238
في عام ٢٠١٥ أنشأ تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) فرعه في خراسان في المنطقة الجبلية بشرق ولاية ننكرهار كقاعدة له في أفغانستان. شنّ فرع داعش في خراسان التابع لداعش العديد من الهجمات خارج أفغانستان في السنوات الأخيرة، واشتبك مرارًا مع طالبان في مناطق مختلفة. كما نفّذ التنظيم العديد من الهجمات الإرهابية في أفغانستان وباكستان خلال السنوات الأخيرة والتي أعلن داعش مسؤوليته عنها جميعًا.[1]
قبل وصول طالبان إلى السلطة كانت أفغانستان معقل داعش في خراسان ولكن بعد عام 2021 وتولي طالبان السلطة اعتبر قادة طالبان داعش خراسان تهديدًا كبيرًا لهم وتبنّوا سياساتٍ مهمة لمواجهة التنظيم. وقد وصلت هذه السياسات إلى حدّ أنه مع تزايد الضغط الأمني والعسكري من القوات الأفغانية على التنظيم الإرهابي، بدأ قادة داعش في خراسان بنقل قواتهم ومقرّات قيادتهم وقواعدهم إلى باكستان للحفاظ على بقائهم وإنشاء ملاذات آمنة جديدة[2].
رغم نفي بعض وسائل الإعلام الغربية في أغلبها لهذه التنقلات، إلا أن نظرة سطحية على الإحصائيات شبه الصفرية لهجمات داعش خراسان خلال الأشهر الأخيرة في أفغانستان تُظهر انخفاضًا في عدد الهجمات لها في أفغانستان وتوقفها تمامًا. وكان مركز مكافحة الإرهاب التابع لرابطة الدول المستقلة قد أعلن سابقًا أن داعش ينقل قواته من سورية إلى باكستان، وحصل على أدلة كثيرة على هذه الخطوة.[3]
ومن الأدلة الواضحة الأخرى على انتقال داعش خراسان إلى الأراضي الباكستانية، تزايد تعاون هذه الجماعة الإرهابية مع جماعات متطرفة باكستانية أخرى، والاستخدام المكثف لداعش خراسان لمنشآتها في الدعاية بالإضافة إلى الهجمات الإرهابية المنتظمة التي يشنها داعش بالتعاون مع التنظيم في باكستان.[4]
ووفقًا لبعض التصريحات غير الرسمية للخبراء والمحللين، يمكن القول إن استراتيجية الحكومة الباكستانية لاحتواء طالبان والتعامل معها هي دعم سري لداعش، وفي هذا الصدد تعتبر باكستان أراضيها خيارًا مناسبًا لنقل مقرات داعش.
تكافح الحكومة الباكستانية الإرهاب منذ سنوات ولديها القدرة على مواجهة نفوذ داعش في البلاد. ومع ذلك شهدنا في الأشهر الأخيرة سلسلة من عمليات الاغتيال لبعض قادة داعش في باكستان. إن اغتيال قادة داعش في مناطق مختلفة من باكستان رغم أنه يتكرر باستمرار لكنه مازال يدل على ضعف في الإرادة للتعامل مع الوضع الراهن في ظل تزايد وجود داعش خراسان في باكستان.
في هذا السياق شهدنا في الأشهر الأخيرة اغتيال القائد برهان المعروف باسم زيد، أحد أبرز قادة جماعة داعش في منطقة باتاك بأختر آباد، ومقتل الملا قاري، قائد عمليات داعش، في هجوم شنه مسلحون مجهولون قرب لاهور، ومقتل أبو حارس مسؤول الجذب لداعش في اقليم خیبربختونخوا، واغتيال قاري عبد الرحمن منسق شبكات داعش في كراتشي.
وبحسب مصادر إخبارية فإن الاشتباكات بين داعش خراسان وجماعة مسلحة معارضة للحكومة الباكستانية في آواخر العام الماضي 2024 ، والهجوم الذي شنته هذه الجماعة المسلحة على قاعدة لداعش في منطقة مستونغ بإقليم بلوشستان وقد أسفر عن مقتل 30 من عناصر داعش، بينهم مواطنون غربيون وإعلان داعش خراسان الحرب على هذه الجماعة، يشير إلى وجود داعش في هذه المنطقة ودليل على وجود قواعد وقوات لداعش تفوق التوقعات في إقليم بلوشستان في باكستان.[5]
بحسب العديد من الخبراء ورغم اغتيال بعض قادة داعش في باكستان لا يزال تنظيم داعش خراسان يسعى لتوسيع نفوذه في البلاد عبر استراتيجيات وأساليب خداعية مختلفة. وتتخذ الجماعة من باكستان مقرًا لها.[6]
صرح المتحدث باسم طالبان، ذبيح الله مجاهد لوكالة إيراف الإعلامية بأن أفغانستان طُهّرت من قوات داعش العام الماضي، وأن ما لا يزيد عن واحد إلى اثنين في المائة من مقاتلي داعش في خراسان قد يكونون موجودين في المناطق الجبلية من أفغانستان. وقال عبد المتين قاني، المتحدث باسم وزارة الداخلية في طالبان: "لم يعد داعش موجودًا في أفغانستان، ونحن نرفض رفضًا قاطعًا وجوده فيها".[7]
تجدر الإشارة إلى أنه مع كل هذه الأوصاف والأدلة على الوجود الواضح لداعش خراسان في باكستان، وادعاء تطهير أفغانستان من هذه الجماعة، فإننا نشهد "حرب روايات". حرب بدأتها باكستان واستمرت فيها عبر وسائل الإعلام ونفوذها في مجلس الأمن الدولي. وبسبب عدم وصول دول المنطقة بشكل كامل إلى أفغانستان، ووصول باكستان إلى البيانات الأمنية الناتجة عن عضويتها في لجنة الأمن التابعة للأمم المتحدة، فإنها تحاول إدارة حرب الروايات لصالحها، مع خلق تشتيتات حول انتقال داعش من أفغانستان إلى باكستان. ما تُظهره باكستان في خضم حرب الروايات هو محاولة لتصوير الوجود المركزي لداعش خراسان في أفغانستان، بينما يشير التوجه الأخير لداعش إلى نقل أنشطته على نطاق واسع إلى باكستان.
بشكل عام، ما هو واضح ليس النهاية الكاملة لأنشطة الجماعة الإرهابية، بل نقل منطقة عملياتها تحت ضغط من الحكومة الأفغانية، وربما حتى يتم التوصل إلى وقف إطلاق نار دائم بين إسلام آباد وكابول، ستستمر عمليات النقل هذه. ويرى المحللون أن باكستان دعمت سراً جماعات معادية لطالبان في أفغانستان، وفي ظل الأجواء التي خلقتها توسعت أنشطة داعش الميدانية يوماً بعد يوم، ومع المزيد من التنظيم قد يؤدي ذلك إلى مواقف صعبة ومعقدة وتكرار الأعمال الإرهابية في المنطقة، مما لا يتسبب فقط في انتشار العنف في أفغانستان، بل ويشكل في نهاية المطاف تهديداً خطيراً لباكستان.
نويد دانشور
[1] https://fa.alalam.ir/news/5775748/از-داعش-خراسان-چه-می-دانید؟
[2] https://jahanesanat.ir/?p=538045
[3] https://ria.ru/20171005/1506224141.html
[4] /https://www.pravda.ru/world/1969042-igil_pakistan
[5] /https://watan24.com/پردهبرداری-از-شبکههای-داعش-در-پاکس
[6] https://avapress.com/fa/note/312866/استراتژی-جلب-جذب-شاخه-خراسان-داعش-نقش-جنگجویان-خارجی
[7] /https://af.irna.ir/news/85754517
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال