“الحج ليس آمنا”.. تسييس الرياض للحج.. ورقة ضغط سعودية يرفضوها جميع المسلمين 61

“الحج ليس آمنا”.. تسييس الرياض للحج.. ورقة ضغط سعودية يرفضوها جميع المسلمين

ما يمارسه النظام السعودي في ظل إحكام قبضته القاهرة على الحج والعمرة والوصول للديار المقدسة، أمر فاق التوقعات، وهذا ما يستغربه المسلمون في أصقاع المعمورة من جعل الحج والعمرة مصيدةً للمعارضين لأنظمة النظام السعودي، حيث أطلقت مؤسسات حقوقية وسياسية وعلماء ودعاة والعديد من الشخصيات، حملة لمواجهة “تسييس” السلطات السعودية لملفي الحج والعمرة.

وأصدر المشاركون في الحملة، بيانا، بعنوان “الحج ليس آمنا”، قالوا فيه، إن: “وجـود المشاعر المقدسة ضمـن جغرافيـة الحكومة السعودية يوجـب عليهـا القيـام بحقوق الحجيج لا باعتبارهـا أفضـل دولـة أو أرشـد حـكـم بـل بحـكـم موقـع مكة المكرمـة والمدينة المنورة في نطاقهـا الجغـرافي، وهـذا أمـر مـلـزم لهـا”.

وقالوا إن عليها القيام “بإعداد وتنظيم وتسهيل إجراءات الحج والعمرة، والاضطلاع بمسؤوليتها الكاملـة حيـال ذلك أمام العالم بأكمله، مـن غـيـر مـن ولا أذى، وهو أمـر التـزم بـه كل مـن قـدر أن يكون حاكما لبلاد تضم هذه المشاعر، حتى في الجاهلية قبل الإسلام”.

واتهم البيان الحكومة السعودية، بـ”تعمد تسييس الحرمين وبشكل واضح ومتكرر، وجعـل الحـج والعمـرة أداة للقمـع ووسيلة لتصفية الخصوم، وطريقـا لـدعـم أنظمـة قمعيـة، فقـد اعتقلت قوات الأمن السعودي عـددا مـن حـجـاج بعض الدول الذين يعيشون في المنفى مثل مصر وليبيا واليمن وسوريا، وحجاج الأقلية المسلمة الصينية كالإيغور، وقـد عمـدت الحكومـة السـعودية بعـد أن منحـت تأشيرات نظاميـة تقتضـي الحمايـة والرعايـة إلـى اعتقال أعـداد مـن الحجاج والـزوار وتسليمهم لدولهـم وأنظمتهم المشهورة بقمعها وانتهاكها للحقوق”.

وشددت على أن “السعودية ما فتئت تستخدم منبـر الحرمين الشريفين كأداة لتلميع سياسات نظام محمد بن سلمان، ولوحة دعائية له”.

وأكد الموقعون على رفض وإدانة “استخدام الحج والعمرة، أداة سياسية، أو وسيلة للبطش واستدراج الآمنين واعتقالهم من الحرم، الـذي مـن دخـلـه كان آمنـا أو مصيـدة لتسليم ضيوف الرحمن قربانـا للأنظمة القمعيـة، كمـا هـو الحاصـل الآن في تسليم مسـلمي تركستان الشرقية للنظام الدموي في الصيـن”.

وناشد البيان “كافة المنظمات الإسلامية، والجمعيات والمجامع العلمائية، والمنظمات الحقوقية، إلى القيام بواجبهم في دفع الضرر عن بيت الله الحرام ومسجد رسوله صلى الله عليه وسلم، وإدراج حقوق الحجاج والمعتمرين ضمن قوائم الحقوق والمعايير”.

وانتشرت الحملة والوسم الحج ليس آمنا بشكل واسع وخرجت الكثير من الفيديوهات من قبل النشطاء، واوضح النشطاء أن حتى أبناء بلاد الحرمين يمنعون من أداء الحج لأسباب سياسية وحرية رأي.

وقال الناشط تركي الشلهوب بتغريدة مختلفة تحت وسم الحج ليس آمنا ما نصه: “نظام ابن سلمان، يَستقبل الراقصة والمغنية والمثـ ـلي، وممثل الأفلام الإباحية، وكبار اليمين المتطرف، والإنجيليين، ويكرمهم.. ويَسجُن العالم والداعية والمثقف، ولم يكتفِ بذلك، فقد جعل الحجَّ والعمرة أشبه بالفخاخ للمسلمين الذين يخالفونه الرأي! #الحج_ليس_آمناً”.

وقال سعيد بن ناصر الغامدي ايضا تحت وسم الحج ليس آمنا ما نصه: “الشيخ التركستاني حمد الله بن عبد الولي عالم من #الأيغور جاء للعمرة فاعتقلته السلطات #السعودية لكي تسلمه للشوعيين في #الصين ليدخلوه معسكرات العذاب الرهيب. وبذلك تنتهك #السعودية حرمة مكة وترفض أمر الله (ومن دخله كان آمنا) في ولاء لملاحدة الصين وبراء من المسلمين.”

وأشهر محاولات السعودية استخدام ورقة الحج كأداة للضغط عندما أعلنت حصارها لقطر برفقة البحرين والإمارات ومصر، وفوجئت برفض دول عربية وأفريقية إسلامية اتخاذ خطوات مماثلة لها ومجاراتها في حملتها على قطر، فلجأت بحسب صحيفة “لوموند” الفرنسية إلى تهديد البلدان الأفريقية المسلمة الفقيرة بمنع شعوبها من الحج عبر تعقيد حصولهم على تأشيرات دخول، مما اضطر عدداً من الجمهوريات الفقيرة إلى الاستجابة لها، فيما رفض الجزء الأكبر الخضوع للابتزاز عبر ورقة الحج، بحسب تحقيق موسع نشرته “لوموند”.

وشرحت الصحيفة الفرنسية كيف أن زعماء الدول التي اضطرت إلى قطع العلاقات مع قطر أو تخفيض مستواها، فعلوا ذلك من دون العودة لا إلى حكوماتهم ولا إلى برلماناتهم.

كما استخدمت السلطات السعودية ورقة الحج في تلك الأزمة لكن هذه المرة عبر محاولة تحميل قطر مسؤوليتها، إذ نشرت صحف محسوبة ومدعومة من قبل محور الرياض-أبو ظبي شائعة مفادها أن قطر طالبت بتدويل الحج في الأمم المتحدة وأن وزارة الأوقاف القطرية قامت بإغلاق باب التسجيل أمام الحجاج القطريين، وهو ما نفته الوزارة على الفور عبر بيان لها قالت فيه إن هذه “الأخبار الكاذبة” هي جزء من الحرب الإعلامية الكاذبة التي تقوم بها السعودية ضد قطر، وإن وزارة الحج والعمرة في السعودية “امتنعت عن التواصل معنا لتأمين سلامة الحجاج وتسهيل قيامهم بأداء الفريضة، متعللة بأن هذا الأمر في يد السلطات العليا في المملكة، وتنصلت من تقديم أي ضمانات لسلامة الحجاج القطريين”.

وتُعدّ أزمة الحجاج القطريين ثالث أزمة سياسية تفتعلها السعودية في الحج في غضون ثلاث سنوات فقط، إذ تفجّرت أزمة كبرى بين السعودية وإيران على خلفية حادثتي سقوط الرافعة داخل الحرم المكي والتدافع في منى عام 2015 واللتين أدتا إلى استشهاد أكثر من 1500 حاج نصفهم من الإيرانيين، الأمر الذي أدى إلى منع الحجاج الإيرانيين من الحج في العام الذي تلاه.

كما منعت السعودية أكثر من 5 آلاف حاج يمني بدعوى انتمائهم لأنصار الله في العام نفسه وهو ما أدى إلى قيام إيران باللجوء إلى الأمم المتحدة وطلب تدويل الحرم، قبل أن توافق السعودية على الشروط الإيرانية ومنها مرافقة دبلوماسيين إيرانيين لبعثة الحج والمحافظة على أمن الحجاج.

كما كانت السعودية تمنع الحجاج المنتمين إلى فئة البدون والذين يشكلون أكثر من 10 في المائة من الكويتيين، من الحج، وهو ما رأته وزارة الأوقاف الكويتية ظلماً وإجحافاً بحق فئة كبيرة من الشعب الكويتي.

ومن معالم التسييس فاقعة الإضجار أن خطب الحرمين الشريفين والمفتين في منى وخطبة عرفة لايذكر فيها إلا ما يوافق هوى النظام السعودي ورغباتِه الجانحة في تركيع الناس له، وسرديات امتنان ما يقدِّمه في الحج من خدمات فاشلة على مرِّ العقود الماضية، إذْ راح الآلاف ضحايا سوء التنظيم، والفتاوى المتحجرة التي لا تراعي دماء الحجاج بل تراعي رغبة الحاكم.

وفي أهم اجتماع تاريخي للمسلمين تهمش محور قضايانا وركيزة اهتمامنا ونقطة دائرة أمتنا ألا وهي قضية “فلسطين” فأين هي من خطبة عرفة؟ بل من خطب الحرمين وتحريك الأمة للتبصُّرِ في آلية تحريره من الصهاينة المغتصبين؟

ومن هنا تطل مسألة “تدويل الحرمين” كل عام لأمور عديدة ومسائل متشابكة، وباتت مهمة في طرحها في ظل فشل نظام لم يرعَ هذه المقاماتِ النبوية والمكية حق رعايتها، ولدى المسلمين والعرب اليوم من العقول نضجاً وهندسةً ومعماراً وتنظيماً ما هو أنفع وأجدى للحرمين والحجاز.

 

المصادر:

1-https://cutt.us/s31wg

لا توجد تعليقات لهذا المنصب.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال