التعاون الإيراني العماني.. أساس رصين لتقارب إقليمي كبير 313

التعاون الإيراني العماني.. أساس رصين لتقارب إقليمي كبير

توصف العلاقات بين الجمهورية الإسلامية والإيرانية وسلطنة عمان بالعلاقات الرصينة الوثيقة في ضوء التعاون المشترك في مختلف المجالات على مدى العقود الأربعة الماضية.

واستكمالاً لتعزيز التعاون الثنائي بين البلدين الجارين، وصل رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الايرانية اللواء محمد باقري يوم الأحد إلى العاصمة العمانية مسقط على رأس وفد عسكري رفيع المستوى تلبية لدعوة رسمية من نظيره العماني.

حيث أجرى رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الايرانية مباحثات مع كبار المسؤولين السياسيين والدفاعيين في سلطنة عمان حول التعاون الثنائي والإقليمي، وكذلك زيارة المراكز العسكرية والعلمية في هذا البلد .(1)

تأتي هذه الزيارة في خضم التطورات السياسية والعسكرية الكبيرة التي تشهدها المنطقة، لا سيما في إطار سياسة الأبواب المفتوحة التي انتهجتها حكومة رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية السيد ابراهيم رئيسي لتعزيز العلاقات مع دول الجوار، حيث ستسهم زيارة رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الايرانية اللواء باقري في تحقيق قفزة كبيرة بين البلدين في الجانب العسكري والأمني.

 رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية، أكد خلال لقاء رئيس أركان القوات المسلحة العمانية الفريق الركن بحري عبدالله بن خميس الرئيسي ان التعاون الدفاعي بين إيران وسلطنة عمان يمضي قدما ويتقدم بسرعة، موجها الدعوة لعمان للمشاركة في المناورات البحرية الدولية المشتركة.

واعتبر اللواء باقري، العلاقات بين البلدين إيران وسلطنة عمان متميزة وودية ودافئة وحميمة، وقال، إننا نؤمن بضرورة تعزيز أمن الحدود البحرية بين البلدين، ومستعدون لبرنامج مشترك فيما يتعلق بالإجراءات الاستخبارية والدوريات المشتركة خاصة في مجال مكافحة المخدرات.

وتابع: إن القوات المسلحة للجمهورية الإسلامية وصلت إلى 100٪ من الاكتفاء الذاتي في مختلف المجالات، ويمكن أن يكون لدينا مزيد من التعاون مع سلطنة عمان من خلال التفاعل والتواصل في مجالات المعدات والتدريب والعمليات.(2)

وسبقت زيارة اللواء باقري عدد من الزيارات لكبار المسؤولين الإيرانيين لا سيما زيارة وزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان التي جاءت عقب الاتفاق الإيراني السعودي، وسبقها زيارة مهمة لرئيس الجمهورية الإسلامية السيد إبراهيم رئيسي.

ارتكزت العلاقات الايرانية العمانية على الصعيد السياسي، على بنيان راسخ ورصين، لم تتمكن أي من متغيرات وتحولات المنطقة من تحريك تكتوناتها الصلبة، فالعلاقات بين البلدين قائمة على حسن الجوار وعلى عدم التدخل في الشؤون الداخلية وعلى الاحترام المتبادل.

وتحظى العلاقات مع سلطنة عمان بأهمية خاصة بالنسبة للجمهورية الاسلامية، نظراً للدور البناء الذي لعبته مسقط في تقريب وجهات النظر سواء بين طهران وبعض دول المنطقة لحل الخلافات، أو في الملفات الدولية الشائكة.

لطالما كانت سلطنة عمان الجار المقرب للجمهورية الاسلامية الإيرانية في كافة المراحل عبر التاريخ، فهي التي نأت بنفسها عن المؤامرات والمخططات التي يحيكها الغرب ضد شعوب المنطقة، وستشكّل زيارة اللواء باقري اليوم خطوة كبيرة أخرى نحو تعميق العلاقات المتجذّرة بين البلدين في كافة المجالات.

وتأتي الزيارة في إطار نهج استراتيجي واعد اعتمدته حكومة السيد رئيسي، نهج يضع تحسين العلاقات مع الدول المجاورة للجمهورية الاسلامية في كافة الصعد على رأس اولويات الحكومة، ومن هذا المنطلق، تكثّفت الجهود لتعزيز العلاقات المتنامية مع سلطنة عمان.

وكان لمسقط دور مؤثّر في تخفيف وطأة الحظر الأمريكي الجائر المفروض على الشعب الايراني خلال الأعوام الماضية منذ انسحاب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب من الاتفاق النووي عام 2016.(3)

وبعد توقیع الاتفاق الإيراني السعودي على استئناف العلاقات، كانت عمان من أوائل الدول التي رحبت بالاتفاق بين طهران والرياض واعتبرته خطوة نحو تنمية الازدهار والاستقرار في المنطقة بأسرها.

وخلال الفترة الأخيرة، سعت طهران ومسقط إلى تحقيق أهداف مشتركة في ملفات مختلفة في المنطقة ، بما في ذلك اليمن ، وسعى كلاهما إلى تسويتها. وبناء على ذلك ، كانت هناك علاقة مستقرة بين إيران وسلطنة عمان ، ولا ينبغي تجاهل دور سلطنة عمان في إحياء العلاقات بين طهران والرياض.

ومنذ عامين عندما أخذ العراق مبادرة المفاوضات الإيرانية السعودية ، لعبت عمان دورا بارزا في استئناف العلاقات بين هذين البلدين ووفرت الأرضية لاتفاق طهران - الرياض ، وكانت نتيجة هذه الجهود التوقيع الاتفاق الإيراني السعودي في الصين. حيث عقدت حتى 3 جولات من المفاوضات بين الجانبين الإيراني والسعودي في مسقط.

والآن يحاول العمانيون تسريع عملية تفعيل العلاقات الدبلوماسية بين إيران والسعودية حتى الوصول إلى مرحلة النشاط الرسمي لسفارتي البلدين.

لطالما ظهرت عُمان كوسيط في المنطقة وتتجلى خطواتها بوضوح في عملية المفاوضات بين صنعاء والرياض من أجل وقف إطلاق النار في حرب اليمن. وبينما أحرز الجانبان الرئيسيان في الحرب اليمنية تقدما كبيرا في تمديد وقف إطلاق النار، يأمل الكثيرون في أن تخلق الاتفاقية بين إيران والسعودية مساحة أكثر انفتاحا لمعالجة قضية الحرب اليمنية ونهاية هذه الحرب.

من جهة أخرى، بعد عودة العلاقات بين إيران والسعودية، تم تمهيد طريق التقارب بين إيران والدول العربية الأخرى، وتحاول عمان لعب دور الوسيط الفعال لدفع هذه العملية.

وقبل الاتفاق بين طهران والرياض، تم اتخاذ إجراء لإعادة العلاقات مع البحرين، ولعبت عمان دورا مهما في هذا الصدد. ونتيجة للوساطة العمانية، زار فريق فني من وزارة الخارجية الإيرانية المنامة لتفقد المقار الدبلوماسية في البحرين.

وبعد هذه التطورات، رسمت آفاق واضحة لتحسين العلاقات بين إيران مع الدول العربية الأخرى مثل مصر والأردن، وتبذل عمان جهودا لعب دور بناء في هذا المسار. حيث كانت مصادر إعلامية قد كشفت عن عقد لقاء بين وفد من إيران ومصر في مسقط.(4)

ختاماً يمكن القول أن لتعزيز العلاقات بين طهران ومسقط أهمية خاصة في ظل التطورات الإقليمية، ففي ضوء المباحثات الجارية بين ايران وبعض الدول العربية لإعادة العلاقات الى سياقها الصحيح، وحل الخلافات، سيكون لسلطان عمان دور كبير في تقريب وجهات النظر مع الجمهورية الاسلامية التي أكدت على الدوام أن الأمن من منظور عسكري يضر بأمن المنطقة، ولا يمكن أن يجلب الأمن للمنطقة، ولا يمكن لعنصر تهديد مثل الكيان الصهيوني أن يضمن الأمن الأقليمي، وأن الأمن والاستقرار لا يمكن أن يتحقق إلا بجهود دول المنطقة وتعاونها.

 مجد عيسى

 المصادر:

1-https://cutt.us/0GsGr

2-https://cutt.us/3Gbq8

3-https://cutt.us/i8oRs

4-https://cutt.us/CzWE7

لا توجد تعليقات لهذا المنصب.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال