البنی التحتية الإسرائيلية وكابوس الحرب المستقبلية المحتملة 3

البنی التحتية الإسرائيلية وكابوس الحرب المستقبلية المحتملة

قبل معركة سيف القدس، اعتبر الصهاينة أن الخطر الأكبر على البنية التحتية للکيان الصهيوني هو صواريخ حزب الله اللبناني الدقيقة، والتي ألحقت هزيمةً مذلةً بالکيان الإسرائيلي في حرب الـ 33 يومًا.

في الواقع، ركزت جميع جهود الکيان منذ عام 2006 على تعزيز الجبهة الشمالية للاستعداد لأي حرب محتملة مع حزب الله، مع إعطاء فصائل المقاومة الفلسطينية الأولوية التالية.

اعتراف الصهاينة بعدم قدرتهم على الدفاع عن الجبهة الداخلية لإسرائيل

لكن الحرب الأخيرة في غزة واستعراض القدرات العسكرية للمقاومة الفلسطينية، فاجأ الصهاينة فأدركوا مدى خطأ حساباتهم.

يمكن لصواريخ المقاومة الفلسطينية الآن أن تضرب جميع الأراضي المحتلة ولها قوة تفجيرية عالية، ما يعني أن المنشآت العسكرية والاستراتيجية والبنية التحتية الإسرائيلية في مرمی نيرانها.

من ناحية أخرى، بعد رسم معادلة “القدس مقابل حرب إقليمية” من قبل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، أدرك القادة الإسرائيليون أن أي تحرك مناهض للفلسطينيين داخل القدس المحتلة أو أجزاء أخرى من فلسطين، يعني الدخول في حرب شاملة مع محور المقاومة، وهو ما يخشاه الصهاينة.

وفي هذا السياق، اعترفت مصادر رفيعة في المؤسسات الأمنية والعسكرية والسياسية، فضلاً عن عدد كبير من الخبراء الصهاينة، مرارًا وتكرارًا بأنه في أي مواجهة مستقبلية مع محور المقاومة ستتعرض البنية التحتية والجبهة الداخلية لإسرائيل للنيران بشکل کثيف، وأن الجيش لن يكون قادراً على حمايتهم.

ما هي البنى التحتية الإسرائيلية التي ستتعرض لنيران صواريخ المقاومة في الحرب المقبلة؟

يعتبر مفاعل ديمونا النووي من أهم الأهداف الإستراتيجية التي يمكن أن تستهدفها صواريخ المقاومة.

يقع هذا المفاعل على بعد 70 كم من قطاع غزة، وهو من أهم المنشآت في الأراضي المحتلة. وعلى مسافة أبعد قليلاً من هذه المفاعلات، توجد قواعد الشركات الإسرائيلية المنتجة للفوسفات وخامات اليورانيوم، والتي إذا أصيبت بصواريخ المقاومة، ستكون كارثةً كبيرةً لکيان الاحتلال.

کما يعدّ مطار نفتيم العسكري، الذي تستخدمه الطائرات الحربية الإسرائيلية من طراز F-16 لغارات جوية، أهم منطقة عسكرية للکيان الإسرائيلي يمكن استهدافها بصواريخ المقاومة.

مطار بن غوريون الدولي، الواقع في وسط الأراضي المحتلة، هو أيضًا أحد أهم البنى التحتية الإستراتيجية والذي يخشی الکيان استهدافه، وإذا وصلت صواريخ المقاومة إلى هناك ستتوقف الرحلات الجوية، ولهذا يغير الصهاينة مسار الطيران من وإلی هذا المطار بأي توتر يحدث.

الآن، مع زيادة مدى صواريخ المقاومة وتغطية جميع الأراضي المحتلة، أصبح مجمع حيفا للبتروكيماويات، الذي يضم عددًا من مصافي ومستودعات البتروكيماويات القابلة للتسرب، عرضةً للخطر.

يضم هذا المجمع مجموعةً من الأنابيب تحت الأرض لنقل الميثانول والبتروكيماويات والأمونيا وتخزين الإيثيلين، وكذلك عدداً من البنى التحتية لإنتاج النيتروجين ومياه الشرب والهواء المضغوط وأنظمة مكافحة الحرائق.

علاوةً على ذلك، في حال إطلاق صواريخ المقاومة بشکل کثيف من قطاع غزة، تصبح بعض المنشآت النفطية في الأراضي المحتلة معرضةً للخطر، وخاصةً تلك المخصصة لتكرير النفط ذات القابلية العالية للاشتعال.

كما تعتبر مخازن الطائرات المقاتلة وطائرات الركاب أحد أهداف صواريخ المقاومة، وإذا تم استهدافها فستحدث كارثة في الأراضي المحتلة، بسبب وجود کمية كبيرة من الوقود.

کذلك توجد في مدينة حيفا وتحديداً في منطقة “كريات حاييم” عشرات المستودعات التي تحتوي على 937 ألف متر مكعب من النفط الخام، ومخازن النفط الخام الثقيل والخفيف والديزل والكيروسين.

أيضًا، من أهم الأهداف الإستراتيجية في الأراضي المحتلة، والتي طالما قلق المحتلون بشأنها، مصفاة حيفا التي تلبي احتياجات إسرائيل النفطية.

تزوِّد مصفاة حيفا الکيان الإسرائيلي بالغاز الصناعي والاستهلاك المحلي، وتبلغ طاقتها التكريرية السنوية 13 مليون طن من النفط الخام، مما يجعلها واحدةً من أكبر مصافي النفط في العالم.

المنطقة الأكثر أمانًا في تل أبيب في مرمی صواريخ المقاومة

في وسائل الإعلام الصهيونية، وخاصةً عند بث الأخبار المتعلقة بجيش الاحتلال، والحديث عن اللقاءات التي تجري بين مسؤولي وزارة الحرب ورئيس الأركان العامة للجيش لتقييم أوضاع الصهاينة على مختلف المستويات، تتكرر لفظة “الكرياه” دائماً.

ولكن ما هي الكرياه وما هي المعلومات المهمة عنها؟

الكرياه في الواقع مقر عسكري للقيادة ومبنى وزارة حرب الكيان الصهيوني، تقع في وسط تل أبيب وفي منطقة سكنية في شارع كابلان.

وتضم هذه المنطقة المقر المركزي للکيان الصهيوني، فضلاً عن القاعدة المركزية لجيش الکيان والمعهد العسكري المسمى “إسحاق رابين”، رئيس الوزراء الأسبق في الكيان الصهيوني. والكرياه من أولى قواعد جيش الكيان ومقره الرئيسي منذ عام 1948.

ولأن هذا المركز يقع في بيئة مدنية كثيفة، ومهامه الرئيسية تشمل القيادة والإدارة والاتصالات والدعم، يعترف المسؤولون السياسيون والأمنيون في الکيان الصهيوني بأنه في أي حرب مستقبلية مع فصائل المقاومة، ستكون الكرياه أحد الأهداف الرئيسية.

إضافة إلى ذلك، فإن مقر وزارة الحرب، وهيئة الأركان العامة للجيش، وغرفة العمليات الجوية والبحرية، ومكتب المتحدث باسم الجيش، ومكتب الحاخام العسكري، ولجنة قبول الجنود، وغيرها من المقار المهمة في الجيش الصهيوني، كلها موجودة في هذا المركز.

يضم المركز أيضًا 22 مبنى كانت في السابق مقر هيئة الأركان العامة للجيش الصهيوني، وهي الآن مخصصة لقسم اللوجستيات. كما يوجد مطار للطائرات المروحية في الكرياه افتتح عام 2005 ويغطي مساحة 90 ألف متر مربع، وتبلغ تكلفة بناء هذا المشروع مليار ونصف “شيكل”(عملة الکيان الصهيوني).

ومن أبرز مواقع هذا المركز برج “مارجانيت”، وهو عبارة عن مبنى للمكاتب وأجهزة الاتصال. ويوجد أيضًا مبنيان من 18 طابقًا يعرفان باسم أبراج الكناري في المرکز، وهما يقعان في الجزء الشمالي الغربي من المركز ويتضمنان المكاتب العسكرية ومقرات القوات الجوية الإسرائيلية.

وتفيد وسائل الإعلام الصهيونية بأن الدوائر السياسية والأمنية للکيان الإسرائيلي، وبسبب الخوف من الدمار الكبير الذي سيحدث في أي حرب مقبلة مع محور المقاومة في مقر الكرياه، قررت بناء خمسة أبراج أخرى في هذا المركز وتقسيم مقرات الجيش الإسرائيلي في هذه الأبراج.

يائير غولان، قائد الجيش الإسرائيلي في الجبهة الشمالية، يقر بالتهديدات التي تواجهها البنية التحتية الإسرائيلية، ولا سيما مركز الكرياه، ويقول: “رغم أن لدينا تجربة قتال المقاومة الفلسطينية في الجنوب، إلا أن الخطر في الجبهة الشمالية أكبر بعشرات المرات من الخطر في الجبهة الجنوبية. وحسب تقديراتنا، فقد استهدف ما لا يقل عن 70 ألف صاروخ متقدم ودقيق لحزب الله منشآت الطاقة في منطقة الخضيرة، ومقر الكرياه العسكري وسط تل أبيب والمطارات الإسرائيلية الدولية”.

طبعاً، الصهاينة أنفسهم يقرون بأن كل البنى التحتية المذكورة معرضة لأخطار جسيمة حتى عند الدخول في الصراع مع المقاومة الفلسطينية، كما لوحظ ذلك خلال معركة سيف القدس. ولذلك، فإن الوضع الذي سيواجهه الصهاينة عند الدخول في حرب محتملة مع المقاومة، لا يمکن وصفه.

المصدر: الوقت

لا توجد تعليقات لهذا المنصب.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال