لمخططاته وإفشالها”
انتفاضة الشيخ جراح
منذ أكثر أسبوع تنشغل وسائل الإعلام الصهيونية بما يجري في الشيخ جراح، وتذكر شهر رمضان القريب باعتباره الشهر الذي تفجرت فيه تلك الانتفاضة العارمة العام الماضي، وتُحذر من سيناريو مشابه، وذلك بعد أن أقدم المأفون إيتمار بن غفير على نقل “مكتبه” إلى هذا الحي المستهدَف، ما أشعل مواجهات جديدة مع أهالي الحي والمتضامنين معه. والهجوم المتواصل على هذا الحي ليس إلا فصلا من فصول المخطط الاستعماري الأكبر، ألا وهو حسم مسألة السيادة على عاصمة فلسطين، كل فلسطين، العتيدة.
ومن مؤشرات القلق الجدي من هذا السيناريو هو انشغال المؤسسة الصهيونية الرسمية نفسها بإمكانية حدوثه، فعندما يطلق رئيس حكومة المستوطنين الأكثر تطرفًا، نفتالي بينيت، تحذيره لعضو الكنيست الموتور بن غفير من مغبّة التسبُّب بانفجار الوضع، بسبب تصرفاته الرعناء، يعني أنها تقرأ ما يعتمل تحت السطح من غضب وغليان، وأنها تأخذ الأمر بجدية.
خلاف الحكومة الحالية مع بن غفير هو شكليّ، وهو تنافُس داخلي على وتيرة سير المشروع الاستيطاني الاقتلاعي، وفي سياق الصراع داخل اليمين الاستيطاني على قيادة النظام، ومواصلة تنفيذ المخطط التهويدي. وبالنسبة لحكومة بينيت، ففي هذه الحالة العربية والدولية المريحة، لا يحتاج كيان الأبرتهايد لمواجهات ومنغصات طالما أن مشروعه الإجرامي يمضي دون مساءلة دولية، وطالما التيار العربي المتصهين، سواء ذلك الجزء المندمج في حكومته، أو تلك الأنظمة العربية السافلة التي انضوت تحت قيادته ومتفاهمة معه.
وإلى السؤال الأهم، وهو سؤال متعلِّق بالفعل الفلسطيني والحيوية التي تتكشف عند كل منعطف في طلائع نامية وصاعدة من أبناء وبنات شعبنا، تنجح في إحداث هزة في الوعي الصهيوني العام، وتوقظه من أوهامه بأنه أخمد روح الثورة ورسَّخ روح الاستسلام، التي تبثها القيادة الرسمية؟
إن التخوّف الذي تعبّر عنه المؤسسة الصهيونية من حدوث سيناريو انتفاضة جديدة في أقل من عام، يعكس ما تركته “انتفاضة الأمل والكرامة” من جرح غائر في الذهنية الصهيونية، ومن تآكل في قُدرة الردع، وفي المكانة الدولية، خاصة بين الشعوب.
أما فلسطينيًا، فإن ذلك يؤشر إلى تماسُك أهالي الشيخ جراح، ومواصلة التضامُن معهم، وقدرتهم اللافتة على التواصل مع دوائر دولية، تعلن رسميا أنها تعارض انتهاك القوانين الدولية وحقوق الإنسان.
انتفاضة السجون
قام الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي، بـ إغلاق كل الأقسام في السجون، فيما وصلت قوات الاحتلال الإسرائيلي انتهاكاتها في حي الشيخ جراح بالقدس المحتلة، أجبرت شرطة الاحتلال، الناشط المقدسي محمد أبو الحمص على الخروج من حي «الشيخ جراح» بالقدس المحتلة.
أغلق الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي، كل الأقسام في السجون، ضمن خطواتهم النضالية المستمرة احتجاجا على إجراءات إدارة السجون التي أقرتها مؤخرا.
وكانت سلطات سجون الاحتلال الإسرائيلي، اتخذت في وقت سابق، إجراءات جديدة تمثلت في حرمان من زيارة الأهل والكنتين، ومحاولتها إجراء تغيير واسع على نظام الفورة.
وأضاف «نادي الأسير»، أن خطوات الأسرى لاحقا ستكون مرهونة برد إدارة السجون على مطالبهم.
بدورها، أدانت وزارة الخارجية الفلسطينية، حرب الاحتلال المفتوحة وعدوانه المتواصل على الأرض الفلسطينية والوجود الفلسطيني فيها، بما في ذلك عمليات التطهير العرقي المتواصلة وعمليات القمع والتنكيل والقتل خارج القانون والعقوبات الجماعية.
إن تسارع الأحداث على ساحة القضية الفلسطينية بدءاً من مسيرة حزب الله التي جابت أرجاء فلسطين ووصولاً إلى حي الشيخ جراح الذي يقلق الاحتلال وحتى النقب التي تصيب الخاصرة الرخوة للكيان الصهيوني كل هذه الأمور تبشر أن المقاومة ضد الاحتلال ومهما طال الزمن هي السبيل الوحيد لاسترجاع الحقوق المغتصبة وأن الاحتلال بكل أركانه يهتز من إنجازات حركات المقاومة ويخشاها ويقف على قدم واحدة وهو ينتظر ما ستؤول إليه الأحداث في قادم الأيام، ولا بد لهذه المقاومة النصر في نهاية المطاف.
المصدر: الوقت
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال