لم يكن اكثر المتوقعين للتطبيع العربي الإسرائيلي يفكرون ربما أن الإمارات ستذهب إلى المستوى الذي وصلته في تطبيعها، حتى إن البعض يقول بأن أبو ظبي فعلت في تطبيعها مع الكيان الإسرائيلي خلال عام ما لم تفعله مصر خلال 40 عاما.
لا داعي للحديث بالتفصيل عن أبعاد التطبيع الإماراتي الإسرائيلي و نفوذ الإحتلال إلى مفاصل الدولة في الإمارات ووصوله إلى التحكم بأدق تفاصيل إدارة البلاد في الإمارات السبع. وكل هذا يؤكد أن التطبيع ليس وليدة اتصال الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد والطلب منه إعلان التطبيع. (الإتصال بحد ذاته يؤكد أن التطبيع حاصل منذ سنوات وكان ينتظر تاريخ الإعلان فقط).
هناك من يعتبر أن خطوات الإمارات التي أدت للتطبيع العلني أو لإعلان التطبيع كانت ذكية. لكن هناك من يقول أيضا أن هذه الخطوات وضعها الإسرائيلي والإماراتي نفذها فقط.
وهنا يمكن الإنطلاق نحو الصورة الأشمل للدور الإماراتي من اليمن إلى السودان وليبيا وتونس وحتى أثيوبيا وصولا إلى سوريا ولبنان. غير أن المهم هنا الأردن، حيث وقع اتفاقية لتبادل المياه والكهرباء مع كيان الإحتلال برعاية وتمويل إماراتيين..
كان واضحا منذ البداية أن التطبيع كان مقابل مصالح خاصة بحكام الدول العربية المطبعة(مصالح اقتصادية وسياسية تتعلق بالبقاء في الحكم) وهذه الإستراتيجية تم تطبيقها في حالة الأردن -المطبع أصلا- حيث تم استغلال أزمة المياه التي يعاني منها لاستدراجه إلى تطبيع أعمق باتت أبو ظبي خبيرة فيه خلال وقت قصير.
نفس الإستراتيجية طبقت مع المغرب الذي تحول إلى رأس حربة إسرائيلية في مواجهة الجزائر الصامدة على موقفها المناصر للقضية الفلسطينية.
لكن الأمر لا يتعلق بتبادل الطاقة بين الأردن وكيان الإحتلال، ولا بالتعاون الدفاعي بين المغرب والكيان. فعمان والرباط تتنازعان على الوصاية على المسجد الأقصى والتي هي حاليا بيد ملك الأردن على أساس أنه “هاشمي”..
لكن ملك المغرب يقول إنه هاشمي أيضا وهذا ما يشجعه على المحاولة لانتزاع الوصاية على الأقصى ومن خلفه السعودية.. غير أن دخول الإمارات على خط تعميق العلاقات بين الأردن والإحتلال من المحتمل أن يشعل النزاع مع المغرب والسعودية على الوصاية..
إضافة لكل ذلك، يبرز من بين سطور التحرك الإماراتي على خط التطبيع طموح للعب دور قيادي منفرد في الساحة العربية على أساس التوجيه الإسرائيلي بما يخدم مصالح الإحتلال أولا وآخرا.. فما يجري في المنطقة يعطي انطباعا قويا بأن الإمارات واللاعبين العرب الآخرين هم أحجار على رقعة شطرنج المنطقة مزودة بأموال النفط وتحركها أياد إسرائيلية تحت عناوين مختلفة.. ولا يمكن تصور التحرك الإماراتي خارج هذا السياق. وعليه بات التطبيع فاكهة مسمومة زرعها الإسرائيلي ويتاجر بها الإماراتي في أسواق الدول العربية.
المصدر: العالم – حسين الموسوي
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال