نظمت الصين خلال الأيام الأخيرة معرضًا يُظهر تقدمها وتطورها في مجال الفضاء، وهو تقدمٌ تعززَ بزيادة الاستثمارات الحكومية في السنوات الأخيرة(1). ويُقام هذا الحدث كل عامين ويهدف إلى تقديم الإنجازات الخاصة بالصناعات العسكرية في الصين للدول المعادية، كما يرسل رسالة إلى الدول الغربية بأن الصين بالإضافة إلى نموها الاقتصادي الملحوظ حققت تقدمًا كبيراً في الصناعة العسكرية أيضاً. تزامن بدء المعرض العسكري مع نتائج الانتخابات الأمريكية ليكون بمثابة تحذير من الصين للمرشح الفائز في الانتخابات وهو الرئيس (ترامب). بالطبع يتطلب البحث في أبعاد التطور العسكري في الصين وخاصة في السنوات الأخيرة دراسة أعمق، وسنتناول ذلك في هذا المقال.
سباق التسلح مع الغرب
بعد أن حققت الصين نمواً اقتصاديًا ملحوظاً في العقدين الماضيين، وصلت إلى ضرورة تحديث صناعاتها العسكرية بالتوازي مع تقدمها الاقتصادي(2). وكانت تجربة الاتحاد السوفيتي أمام الصين مفيدة حيث استفادت الصين من أخطاء الاتحاد السوفيتي وبدأت في تطوير صناعاتها العسكرية بعد أن بلغت مستوى من الاستقرار الاقتصادي. وقد استثمرت الولايات المتحدة في العقدين الأخيرين استثمارات ضخمة في صناعتها العسكرية مما جعلها تمثل نسبة كبيرة من إجمالي الاستثمارات في هذا المجال عالميًا. وتحتل الصين المرتبة الثانية في الاستثمار في الصناعة العسكرية. حالياً تتجه هذه المنافسة في زيادة الاستثمارات بين البلدين نحو إعداد كلاهما لصراعات طويلة الأمد نظرًا لأن الإنفاق العسكري بهذه الكثافة لا يمكن أن يُفهَم في سياقات أخرى. تستفيد الصين من علمائها ومجموعات من الهاكرز البارعين للحصول على المعلومات العسكرية من الدول الغربية لتطوير صناعاتها العسكرية.
الاستعداد للحرب
بعد مجيء ترامب يستعد الآن المحور الشرقي لحروب كُبرى(3) وتتجلى علامات هذا الاستعداد في الكشف عن أسلحة حديثة وكثرة التدريبات العسكرية عند الدولتان روسية وإيران اللتان في حالة حرب رسمية مع الغرب، والصين كواحدة من القوى الشرقية تستعد بشكل كبير لضم تايوان إلى أراضيها. وبشكل مشابه للحربين العالميتن الأولى والثانية، ستحمل هذه السلسلة من الحروب الدولية عنصر المفاجأة. لقد وضعت مراكز الدراسات الخاصة بالدول الشرقية مهامًا محددة لكل من هذه الدول، وسنشهد في المستقبل تحقيق هذه الخطط العسكرية والأمنية.
عدم الاستقرار في غرب آسيا
أحد أهدف ترامب وحزب الجمهوريين هو تحقيق الاستقرار في غرب آسيا وتنشيط الحروب في شرق آسيا والصين. إن استمرار النزاع في غرب آسيا واحتدام الحرب بين أوكرانيا وروسيا يعود بالنفع على الصين لأنه يحول دون تركيز الولايات المتحدة على بكين. يمكن أن تكون استراتيجية الدول الشرقية بعد تولي ترامب هي أن تتمكن الصين من ضم تايوان، مما يُعيق تركيز الحكومات الغربية على حل مشاكلها في الساحة الدولية. وهذا سيتيح للصين فرصة أكبر لمعالجة أهدافها الأمنية في منطقة شرق آسيا.
بشكل عام يمكن القول إن نمو الصناعة العسكرية في الصين على مدار العقدين الماضيين يعود إلى الاستثمارات الكبيرة في هذا القطاع واستخدام البيانات العسكرية التي تم الحصول عليها بشكل غير قانوني من دول الغرب على يد هاكر صينيين. يمكن أن يُعزز هذا النمو العسكري تقدم الصين الاقتصادي ويُهيئ بيئة آمنة لتصدير منتجاتها من خلال مبادرة "الحزام والطريق"، والتي تُعد ممرًا دوليًا لتصدير السلع الصينية إلى العالم. لقد شهدت الساحة الدولية في الأشهر الأخيرة توترات شديدة، ولذلك يجب على كل دول العالم أن تمتلك جيشاً ومعدات عصرية لحماية نفسها من المشاكل الأمنية. تدرك الصين هذه الأوضاع وتستثمر سنويًا مليارات الدولارات في مجال الدفاع. وستظهر نتائج هذه الاستثمارات في الأشهر المقبلة.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال