الحرب المفروضة الثانية وعبرتها بالنسبة للنظام الصهيوني 436

الحرب المفروضة الثانية وعبرتها بالنسبة للنظام الصهيوني

بعد الهجوم الذي قام به الكيان الصهيوني ضد إيران والضربات الأمريكية المباشرة على المنشآت النووية الإيرانية، كتب العديد من المحللين عن هذا العدوان السافر على الأراضي الإيرانية. وقد أصبحت هذه القضية من أكثر القضايا تحديًا لخبراء الأمن الدوليين. فيما يلي سنتناول هجوم الكيان الإسرائيلي على إيران ونشير إلى بعض الدروس والعبر التي استخلصتها الدول الغربية والنظام الصهيوني بعد هذه المغامرة غير القانونية.


التقليل من شأن القوة العسكرية الإيرانية:

بعد هجوم النظام الصهيوني على إيران، سعى الكيان إلى تحييد التهديد العسكري الإيراني، وبعد الضربات القاتلة لعمليتي "الوعد الصادق 1" و"الوعد الصادق 2"، اعتبر جيش النظام أن التهديد الرئيسي من طهران يتمثل في القوة الصاروخية الإيرانية فحسب. خلال عملية النظام الصهيوني ومع توهم سيطرة طائراته المقاتلة على سماء إيران، تجاهل جيش النظام فكرة إطلاق الصواريخ وهجمات الطائرات المسيرة من عمق إيران على الأراضي المحتلة، مما عرقل بشكل مباشر جميع خطط حكومة نتنياهو، ومُحيت فكرة تحييد القوة العسكرية الإيرانية من أذهان النظام إلى الأبد. بدأت الولايات المتحدة، ظنًا منها أن طهران في موقف ضعف بمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية، وبعد أيام قليلة، تلقت ردًا ساحقًا على قاعدتها العسكرية الرئيسية في غرب آسيا.


إن التحليل العسكري للنظام الصهيوني للقوة الصلبة الإيرانية شهد تغييرات عديدة بعد الهجوم على الأراضي الإيرانية. هذا في حين أن القوة العسكرية الإيرانية اقتصرت على مجال الصواريخ والطائرات المسيرة في هذه الحرب، ولم تشارك بقية العناصر العسكرية الإيرانية في هذا الصراع، ولدى إيران فرصة لاستخدام هذه القدرة في حروب مستقبلية.


قوة في هوية الشعب الإيراني:

أدى استشهاد المدنيين خلال الحرب التي فرضها الكيان الصهيوني على إيران إلى تعزيز هوية الشعب الإيراني المناهضة للقمع. في الحرب المفروضة الثانية أثبت الشعب الإيراني مجددًا أن القوة الكامنة لهوية الشعب الإيراني والعالق في العقوبات لسنوات هي قوة لا مثيل لها، ولم تُدرك الدول الغربية هذا المفهوم المتعلق بالهوية الثقافية، إذ مع هجوم الولايات المتحدة والنظام الصهيوني على إيران، تعززت مكانة النظام السياسي الإيراني، وكانت خطط الدول الغربية إضعاف القوة الناعمة في إيران وتحريض الشعب الإيراني على التمرد ضد نظامه السياسي وكانت خطة عقيمة ولم تُسفر عن نتائج إيجابية للدول المعادية لإيران.


أدرك الشعب الإيراني أهمية قوميته وهويته، فأحبط في لحظة واحدة خطة تفكيك إيران التي سعت أجهزة الأمن الغربية لتحقيقها لسنوات، وهذا يُظهر أن العدو الغربي لم يُدرك بعد قوة هوية الشعب الإيراني المستمدة من التاريخ والثقافة الإيرانية الغنية والحضارية.


قوة قيادة النظام الإيراني:

دأبت الولايات المتحدة والدول الغربية على تلويث الفضاء الداخلي للبلاد لسنوات من خلال إدارة الإعلام الغربي ونشر الأكاذيب ضد قيادة النظام الإيراني، وقد تحمّل الشعب الإيراني هذه البيئة الإعلامية السامة للعدو لعقود. في الأيام الأولى للحرب المفروضة الثانية، لاحظ الشعب الإيراني كيف حالت قيادة النظام الإيراني دون انهيار إيران بذكائها الخاص، ولم تكن هذه المسألة واردة في تحليلات خبراء الأمن في الكيان الصهيوني، وتبيّن خطأ تصور الدول الغربية لقوة آية الله خامنئي كقائد لإيران. لقد أحبطت قيادة آية الله خامنئي في الأيام الأولى للحرب المفروضة خطط العدو الغربي، وأدرك الشعب الإيراني بعد أن عاش في البيئة الإعلامية السامة للغرب لعدة سنوات أهمية قيادة الثورة الإسلامية الإيرانية.


باختصار، لا بد من القول إن الحرب الثانية المفروضة التي شنّها النظام الصهيوني والولايات المتحدة على إيران كشفت الحقيقة الخفية التي لم يصدقها النظام الصهيوني لسنوات. حقيقةٌ تُظهر أن لإيران قوى خفية ستكشف عند الضرورة، وهي مسألةٌ لم تكن واضحةً لخبراء الأمن في النظام الصهيوني الذين لا يتعدون غرف التحليلات لوضع مخططاتٍ شريرة ضد إيران. وفي هذه الحرب الثانية، اتضحت هذه الحقائق لحكومة نتنياهو والولايات المتحدة. لم تتكشف بعدُ دروس حرب النظام والولايات المتحدة على إيران بشكلٍ كامل وستتضح أبعاد هذا الصراع بشكلٍ أكمل في المستقبل.




أمير علي يگانة


لا توجد تعليقات لهذا المنصب.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال