يعتبر العراقُ أحد أهم البلدان التي تتجه إليها البضائع الأردنية على مدى السنوات الماضية (1)، حيث تشكل حوالي نصف صادرات الأردن إلى العراق. وقد تراجعت هذه العلاقات الاقتصادية الوثيقة في الأشهر الماضية بسبب الأداء المناهض للمقاومة في فلسطين من قبل الحكومة الأردنية، مما أدى إلى احتجاج الشعب العراقي على إجراءات الحكومة الأردنية. ويعمل البرلمان العراقي على إعداد مشروع قانون يهدف إلى تقليل الواردات من عمّان، وبالتالي يتظاهر بعملياته هذه ضد هذا السلوك المتبع من قبل هذا البلد. إن مسألة تقليص التبادلات الاقتصادية بين العراق والأردن هي مسألة مهمة للغاية، وسنستعرض أدناه أبعاد وأهمية هذا الموضوع.
أهمية القضايا الإقتصادية بالنسبة للدول العربية
إحدى القضايا التي توليها دول الخليج الفارسي أهمية كبيرة هي قضايا الاقتصاد. سيوجه العراق من خلال خطته لتقليل المبادلات الاقتصادية والتجارية مع الأردن ضربة قوية لهذا البلد. إن فكرة معاقبة الدول التي تعرقل قضية تحر فلسطين تزيد من أهمية مشروع البرلمان العراقي. يجب على الدول العربية في منطقة غرب آسيا أن تدرك أنه إذا استمرت في إجراءاتها السلبية تجاه قضية فلسطين، ستواجه عقوبات صارمة وهذا سيشجعها على تقليل أنشطتها التخريبية المتعلقة بفلسطين. إن الإجراء الشجاع للبرلمان العراقي سيؤدي إلى عواقب اقتصادية سلبية على الدول العربية الصغيرة في منطقة غرب آسيا.
ضغط الرأي العام
أدى المناخ العام الذي تشكل في معظم دول منطقة غرب آسيا بعد أحداث "طوفان الأقصى" وتبعات المجازر الوحشية التي ارتكبها النظام الصهيوني في فلسطين المحتلة إلى شعور عام بالغضب والنفوربشكل عام. وشهد الناس في المنطقة مقتل أبناء جلدتهم بينما رأوا حكوماتهم متواطئة مع آلة القتل الصهيونية. يمكن أن يكون هذا الجو السلبي الذي عاشه معظم الناس في المنطقة سببًا لاندلاع تحركات كبيرة من الجمهور لتغيير السياسات الغربية المعادية لفلسطين التي تتبناها حكوماتهم العاجزة. كما استقبل الرأي العام العربي العمليات العسكرية الإيرانية في ردع النظام الصهيوني بكل حماسة(2) وهذا قد يؤثر في تشكيل وعي إيجابي لدى شعوب الدول العربية للضغط على حكوماتهم لمتابعة سياسات دعم الشعب الفلسطيني.
رسالة إلى الدول الغربية
يمكن أن يكون إجراء البرلمان العراقي رسالة إلى الدول الغربية مفادها أنه إذا لم تتخذ خطوات ضرورية لوقف إطلاق النار ووقف قتل الشعب الفلسطيني ولبنان، فإن الخطوات التالية ستكون فرض عقوبات اقتصادية (نفطية) على الدول الغربية. لقد سبق أن جربت الدول العربية هذا النوع من العقوبات، وقد أحدثت أضرارًا جسيمة في الماضي. فقد قررت الدول العربية في عام 1973، مع بدء حرب العرب وإسرائيل، فرض حظر على صادرات النفط إلى الولايات المتحدة الأمريكية؛ مما سبب آنذاك ضربة اقتصادية قوية لواشنطن، التي كانت تستهلك كميات كبيرة من النفط تضاعف في عام 1973 نصفه تقريبًا و كان يتم استيراده من الدول العربية(3). من الممكن أن تعود الدول العربية لتنفيذ هذه الضربات القاسية، لكن المأساة أن جزءًا فقط من هذه الدول لا يزال متمسكًا بقضية فلسطين، بينما الكثير منها يخون ويتواطأ مع الدول الغربية.
الخلاصة
بشكل عام يجب القول إن إجراء البرلمان العراقي للضغط على الأردن يمكن أن يمثل بداية لخطوات كبيرة ضد الدول الداعمة للنظام الصهيوني، بشرط أن تعمل وسائل الإعلام العربية على دعم هذا الإجراء العراقي، مثلما فعلت عند فرض الحظر النفطي الذي وضع الولايات المتحدة في موقف صعب. يمكن لدول منطقة غرب آسيا وشمال إفريقيا، مثل قطر وعمان ومصر، أن تحذو حذو العراق في الضغط على الدول الخائنة لقضية فلسطين. إن الجماهير الشعبية في الدول العربية هي السند لهذا النوع من المبادرات، حيث يمكنهم من خلال التظاهرات والأنشطة الإعلامية إيصال رسالة إلى حكوماتهم مفادها أن أي إجراء ضد فلسطين سيواجه بردود فعل قوية من قبل الشعب. كما ستقل الإجراءات المناهضة للقضية الفلسطينية عندما تدرك الحكومات العربية تنامي هذا الضغط من قبل شعوبها، وقد تتجه كذلك إلى الضغط على الدول الغربية من أجل تحقيق وقف لإطلاق النار.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال