على الرغم من أن تشكيل حركة طالبان يعود إلى حرب أفغانستان مع الاتحاد السوفيتي ودعم الولايات المتحدة اللتكتيكي و اللوجستي لها، إلا أنه يجب التمييز بشكل كبير بين الحركة على مدى العقدين الماضيين وحركة طالبان الحالية.
لا تزال طالبان تتبع تقاليد و سلوكا تفتقر إلى المبادئ الإسلامية فيما تتصف بالتحجر السلفي ، لكنها ترى نفسها تلعب الدورالمهم رغم تواجد واشنطن، في هيكل السلطة في أفغانستان. اقتحمت الولايات المتحدة البلاد بشعار محاربة طالبان والقاعدة ، وبعد عقدين من الحرب ونهب رأس المال البشري والموارد المختلفة ، تركت الجيش الأفغاني عمليا وشأنه وجعلته ضحية لجماعات مثل داعش وطالبان. وكان البنتاغون مسؤولاً عن تدريب الجيش الأفغاني و تجهيزه و و رفع كفاءته فضلا عن تقديم الاستشارة العسكرية له حسب ما جاء في اتفاقية كابول وواشنطن ولسوء الحظ ، حتى الآن ، لم يكن لهذه القضية أي تطور ملحوظ و بالطبع لا ينبغي أن ننسى أنه بالإضافة إلى هذا التقاعس عن التعاون ، بلغت حصة أفغانستان من إنتاج المخدرات أعلى مستوياتها منذ الاحتلال ، وعمليًا أصبحت القوات الأمريكية في هذا البلد تجار مخدرات.
أدارت الولايات المتحدة ظهرها للشعب الأفغاني و هذه قضية لا يمكن إنكارها، و على الرغم من الحديث عن انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان على مدار العقدين الماضيين ، وفقًا للإحصاءات ، إلا أنه يجب الاعتراف بأن القوات الأمريكية شهدت زيادة في عدد القوة البشرية في أفغانستان في الأشهر القليلة الماضية. والآن ، مع إعلان أنباء كاذبة عن انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان ، لم تعد حالة الانسحاب خطيرة فحسب ، بل وصل عدد الأفراد العسكريين الأمريكيين في أفغانستان إلى قدر ما کان فی السابق. و الهدف الكامن وراء إعلان الانسحاب ليس إلا التخلی عن دعم الجيش الأفغاني وتسليمه لحركة طالبان. بمعنى آخر ، يكون الجنود الأفغان ضحايا في وجه رغبة طالبان في السلطة ونصيبها في أفغانستان.
بالإضافة إلى هاتين المسألتين ، تتقدم طالبان حاليا في مناطق مختلفة. و شكلت مجموعات مختلفة من الناس‘ بينما لم يملكوا أي شيء للدفاع عن أنففسهم‘ فرقا صغيرة للوقوف في وجه طالبان والامتناع عن تقدمها‘ بكل عز و فخر. في غضون ذلك ، نزح مسؤولون أفغان كبار عن البلاد وتشبثوا ببنتاغون خوفا من احتلال كابول! إنهم يتعاطفون مع الضحايا الأمريكيين في أفغانستان یعلقون آمالهم بواشنطن لعل بايدن يمنحهم ولغيرهم من مسؤولي ارغ (القصر الرئاسی” نصيباً من السلطة!
ومع ذلك ، فإن التحليل الأخير لطالبان مهم من عدة زوايا ؛ توصلت حركة طالبان إلى اتفاق أمني غير رسمي مع الولايات المتحدة. كما يظهر مسار مفاوضات الدوحة و ما يشابهه أن طالبان توصلت مع الأمريكيين بشأن السلطة في أفغانستان إلى مراقبة مشترکة. بحيث لا تتضارب أنشطة طالبان مع الأمريكيين ، ولا من المفترض أن يمنع البنتاغون بجيشه طالبان من التقدم . ومجرد بضع غارات جوية أمريكية على مواقع طالبان أو بضع قذائف هاون على القواعد الأمريكية تجعل هذه الاتفاقية تبرز حتى لا يقلق أحد من فشل ما اتفق علیه سیاسیا.
إن التهاون تجاه قضیة أفغانستان بعد عقدين من الزمان وتدميرها الكامل هو وضع وهدية قدمتها حكومة الولايات المتحدة إلىها. و كان على مسؤولي دولة الأفغان الانتباه إلى حقيقة أن حل مشكلة أفغانستان يتم فقط من خلال التأكيد على القوة الوطنية واستخدام القدرات المحيطية، وإلا فإن الأمريكيين ، الذين يبلغ مداهم عدة آلاف من الكيلومترات ، لا يهتمون بأمن هرات أو كابول أو مزار الشريف ، ولا يهمهم ما إذا كانت قنبلة تنفجر في قندهار أو باميان!
المصدر ؛iuvmpress.news
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال