مع بداية عملية طوفان الأقصى، استطاع النظام الصهيوني أن يستفيد بشكل أكبر من المساعدات العسكرية الأمريكية، ولكن الأسئلة التي تطرح نفسها هنا هي أن هذا الدعم سيستمر عمليًا إلى متى وتحت أي ظروف؟
تاريخ مساعدات الولايات المتحدة للنظام الصهيوني
وفقًا لـ يورونيوز واشنطن، في سبعينيات القرن الميلادي، قدمت مساعدات عسكرية أمريكية كبيرة لإسرائيل لتجديد قوات جيشها بعد حرب أوكتوبر (حرب يوم الغفران) بين إسرائيل وتحالف من الدول العربية بقيادة مصر وسورية، ومنذ ذلك الحين بقيت قيمة المساعدات العسكرية الأمريكية وأهميتها مستمرة بهدف الحفاظ على " التفوق النوعي العسكري لإسرائيل" بل تطورت المساعدات إلى حد كبير وملحوظ.
في السنوات الأخيرة، تم تعريف ميزانية هذه المساعدات العسكرية ضمن اتفاقيات عشرية (كل 10 سنوات)، وفي عام 2016، التزمت واشنطن بتقديم 38 مليار دولار من المساعدات العسكرية للنظام الصهيوني بين السنوات المالية 2019 و2028.
تعرف معظم المساعدات العسكرية الأمريكية للنظام الصهيوني بأنها ضمن برنامج "التمويل العسكري في الخارج" ، الذي يقدم منحا للنظام الصهيوني لاستخدامها لشراء السلع والخدمات العسكرية الأمريكية. بالإضافة إلى ذلك ، وفقا للتقرير نفسه ، تساهم الولايات المتحدة أيضا بحوالي 500 مليون دولار سنويا لأنظمة الدفاع الصاروخي المشتركة.
وقالت وزارة الخارجية الأمريكية العام الماضي إنه منذ عام 2009 ساهمت الولايات المتحدة بما مجموعه 3.4 مليار دولار في ميزانية الدفاع الصاروخي بما في ذلك 1.3 مليار دولار للقبة الحديدية التي تعترض الصواريخ قصيرة المدى.
ويتمتع النظام الصهيوني أيضا بإمكانية الوصول إلى بعض التقنيات العسكرية الأمريكية الأكثر شعبية على سبيل المثال ، فهو أول مشغل دولي للطائرات المقاتلة من طراز F-35 واستخدم الطائرة لأول مرة في القتال في عام 2018.
ساعد الدعم الأمريكي والتعاون الصناعي بين شركات الدفاع الأمريكية والنظام الصهيوني الكيان المحتل على بناء صناعته الدفاعية ليصبح أحد أكبر مصدري الأسلحة في العالم.
ومع ذلك، مع حدوث عملية طوفان الأقصى وردود فعل النظام غير الإنسانية للغاية عليها، ولأول مرة في التاريخ، نشأت خلافات بين المسؤولين الأمريكيين حول تقديم هذه المساعدات للنظام الصهيوني.
أول خطوات التراجع الأمريكية بعد طوفان الأقصى
لقد أدى التأثير الكبير لعدوان النظام الصهيوني على المدنيين في غزة إلى تصاعد النقاش حول المساعدات العسكرية الأمريكية، لدرجة أن السيد بايدن وصف أيضا حملة القصف الإسرائيلية بأنها "عشوائية".1
كما أعلن بايدن في تصريح آخر أنه سيتوقف عن إرسال المساعدات الأمريكية إلى الكيان الإسرائيلي في حال هاجم مدينة رفح او في حال وقوع هجوم بري، ورغم أن الولايات المتحدة لم تندد رسميا بعد هذا العمل الوحشي للنظام الصهيوني، والمساعدات الأمريكية لهذا النظام مستمرة.
لكن تقرير يورونيوز قال: "اقترحت الولايات المتحدة الآن خطة مفادها أن تلقي النظام الصهيوني لمزيد من المساعدات سيكون مشروطا بتقديم تقرير إلى الكونغرس حول مدى التزام متلقي المساعدات العسكرية بمعايير هذه الخطة".
وهذا يعني أنه يبدو أن الضربة القاسية لعملية طوفان الأقصى على النظام الصهيوني كانت عميقة لدرجة أنه تمكن من عجز النظام الإسرائيلي عن الاستجابات العقلانية الصحيحة والطويلة الأجل وتعطيل سلطة صنع القرار لدى قادته، على الأقل مؤقتا، بحيث تم انتقاد ردود الفعل هذه لأول مرة في التاريخ من قبل أكبر مؤيد للنظام بدلا من مواجهة الصمت.
ومن الواضح أنه إذا أراد النظام الصهيوني مواصلة أساليبه البربرية والمعادية لحقوق الإنسان، مثل قصف المستشفيات والمواقع المدنية، فلن تتمكن الولايات المتحدة من مواصلة هذه المساعدات من أجل الحفاظ على صورتها الدولية.
أيضا، مع الحدث غير المسبوق الذي وقع في الأسابيع الماضية واعتراف العديد من الدول الأوروبية رسميا بدولة فلسطين، فإن استمرار الأعمال البربرية الإسرائيلية سيكلف النظام من الآن فصاعداً أكثر.
ومن ناحية أخرى، فإن الفشل في تحقيق الأهداف التي أعلنها النظام الصهيوني في الحرب (تدمير حماس، والسيطرة الكاملة على غزة، واستعادة الأسرى) سيجعل إسرائيل تتعرض لمزيد من الضغوط الدولية في المستقبل من خلال ممارسة المزيد من الضغط على الشعب الفلسطيني المظلوم، لأن هذا النظام أثبت حتى الآن أنه غير راغب في احترام مبادئ حقوق الإنسان فيما يتعلق بالشعب الفلسطيني، ولن تتمكن الولايات المتحدة من غض الطرف إلى الأبد عن هذه الحقيقة.
على الرغم من أن الولايات المتحدة أثبتت مرارا وتكرارا أنها لن تدخر جهدا في دعم انتهاكات وممارسات النظام الصهيوني لحقوق الإنسان، يبدو أن عملية طوفان الأقصى قد أجبرت الولايات المتحدة الآن على إعادة النظر في بعض سياساتها تجاه القضية الفلسطينية. ومع ذلك، من الواضح أن هذا الدعم غير المشروط لا يمكن أن يستمر إلى الأبد، وإذا استمرت الحرب، عاجلا أم آجلا، ستضطر الولايات المتحدة إلى خفض إنفاقها السياسي وربما العسكري على النظام الأمريكي.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال