الحريديم أزمة داخل أزمات متعددة الطبقات.. معضلات الكيان الصهيوني تتفاقم 172

الحريديم أزمة داخل أزمات متعددة الطبقات.. معضلات الكيان الصهيوني تتفاقم

أعاد العدوان الإسرائيلي على غزة مسألة تجنيد الحريديم في صفوف جيش الاحتلال إلى الواجهة من جديدة، مسلطاً الضوء على أكثر مسألة شائكة داخل الكيان المحتل الأمر الذي يضعه أمام تحديات كبيرة إضافية وانقسامات دينية إلى جانب السياسية والأمنية والعسكرية.

ليس هذا فحسب حتى المستوى الديني إن أمكن القول يشهد انقساماً في ظل العدوان القائم، ففي الوقت التي يرفض فيه الحريديم التجنيد لأسباب دينية نرى الكثير من شباب هذه الفئة يميلون إلى التجنيد في صفوف الجيش والمشاركة في قتل الفلسطينيين، على أن التحدي الأكبر الذي يواجه الكيان اليوم هو ما هدد به الحاخام الأكبر لليهود الحريديم يتحساق يوسف أن الحريديم سوف يتركون"إسرائيل" إذا تمّ تجنيدهم في صفوف الجيش،

وهذه العاصفة أثيرت بعد أن قدم الوزيران في كابينت الحرب بيني غانتس وغادي آيزنكوت خطة لتوسيع التجنيد في الجيش تضم تجنيد العرب إلى جانب الحريديم تحت دعوى "أن جميع شرائح المجتمع يجب أن تخدم في البلاد"

أمام هذا الواقع يجد رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو نفس بين فكي كماشة كابينت الحرب والحريديم التي أعطاه امتيازات وساهم في إعفائها من الجيش وهي بدورها ساهمت في فوز نتنياهو في أغلبية برلمانية طفيفة في انتخابات سابقة.

وعلى ما يبدو أن الحريديم لا ينظرون إلى "دولتهم" باحترام، إذ تحدثت أحد التقارير عن أن السبب الحقيقي لعدم رغبة الحريديم بالانضمام إلى الجيش، ويقول التقرير: يجب على الإسرائيليين العلمانيين أن يدركوا أن الأرثوذكس المتطرفين، لا يحترمونهم، ويعلمون أطفالهم أن يحتقروهم. فهم لا يعترفون بالدولة، ومعادون للصهيونية.

وبالنسبة لهم، "الدولة ببساطة احتياط مالي يجب سرقته"، مضيفاً: "الحريديم ينظرون إلى الحكومة العلمانية على أنها حكومة أجنبية يجب استغلالها وخداعها والكذب عليها وابتزاز أكبر قدر ممكن من المال منها. إنهم لا يرون الدولة على أنها بداية الخلاص، بل على أنها استمرار مباشر للنفي التوراتي"،

متابعاً: الحكومة لدى الحريديم هي مثل مالك الأرض غير اليهودي الذي كان يعمل معه اليهود في أوروبا الشرقية، وكان عليهم التعايش معه، ولهذا السبب ليست لديهم مشكلة في عدم الوفاء بأي واجب مدني: تدريس المناهج الأساسية، والعمل، والخدمة في الجيش.

على أنه رغم ما يثار حول القضية فإن الحريديم مطمئنون من جهة نتنياهو وكل مايُثار لا تعدو سوى كونها جعجعة طحين، فالحريديم يرون أن طالما نتنياهو في الحكم سيسمح لهم بالبقاء في مدنهم الآمنة، دون عمل، دون تجنيد، وتلقي المليارات من الدولة. وكل ذلك بشرط واحد: أن يستمروا في الولاء للائتلاف الحاكم. فبعد كل شيء، البقاء في السلطة هو الشيء الوحيد الذي يهتم به "الرجل الأكثر حقارة في تاريخ الشعب اليهودي"، كما تصفه التقارير.

وتهدد مسألة الحريديم بقاء نتنياهو بالحكم، وهو الائتلاف الأكثر تشددا بتاريخ إسرائيل، حيث أن للأحزاب الدينية اليهودية ثقل في الحكومة الإسرائيلية حيث من شأن انسحابها أن يسقط الحكومة حتما، لذلك يسعى نتنياهو في سياساته لإرضائها.

لكن تمسك هذه الأحزاب بشرطها التقليدي المتمثل في إعفاء أعضائها من التجنيد بالجيش مقابل دعمها للحكومة عاد للنقاش، لا سيما مع تواصل الحرب على غزة والخسائر البشرية الكبيرة الناجمة عنها.

وكانت حكومة نتنياهو مررت قرارا في حزيران 2023 يأمر الجيش الإسرائيلي بعدم تجنيد طلاب المعاهد الدينية الحريدية لتسعة أشهر، حتى تقوم بصياغة قانون جديد، وتنتهي فاعلية القرار نهاية آذار الجاري، وإذا لم يتم طرح قانون ينظم القضية في الكنيست بحلول ذلك الوقت، فسيتعين على الجيش تجنيد الحريديم في وقت مبكر من الأول من نيسان المقبل، وبموجب قرار المحكمة العليا لدى الاحتلال فإن على الحكومة بحلول 24 إلى 31 آذار أن تقدم ردها على سبب عدم إلغاء قرارها إعفاء المتدينين الإسرائيليين من الخدمة العسكرية الإلزامية.

وكانت المحكمة العليا الإسرائيلية نظرت في التماسات دعت الى إلزام الحكومة بتجنيد طلاب المدارس الدينية اليهودية في الجيش.

في المقابل أظهر العدوان على غزة اتجاهات معاكسة حيث يرغب فئة لا بأس بها من الحريديم في المشاركة بالحرب وقتل الفلسطينيين وممارسة سياسة التطهير العرقي، حيث تحدث تقارير عن وجود 3 آلاف شخص من الحريديم يشاركون في العدوان في مهمات غير قتالية كالدعم اللوجستي والطبي وطهي الطعام للجنود وإطلاق صافرات الإنذار وغيرها من المهمات واللافت أن الانضمام إلى جيش الاحتلال في العدوان دعا إليه الحاخام الحريدي رام موشيه راباد

وهكذا نجد أن العدوان على قطاع غزة أدى إلى توسيع الفجوة بين الصهاينة والمدافعين عقَدَيًّا عن "إسرائيل" من ناحية، واليهود المتدينين والعلمانيين الذين يرفضون الصهيونية وفكرة إقامة دولة منفصلة لليهود من ناحية أخرى، لكنَّ هناك كثيرًا من اليهود في المنتصف يراوحون مكانهم بين الطرفين.

وعلى الرغم من انتقادهم سياسات "إسرائيل"، فإنهم- في الغالب- لم يشككوا في “حق إسرائيل في الوجود.

وقد تسببت العدوان في خروج آلاف الاحتجاجات حول العالم، يقوم اليهود والمنظمات العامة اليهودية في كثير منها بدور نشط غير مسبوق من بينهم الحريديم، على سبيل المثال، بعد وقت قصير من بدء الهجوم الإسرائيلي على غزة، أغلق مئات المتظاهرين اليهود من منظمة “ليس باسمنا” محطة غراند سنترال في نيويورك، مطالبين بوقف فوري لإطلاق النار.

وقبل ذلك بأسبوع، اعتصم يهود ملتحفون بالطَلِيْس (ثوب الصلاة اليهودي) أمام مبنى الكونغرس الأمريكي في واشنطن؛ للدعوة إلى وضع حد للعنف، حيث فتحوا كتب الصلاة، وبدؤوا بقراءة نصوص من التناخ (الكتاب المقدس اليهودي) لتذكير ساسة" إسرائيل" بالأوقات الصعبة التي عاشها اليهود. وعند سفح تمثال الحرية في نيويورك، رفع اليهود لافتات كتب عليها: “يجب أن يكون الفلسطينيون أحرارًا”.

جدير ذكره، أن المئات من اليهود الحريديم تظاهروا احتجاجا على تعديل قانون التجنيد ورفعوا شعارات نموت ولا نتجند، ويرى "الحريدي" أن الخدمة العسكرية، والاندماج الأوسع مع العالم العلماني، يشكلان تهديدًا لهويتهم الدينية.

مجد عيسى



المصادر:

1- https://cuts.top/AQe
2- https://cuts.top/CDHy
3- https://cuts.top/CDHV
4-https://cuts.top/AQgU
لا توجد تعليقات لهذا المنصب.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال