الردود غير المجدية.. الأمريكي يفرض العقوبات على العراق
التوتر جراء الحرب العدوانية التي يشنها كيان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، بات يشمل المنطقة كلها، إذ انعكست نتائج تلك الحرب وآثارها على الدول العربية عموماً، ولا سيما المحيطة بفلسطين.
كان أبرز مفرزات الحرب على غزة، هو هبوب القوى المقاومة لنصرة فلسطين، وخصوصاً في اليمن والعراق، إذ أعلنت المقاومة العراقية، واليمنية الدخول بشكل مباشر في الحرب، ففرض اليمن الحصار البحري على كيان الاحتلال، ومنع كل السفن المتجهة إلى الكيان من عبور الممرات المائية التي يشرف عليها اليمن، وصولاً إلى استهداف الكيان بالصواريخ الاستراتيجية بعيدة المدى.
وكذلك المقاومة العراقية، التي باتت تستهدف قواعد الاحتلال الأمريكي في المنطقة، في حال استمرار الولايات المتحدة بدعم كيان الاحتلال في حربه على غزة، إضافة إلى استهدافها الكيان الإسرائيلي بشكل مباشر بالصواريخ الاستراتيجية.
العقوبات الأمريكية.. الذرائع والنتائج
وكان لدخول المقاومة العراقية في الحرب أثر كبير، إذ كبدت تلك الضربات الاحتلال الأمريكي خسائر كبيرة في القوات والعتاد، إضافة إلى انهيار الجدار المعنوي الذي يستتر خلفه الأمريكيون، بأنها قوة عظمى ولديها ترسانة عسكرية، كما أن لديها تقنيات حربية متقدمة في غاية التطور والحداثة، الأمر الذي يجعل استهداف قواعدها في غاية الصعوبة.
ذاك الأثر الذي أحدثه دخول المقاومة العراقية ساحة المعركة، والذي بلغ أكثر من 151 استهدافاً ضد القواعد الأمريكية منذ منتصف تشرين الأول/أكتوبر، دفع بالأمريكي إلى الضغط على العراق بفرض العقوبات على فعاليات معينة ومنها شركة الطيران العراقية "فلاي بغداد" ومديرها التنفيذي، بدعوى "تقديم المساعدة لفيلق القدس التابع للحرس الثوري".
وقالت وزارة الخزانة الأمريكية، في بيان إن "شركة (فلاي بغداد) ولسنوات عدة، دعمت عمليات فيلق القدس التابع للحرس الثوري ووكلائه من خلال توصيل العتاد والأفراد في جميع أنحاء المنطقة، وإن رحلات الشركة قامت بتسليم شحنات أسلحة إلى مطار دمشق الدولي في سوريا، لنقلها إلى أعضاء الحرس الثوري ، فيلق القدس والميليشيات المتحالفة مع إيران على الأرض في سوريا، بما في ذلك الحرس الجمهوري العربي السوري، وحزب الله اللبناني، وكتائب حزب الله العراقية".
وسبق لواشنطن أن فرضت في 17 نوفمبر 2023، عقوبات تستهدف "كتائب حزب الله" العراقية، التي صنفتها الولايات المتحدة كمنظمة إرهابية أجنبية، متهمة إياها بالمسؤولية عن الهجمات التي استهدفت واشنطن وشركاءها في العراق وسوريا في الفترة السابقة، ومشيرة إلى "التهديد المستمر الذي يشكله فيلق القدس وشبكته على الأميركيين والمنطقة"، من خلال سلسلة من الهجمات بالصواريخ والمسيّرات، إذ تعد ذلك تصعيداً حاداً ضد الأميركيين في العراق وسوريا.
وإثر قرار العقوبات باشر البنك المركزي العراقي، بتجميد حسابات شركة "فلاي بغداد" للنقل الجوي، التي نددت بدورها بتلك العقوبات، واعتبرتها مبنية على "معلومات مضللة"، ووصف مدير أمن الطيران في الشركة العقوبات بأنها "ظلم كبير"، مشيراً إلى أن "الحوارات والمناقشات ما زالت مستمرة بين المدير التنفيذي لشركة فلاي بغداد وسلطة الطيران المدني ووزارة النقل ومكتب رئيس الوزراء من أجل حلحلة الموضوع".
بيان شركة "فلاي بغداد" استنكر قرار العقوبات كونه غير مبني على أية أدلة مادية أو معنوية، مطالباً وزارة الخزانة الأميركية بـ"أي دليل مادي بإمكانه أن يدين الشركة أو إدارتها"، مع تأكيدها أن الشركة تؤمن رحلات إلى بيروت ودمشق وحلب ودبي بالإضافة إلى طهران وبومباي واسطنبول.
الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي، رأى أن العقوبات الأمريكية "إنذار اقتصادي أمريكي للعراق"، وقال في بيان ورد لوكالة شفق نيوز "يتمتع كل من رئيس الولايات المتحدة والكونغرس بسلطة إصدار عقوبات، إذ يسمح قانون السلطات الاقتصادية الطارئة الدولية لعام 1977 للرئيس بفعل ذلك بسهولة كبيرة وقد دفعت واشنطن بالأمم المتحدة إلى فرض عقوبات على جماعات وأشخاص في 180 دولة".
فالعراق سيتعرض لحالة ضغط كبيرة من الأمريكيين، في محاولة لمنع استهداف مصالح الأمريكي في المنطقة، وربما يتوسع نطاق العقوبات الأمريكية ليشمل كيانات وأشخاصاً، وهو الأمر الذي قد يحدث خللا في بعض الموازين الاقتصادية في العراق، وتلك هي ورقة التهديد التي تلوح بها الولايات المتحدة لإجبار العراق الرسمي على الضغط على بعض الفعاليات والقوى الاجتماعية لتلبية المطلب الأمريكي.
فمن الممكن أن يتعرض العراق لعقوبات عديدة إذا ما توسعت العمليات العسكرية في العراق، وأشار إليها المرسومي، منها التوقف عن تسليم الدولار إلى العراق ما سيخفض كثيراً من سعر صرف الدينار العراقي مقابل الدولار، وقد يتم تجميد احتياطات العراق النقدية في البنوك الأمريكية، والامتناع عن التعامل مع البنك المركزي العراقي.
المقاطعة سلاح عراقي آخر
الأوضاع المأساوية التي وصلت إليها مدينة غزة، نتيجة الحرب الإجرامية التي يشنها الكيان الإسرائيلي على القطاع، حظيت بالأولوية في الاهتمام العراقي الرسمي والشعبي، حيث أطلق ناشطون مدنيون حملات لمقاطعة الشركات التي تدعم الاحتلال في محاولة للضغط لإيقاف حرب الإبادة في غزة ومساندة القضية الفلسطينية وجمع وتوحيد كلمة العراقيين وإظهار موقفهم الرافض لهذه الحرب الاجرامية.
وشهدت حملات المقاطعة تأييدا كبيرا من قبل العراقيين، إذ بدأت حملة المقاطعة بجهود فردية في 3 محافظات بينما وصلت اليوم إلى 15 محافظة عراقية من أصل 18 مع تأييد جارف من المواطنين.
المسؤول عن حملات المقاطعة، عباس العطار، ذكر أن للحملة أهدافا أخرى منها نشر وتعزيز ثقافة المقاطعة وآثارها الاقتصادية على "الكيان الصهيوني" بين أوساط المجتمع العراقي وبيان أهمية المقاطعة ودورها في قلب موازين القوى فضلا عن السعي إلى إحداث تأثير على المستوردين والتجار العراقيين للامتناع عن استيراد البضائع والمنتجات الداعمة للاحتلال.
ووفق العطار، تستهدف الحملة الضغط على الحكومة العراقية لإصدار قرار يمنع دخول هذه البضائع إلى السوق العراقية، والتواصل مع قادة الرأي المجتمعي من قادة دينيين واجتماعيين وإعلاميين ومدونين وغيرهم من القوى الاجتماعية المؤثرة من نقابات واتحادات ومنظمات حقوقية لتثبيت المقاطعة.
في الختام يمكن القول إن الولايات المتحدة تسعى لاستخدام هيمنتها وسطوتها على الدول والمنظمات لتحصين نفسها، وحماية مصالحها، لكن للشعوب المقاومة أشكال متعددة للمقاومة والصمود في وجه الأمريكي الذي لا يريد لهذه الشعوب أي سلام.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال