الدعم الكبير للولايات المتحدة لجرائم الكيان الصهيوني
لقد مضى أكثر من عام منذ أن بدأ النظام الصهيوني حرب الإبادة في غزة، حيث انتهكت قوات جيش هذا النظام تقريبًا جميع قوانين حقوق الإنسان في هجماتهم المتواصلة على السكان الضعفاء والمدنيين، وبطريقة لا يمكن تخيلها. تعتمد تل أبيب في ارتكاب مثل هذه الجرائم على الدعم غير المشروط من أقرب حليف لها وهي الولايات المتحدة الأمريكية حيث أدت مساندة واشنطن "الحديدية" للنظام الصهيوني إلى ارتكاب إبادة جماعية ضد الفلسطينيين.
لا شك أن الولايات المتحدة تمثل داعمًا ماليًا موثوقًا لإسرائيل ومع ذلك حتى وقت قريب كانت تسعى دائمًا بسبب اعتبارات دولية عديدة إلى تقديم نفسها كوسيط محايد بين الإسرائيليين والفلسطينيين. لكن بعد الاعتداء الوحشي لإسرائيل على قطاع غزة زال هذا الاحتياط، فبعد أن كانت الولايات المتحدة في السابق تدعو بشكل لافت إلى "الامتناع" أو "وقف إطلاق النار"، أصبحت تدعم بوضوح جميع مراحل الحرب المدمرة التي تشنها إسرائيل في غزة.[1]
في ظل هذه الظروف يطرح السؤال التالي: ما هو سبب هذا التوجه من قبل الولايات المتحدة وما الأهداف التي يسعى المسؤولون في هذا البلد لتحقيقها في غزة ومنطقة غرب آسيا؟
تمتلك الولايات المتحدة القدرة على تهديد النظام الصهيوني بقطع المساعدات العسكرية، وعدم دعمها والدفاع عنها في الأمم المتحدة أو توقف جهودها الطويلة الأمد لتطبيع العلاقات بين إسرائيل والدول العربية. ومع ذلك لا تتبع إدارة جو بايدن مثل هذه السياسة تجاه إسرائيل؛ في الواقع لم يستخدم هذا البلد حتى الآن أي من الأدوات المتاحة له بل قام تقريبًا بفيتود كل نوع من قرارات مجلس الأمن لوقف الحرب وإعلان الهدنة، وفي مواجهة الاحتجاجات الداخلية والعالمية ضد الإبادة الوحشية لشعب غزة، اكتفى بالصمت وأحيانًا ببعض الشعارات الفارغة حول ضرورة حماية المدنيين.[2]
في ظل هذا الوضع يبدو أن وقف الحرب بين حماس وإسرائيل ليس من أهداف الولايات المتحدة؛ والسبب الرئيسي في ذلك هو أن أمريكا تتوافق مع هدف إسرائيل المتمثل في تدمير حماس حتى في حين لا يزال مصير العلاقات الفلسطينية الإسرائيلية غير واضح. تعتبر الولايات المتحدة حماس منظمة إرهابية، وهي بزعمهم واحدة من القوى التي تعكر صفو الاستقرار الإقليمي وبالتالي تهدد المصالح الاقتصادية والأمنية الأمريكية. كما أن هذه الجماعة المسلحة لا تعترف بوجود إسرائيل، مما يجعلها عقبة رئيسية أمام حل الدولتين. من جهة أخرى تحظى حماس بدعم إيران ولذلك فإن تدميرها لا يساعد فقط في إزالة التهديد ضد المصالح الأمريكية والإسرائيلية، بل يؤدي أيضًا إلى إضعاف موقف إيران في المنطقة.
نتيجة لما سبق، فإن الحكومة الأمريكية تحت قيادة بايدن تضغط على إسرائيل لتحقيق أهداف تبدو إنسانية مثل قبول عمليات تعليق في الهجمات أو زيادة الدقة في استهداف الأهداف، لكنها تشترط دعمها لوقف إطلاق النار طويل الأمد بتحقيق أهدافها في هذه الحرب. من وجهة نظر المسؤولين الأمريكيين فإن وقف إطلاق النار الكامل والتوقف التام للنزاع في جميع أنحاء غزة يصب في مصلحة حماس، بينما لا يمكن أن تؤمن مصالح الولايات المتحدة وإسرائيل إلا بتدمير حماس أو على الأقل إضعافها وهزيمتها على مختلف الأصعدة.[3]
من جهة أخرى يبدو أن مكانة الولايات المتحدة كقوة عظمى تتعرض بشكل متزايد للاهتزاز، حيث ترى الولايات المتحدة في قضية غزة فرصة لإعادة إثبات نفسها لأنه في السنوات الأخيرة، تم طرح الحديث عن تعدد الأقطاب بشكل مكثف، وتوقع العديد من المحللين عالماً لم تعد فيه الولايات المتحدة القوة المهيمنة والمسيطرة على المستوى العالمي. كانت التطورات في سورية وأوكرانيا وأفغانستان وأمريكا اللاتينية في مصلحة الولايات المتحدة. ولذلك يمكن القول إن الولايات المتحدة أصبحت قوة عظمى غير آمنة ويائسة في إثبات تفوقها المستدام، تتجاهل أبسط مبادئ القانون الدولي الإنساني لتظهر أنه لا أحد يستطيع وقفها.[4]
خلاصة القول
على الرغم من أنه كان بإمكان واشنطن خلال العام الماضي استخدام الأدوات المتاحة لديها لمنع إشعال الحرب من قبل النظام الصهيوني، إلا أننا شهدنا دعمًا غير مشروط للولايات المتحدة للنظام الإسرائيلي. مهما كان سبب هذا الدعم الأعمى من أمريكا للنظام الصهيوني فقد أدى ذلك إلى أن يصبح الصهاينة أكبر مجرمي التاريخ حيث تشير شواهد مئات الآلاف من الضحايا الذين غالبًا ما يكونون من المدنيين والنساء والأطفال خلال حوالي عام واحد إلى جزء بسيط من ملفهم الطويل في الإبادة الجماعية.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال