منذ حوالي 9 سنوات في مثل هذا اليوم، وبعد سقوط مدينة الموصل بيد إرهابيي داعش واحتلال هذه المجموعة لأكثر من ثلث العراق، أصدر السيد علي السيستاني، المرجع الأعلى للشيعة في العراق، فتوى بشأن الجهاد الكافي لمواجهة داعش، أدت إلى تشكيل قوات الحشد الشعبي العراقية، والتي تمكنت من وضع حد لإرهاب داعش في هذا البلد، إلى جانب القوات المسلحة الأخرى.
بالأمس، زار رئيس مجلس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة العراقية، مقر التنظيم عشية الذكرى التاسعة لتأسيس الحشد الشعبي. وأكد محمد شياع السوداني في هذا الحفل: أن الحشد الشعبي هو الآن إحدى الركائز الأساسية للمؤسسات الأمنية والعسكرية في العراق.
وفي هذا الصدد، وبمناسبة الذكرى التاسعة لتأسيس هذه المنظمة الشعبية، بحثنا في حديث مع الخبراء دور الحشد الشعبي في الحفاظ على وحدة العراق وسلامته، وضرورة استمرار الوجود وحتى تعزيز الحشد الشعبي.
قال إيرج مسجدي، سفير إيران السابق في العراق، إن قوات الحشد الشعبي، بعد أن اعترف بها مجلس النواب العراقي، تقوم الآن بواجباتها كأحد التنظيمات القانونية الخاضعة لإشراف القوات المسلحة لهذا البلد.
وأضاف: بالطبع دور الحشد في محاربة الإرهاب وداعش وإرساء الأمن في هذا البلد، دور مهم. فإلى جانب الجيش والقوات العراقية الأخرى، لعب الحشد دورًا لا غنى عنه في الحفاظ على وحدة أراضي العراق وأمنه، من خلال تقديم العديد من الشهداء.
وأوضح مسجدي: "لا يهمّ ما يقوله الأمريكيون أو ما هو رأيهم في الحشد الشعبي ومستقبله. إنهم لديهم مشكلة مع أي حركة ثورية مناضلة ومحلية، وكانوا دائمًا غير متوافقين مع المنظمات غير الحكومية والمناضلة. لقد تأسس الحشد الشعبي بالإرادة الوطنية للعراق وبفتوى المرجعية العليا في النجف الأشرف، وقدّم الكثير من التضحيات، ولن يكون لمطالب الأمريكيين أي تأثير على المسار الذي يسلكه الحشد الشعبي في العراق".
وفي إشارة إلى الذكرى التاسعة لتأسيس الحشد الشعبي العراقي، قال: "بالإضافة إلى الخدمة التي قدموها لأمن العراق والحفاظ على وحدة أراضيه، فقد قدمت هذه القوات أيضًا خدمةً جليلةً للمنطقة من خلال كونها في الخطوط الأمامية لمحاربة داعش، وهذا الوجود الجهادي جدير بالثناء. والقول إننا لم نعد بحاجة إلى استمرار وجود الحشد الشعبي اليوم بعد تدمير داعش العراق، يشبه القول إن الدول لیست بحاجة إلى قوات عسكرية!"
وأضاف سفير إيران السابق في العراق: إن القوات المسلحة لأي دولة هي الضامن لبقاء ذلك البلد في المقام الأول، وتلعب دور الردع في مواجهة التهديدات ضد ذلك البلد. واليوم، في ظل الوضع الحالي، ربما يكون داعش قد اختفى وتم تحقيق أمن جيد نسبيًا، لكن وجود الحشد الشعبي كقوة منظمة وقوية في العراق كغيره من القوات المسلحة، يوفر ويضمن الأمن المستقر ويضمن بقاء هذا البلد في المستقبل".
كما اعتبر مصيب النعيمي، الخبير في شؤون المنطقة، الحشد الشعبي قوةً مؤلفةً من متطوعين ومضحين، تجمعوا خلال تلك الفترة بسبب محاربة الإرهاب ووجود داعش في العراق، وهي القوى الشعبية التي لم تكن فقط رادعةً، بل بإهداء العديد من الشهداء طهرت العراق من وجود التكفيريين.
وأشار النعيمي إلى أنه قبل تشكيل هذه القوات، وقّع العراق اتفاقيةً أمنيةً مع الأمريكيين، وقال: "على الرغم من هذا الاتفاق، رأينا أن القوات الأمريكية لم تقم فقط بأي عمل لمساعدة الشعب العراقي والقوات العسكرية لهذا البلد ضد تنظيم داعش، الذي احتل جزءًا من الأراضي العراقية، بل اتضح بعد فترة أن تنظيم داعش الإرهابي قد تم إنشاؤه في المنطقة بضوء أخضر من الأمريكيين. وفي هذه الظروف، اتضح للشعب العراقي أن القوات الأمريكية لن تساعدهم في محاربة داعش، وعليهم أن يعتمدوا علی أنفسهم لمواجهة الإرهاب التكفيري، وكان هذا الوعي بدايةً لتشكيل الحشد الشعبي العراقي".
وأكد النعيمي أن قوات الحشد الشعبي لعبت دورًا مهمًا في منع تفكك العراق، وقال: "بعض الذين لم يتخيلوا تشكيل مثل هذه القوة النظامية في العراق، قد يبدؤون بالإسقاط بشأن الحشد الشعبي اليوم، أما اليوم فإن الحشد الشعبي، كمنظمة فعالة ذات هوية معتمدة من قبل جميع عناصر النظام العراقي، قد رسّخ نفسه كقوة جادة وأساسية في هيكل القوات المسلحة لهذا البلد، ويواصل العمل بقوة".
في إشارة إلى الدور المهم لفتوى السيد السيستاني في تأسيس الحشد الشعبي، قال محمد بارسا نجفي الخبير في شؤون الشرق الأوسط، إن سبب تشكيل قوات الحشد الشعبي العراقي هو أن العراق بحاجة للدفاع عن نفسه وممتلكات وشرف سکانه.
وأضاف نجفي: في ظل الوضع الذي احتل فيه العراق من قبل الأمريكيين، وأدى إرهاب الزرقاوي الجامح ومن ثم داعش إلى وضع أرض العراق تحت ظلال القتل والنهب، استطاع الحشد الشعبي منع تقدم داعش واستمرار الإرهاب في هذا البلد والقضاء على هذه الموجة.
وذكر الخبير في قضايا المنطقة، أن الفرق بين الحشد والتنظيمات العسكرية الأخرى هو أنه يتمتع بشعبية، وقال: "نشأ الحشد عندما لم يكن للعراق قوة عسكرية، ومن سماته أنه نشأ في كل محافظة ومنطقة، مع شباب من كل عشيرة وقبيلة ومن كل ديانة. وقيادته تحت سلطة القائد العام للعراق، أي رئيس الوزراء، أي إنه في هيكل القوات المسلحة العراقية، مع اختلاف أنه شعبي بطبيعته وأن الأشخاص الموجودين فيه ليسوا عسكريين أو شرطة. في الهياكل البارزة في العالم، يسمى هذا النوع من الدفاع بالدفاع الوطني؛ وفي إيران فإن قوات التعبئة أو الباسيج، وفي اليمن اللجان الشعبية، تعادل الحشد الشعبي".
ورداً على سؤال ما سبب معارضة الأمريكيين لاستمرار وجود الحشد الشعبي العراقي وتعزيزه، قال نجفي: "لأن الحشد الشعبي يفكر في وحدة العراق وبقائه، لكن الأمريكيين يبحثون عن تقسيم دول المنطقة ويتبعون استراتيجية بث الخلاف في المنطقة، أي الهيكل نفسه الذي تم إنشاؤه في أوروبا الشرقية، وهم يسعون لتحقيق نفس الهدف في غرب آسيا. وهذه الوصفة تتم متابعتها من قبل الأمريكيين بالنسبة لإيران أو العراق أو اليمن علی حد سواء. ولذلك، فإن سبب عداء الأمريكيين للحشد الشعبي، هو دفاع هذه القوة عن الشعب العراقي".
المصدر: الوقت
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال