البحرينيون لا يسقطون في وحْل الخيانة 36

البحرينيون لا يسقطون في وحْل الخيانة

أكثر من عاميْن مرّا على توقيع اتفاق التطبيع بين النظام البحريني والكيان الصهيوني. الى اليوم، لم يحتفل إلّا آل خليفة بـ”إنجاز المُعظّم”. على الأرض كلّ شيء في المملكة الخليجية الصغيرة يُشير الى نبذ أيّة علاقة مع الاحتلال. الشعب ونُخبه ومُثقّفوه وعلماؤه وقياداته لن يكونوا بيئة حاضنة لأيّ مشروع يجمع الهوية البحرينية مع تلك الاسرائيلية.

بعيدًا عن المعاهدات التي تُبرم بين المنامة و”تل أبيب” منذ عام 2020 والزيارات المُتبادلة على كلّ المستويات، لا يخلو أسبوع من موقف أو تحرّك يكرّر لازمة: لا للتطبيع والبحرين لن تكون فلسطين جديدة.

على الرغم من لُعبة الدمى التي تهوى السلطة إتقانها عبر التحكّم بكلّ المشاهد في البلاد، إلّا أن خروقات كبيرة استطاعت نسْف تعويل آل خليفة على خضوع الشعب للأمر الواقع والتأقلم مع وجود الصهاينة.

يمكن التأكيد أن أبناء الديرة واعون جيّدًا لمخطّط تهويد دولتهم وكيف يستميت النظام من أجل الارتماء كليًّا في الحضن الاسرائيلي وتسليم أمر البلاد للأعداء. مشاريع التغلغل اليهودي والعمل على تخصيص أحياء للصهاينة بدءًا من منطقة باب البحرين وتمكينهم في المملكة أكثر فأكثر، وصولًا الى شراء عقارات من السكان الأصيلين بطرقٍ التفافية واحتيالية بات واضحًا بالنسبة للبحرينيين الغيارى على مصير وطنهم. من هنا، لا ينفكّ العلماء والنُخب وحتى مؤسّسات المجتمع المدني عن التحذير من خطورة الوضع في ظلّ فتح البلاد أمام أعداء الأمة.

عاليًا، صدح صوت المرجع الكبير آية الله الشيخ عيسى قاسم عندما نبّه باكرًا من مشروع التطبيع وبيع المنازل والأراضي لليهود كي لا تتحوّل البحرين من بلد إسلامي الى “بلدِ يهود ومُقيمين مُسلمين تحت التصرف”، الى أن يصل هؤلاء ليوم يُطردون من بلدهم.

على هذا الأساس، ثبّت الموقف المركزي الأسبوعي الذي يُطلق كلّ يوم جمعة في جامع الإمام الصادق (ع) في الدراز العقيدة الراسخة في عقول البحرينيين: التطبيع حرام والعلاقة مع الصهاينة لن تحصل.

العلامة الشيخ علي الصددي والعلامة الشيخ محمد صنقور يشدّدان في خُطب الجمعة على ضرورة نبذ التطبيع بكافة أشكاله. الأسبوع الفائت، أكد الصددي أن “التطبيع مع العدو الصهيوني لم يمسّ من سُمعتنا قيد شعرة، فقد عرف العالم كلّه وعرف العدو الصهيوني قبل كلّ أحد بأنّ شعب هذا البلد رافض للتطبيع ابتداءً واستمرارًا”.

صنقور أيضًا تحدّث بوضوح عن عمليات الاحتيال الجارية لشراء يهود غاصبين عقارات بحرينية أصيلة، قائلًا “البيْع لشيءٍ من العقارات للصهاينة الغاصبين بمثابةِ البيعِ للوطن”، داعيًا الدولة لـ”إصدار قانون يحظر بشكل قاطع على الملاك بيْع شيء من أصولهم لليهود”.

منذ عودة الصلاة المركزية في الدراز، رفْضُ العلاقات مع الصهاينة مستقرٌّ على حاله. الموت لـ”اسرائيل” شعارٌ مرفوع دائمًا في الجامع الكبير.

العالم البارز العلامة السيد عبد الله الغريفي أخذ على عاتقه توعية الأبناء والمواطنين من الخطر المُحدق بالبلاد، فقال بوضوح: “الاسرائيليون يسرقون أراضي البحرين كما سرقوا أراضي فلسطين”، وحثّ هؤلاء على عدم خسارة الدين والإيمان والتصدّي لكلّ المساومات، مُذكّرًا بأن العلماء يحرّمون التعاطي بكلّ أشكاله مع الكيان المعتدي الآثم، لافتًا إلى أنّ “هذه الحرمة مستمرّة حتى مع الواقع الذي يفرض الآن في البحرين التعامل والتعاطي مع هذا الوجود الدخيل عبر المؤسسات ومواقع التجارة، وهذه الحرمة صريحة لما لهذا التعامل من منتجات مدمرة جدًّا جدًّا على الدين والقيم والشعب والوطن”.

مدنيًا، لا يُلزم الاتفاق الموقّع بين النظام الرسمي والكيان الصهيوني أيّة جمعية مدنية، بل ترى فيه سببًا لاستكمال النشاط المُعارض للتطبيع. 23 جمعية مُتّفقة على مواكبة القضية الفلسطينية ومواجهة مشاريع التهويد التي تهدّد البحرين تحت عنوان “المبادرة الوطنية البحرينية لمناهضة التطبيع مع العدو الصهيوني”.

مؤخرًا مع الإعلان عن نيّة الصهاينة الاحتفال بعيد “الحانوكا” اليهودي في المنامة، خرجت الجمعيات للتعبير عن رفضها لأداء أيّة طقوس من هذا النوع في البلاد ومعارضة فرض التطبيع الإجباري على الشعب. لا يقف هذا التعبير عند حدود التعليق على هذه الفعاليات التي كانت مقرّرة وأُلغيت تحت ضغط الشارع، بعد خروج مظاهرات غاضبة في المملكة تحدّت إقامة طقوس “الحانوكا”، فالجمعيات تُتابع ما يجري في الأراضي المحتلة والاقتحامات للمسجد الأقصى والتعرّض لحُرمته من المُستوطنين.

على الرغم من أن هذه الجمعيات محسوبة بشكل أو بآخر على السلطة ولا يُمكن إدراجها تحت خانة المُعارضة السياسية للنظام، إلّا أن مواقفها تؤكد عجز آل خليفة عن إقحام الشعب في مشروع خيانتها لفلسطين وقضية المُسلمين.

العارفون يُدركون أن أرض البحرين الإسلامية لن تكون حضنًا للصهاينة. لا ترحّب بهم ولا بمخطّطاتهم مهما بلغت المؤامرة وتحالف النظام معهم. والى أن تُعلن السلطة عنوان سفارة الاحتلال بشكل جريء، سيبقى شعب المملكة مُهدّدًا للصهاينة كيفما حطّوا.

لطيفة الحسيني

لا توجد تعليقات لهذا المنصب.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال