نفذت الولايات المتحدة الأمريكية هحوماً واسعاً في عام 2003 على العراق واستطاعت في النهاية أن تسقط حكومة صدام حسين وأن تحتل البلاد. ونتيجة لذلك، قُتل العديد من أبناء هذا البلد ودُمر عدد كبير من البنى التحتية في العراق.
لكن ماحدث لم ينتهي هنا فحسب، بل نشأت العديد من الجماعات الإرهابية في هذا البلد بسبب انعدام الأمن وعدم التوازن السياسي فيه ونشطت وتسببت في الكثير من الأضرار. بالإضافة إلى ذلك ونتيجة لدخول الأمريكيين إلى العراق وإدخالهم معدات لوجستية وعسكرية وقع الكثير منها في يد الإرهابيين. بعبارة أخرى تم توفير الإمدادات الرئيسية لهذه الجماعات الإرهابية لعدة سنوات من أجل تفعيل أنشطتهم التخريبية في العراق.
ولهذا السبب في عام 2013 بدأ تنظيم داعش أنشطته الإرهابية بالتعاون مع الولايات المتحدة والعديد من الدول الأخرى في المنطقة وخارج المنطقة لمحاربة الحكومة العراقية، وفي النهاية تم في عام 2014 مهاجمة سامراء والموصل وتكريت و دمروا عدداً من المدن العراقية واحتلوها لتصبح تحت سيطرتهم.
أسفرت هذه الهجمات الإرهابية عن تدمير منازل المواطنين بالإضافة إلى تدمير العديد من البنى التحتية والمنشآت التاريخية والمباني الحكومية في هذا البلد، وأدت إلى نزوح الكثير من الأهالي بما في ذلك النساء والأطفال الأبرياء.
الهجوم على الأماكن المقدسة من أولويات الأرهابيين
مباشرة بعد الهجوم على مدينة سامراء بدأت الحملات الإرهابية على مدينتي النجف وكربلاء المقدستين ضمن خطة عمل الإرهابيين، لأنهم كانوا جماعات تكفيرية ولديهم نموذجا جديدا للإسلام المزيف من أجل القيام بقتال جاد ضد التيار الشيعي في العراق، بالإضافة إلى التغطية الإخبارية للأنشطة اللاإنسانية التي أضرت بصورة الإسلام في العالم.
هنا كانت الطائفة الشيعية في العراق مجتمعة حول آية الله السيستاني ومع إصدار فتوى وجوب الجهاد وانتشارها في وسائل الإعلام، دفعت العديد من شباب وشيوخ هذا البلد للانضمام إلى صفوف الجيش و الشرطة والحشد الشعبي ضد داعش وغيرهم من المجموعات الارهابية …
دخول إيران في المعركة
في هذه الأثناء كان دور القوات الإيرانية المعروفة باسم المدافعين عن الضريح المقدس، دورًا رئيسيًا لا بديل عنه. لأنه مع دخول القوات الإيرانية في جبهة المقاومة، انتعش مسار القتال ضد الإرهاب في المنطقة، و في النهاية شهدنا تدمير داعش في العراق وسورية. لقد قدمت إيران خدمات كثيرة للشعب العراقي وذلك بمساعدات متنوعة في مختلف المجالات الميدانية والقتالية و في المجال الدبلوماسي والمساعدات الإستشارية أيضا…
على الرغم من استمرار أنشطة تنظيم داعش على شكل عمليات إرهابية محدودة في المنطقة، بالإضافة إلى بعض المواقع لهذه الحركة الفتنوية نشطة إلى حد ما، لكن الفكر التكفيري لا يزال فعالا في المنطقة وينتظر بدء نشاطه الجاد من جديد في ظل ظروف مواتية.
كان الفريق الشهيد الحاج قاسم سليماني من الأشخاص المؤثرين في صنع السياسات وفي المباحثات الدبلوماسية وحتى في المجال التنفيذي والميداني ضمن هذا السياق وبالاستفادة من توجيهات قائد الثورة جعل هذا الشهيد العزيز جبهة المقاومة أقوى من ذي قبل. وبجمعه بين قوى المقاومة مثل حزب الله اللبناني والحشد الشعبي وتوحيد اهدافهما أحدث تطورات مهمة في المنطقة.
من سامراء الى سنجار
في كل الأوقات كان تأثير الشهيد الحاج قاسم سليماني على مسار الحرب ضد الإرهاب في العراق تأثيرًا مهمًا جداً.
على سبيل المثال ،في عام 2014 ، حاول داعش التحرك نحو بغداد من خلال محاصرة سامراء. بالإضافة إلى ذلك كان مرقد الإمام الحسن العسكري محاصرًا أيضًا، وكانت الأسود الشيعية ذات القوات القليلة تحاول منع الحصار وتخفيفه.
في نفس الفترة أيضاً تأثر الكثير من الناس بما فيهم القوات المدنية والعسكرية بشدة بالأحداث التي وقعت في ثكنة سبايكر حيث استشهد ما يقرب من 1700 طالب من هذه الجامعة بوحشية على يد داعش.
هنا دخل الشهيد سليماني بنفسه في المعركة مع الشهيد أبو مهدي المهندس وأنقذا حياة العديد من الناس والأشخاص وخدم مرقد الإمام الحسن العسكري، حيث تعرض للإستشهاد عدة مرات لوجوده في الميدان. ولو لم يتم تنفيذ هذه العملية فإن الظروف الجغرافية للمدينة وموقع الضريح فيها كان سيساعد على تدمير المرقد و لم يكن ذلك بعيد الحدوث…..
مقاومة القوات العاملة والتخطيط الفعال الذي اضطر الحاج قاسم للتعامل معه مع تنظيم داعش دفع الإرهابيين إلى التراجع عن هذه المدينة.
الحاج قاسم منجي اقليم كردستان
كما لعب الشهيد سليماني دورًا مهمًا في طرد الإرهابيين من كردستان العراق. حيث كان مسعود بارزاني زعيما للإقليم و طلب من العديد من الدول مساندته بما في ذلك الولايات المتحدة خلال هجوم داعش على المنطقة في عام 2014 ولم يلقى أي اهتمام من تلك الأطراف على الرغم من مقتل 5000 إيزيدي ونزح حوالي 50.000 ، وتم أسر عدد كبير من النساء والفتيات الإيزيديات من قبل داعش بسبب الأداء السيئ للقوات الكردية، ولكن في النهاية اضطر بارزاني إلى الاستعانة بالشهيد سليماني الذي أرسل القوات والعتاد إلى هذه المنطقة في وقت قصير حال دون سقوط هذا الإقليم وقتل الكثير من الناس الأبرياء.
شجع الجميع للعمل
وهناك إنجازًا آخر للشهيد سليماني في العراق وسورية، حيث شجع روسيا للعمل على محاربة داعش والإرهاب، فصحيح إن معظم العمليات الروسية ضد تنظيم داعش تمت في سورية و لكن النقطة المهمة هي أن تلك العمليات تسبب في القضاء على جزء كبير من المجموعات الإرهابية وتدمير مواقعهم في المنطقة. ولهذا السبب كان يتجه جزء من تركيز تنظيم داعش الإرهابي على زيادة سيطرتهم في سورية لسد الثغرات التي أوجدتها هذه العمليات، وهذا ما أدى إلى زيادة مستوى الأمن في العراق.
بالإضافة إلى روسيا وإيران اللتين كانتا جزءًا من القوى الرئيسية العاملة ضد الإرهابيين ، تم تنظيم العديد من المجموعات المقاتلة من لبنان وباكستان وأفغانستان ودول أخرى وهذا يدل على أهمية دور الشهيد سليماني في خلق هذا التآزر والتنسيق بين المجموعات العسكرية في المنطقة من أجل محاربة الإرهابيين.
الشهيد سليماني صديق قديم للحشد الشعبي
لقد كان تقديم الدعم اللوجستي للقوات العسكرية العراقية من أهم أعمال الشهيد سليماني في العراق لضمان الأمن والأمان في هذا البلد. بالإضافة إلى ذلك، كان الشهيد سليماني مؤثرًا جدًا في تشكيل وتدريب وبدء أنشطة الحشد الشعبي منذ إنشائه.
بالمجمل يمكن القول إن دور الشهيد سليماني كان دورًا لا غنى عنه في تحرير العراق من رجس داعش وفي إرساء الأمن بعد تقليص أنشطة الجماعات الإرهابية الأخرى إلى الحد الأدنى.لا ينبغي أن ننسى أنه بالإضافة إلى محاربة الإرهابيين ، تم انقاذ العديد من الأبرياء من القتل في سورية والعراق وفي العديد من الدول المجاورة ، بما في ذلك إيران ، من خلال وضع تدابير وقائية.
كانت نتيجة هذه الأعمال البطولية لهذا الشهيد العزيز زيادة الأمن في المنطقة وتحسين مستوى العلاقات بين مختلف الدول والأمم ، ويمكن رؤية جزء من هذا التآخي في تشكيل الحركة العظيمة لمسيرة الأربعين كواحدة من أكبر التجمعات الدينية في العالم.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال