أعلن السجناء في سجون البحرين عن أنهم يتجهون إلى بدء إضراب مفتوح إذا استمر تجاهل إدارة السجن لمطالبهم العادلة التي تحدَّثوا عنها في رسائلهم الصوتية من داخل السجن وأوضَحَت معاناتهم وسوء المعاملة التي يتعرَّضون لها. وذكّروا في بيان، بأنَّهم "قاموا بخطوات عدة من أجل تغيير الوضع السيئ منذ سنوات"، قائلين: "في تاريخ 8 يناير/كانون ثاني 2023، رفعنا عريضة إلى إدارة السجن، وبعدها قمنا بتسجيل أكثر من 250 (رسالة) صوتية أوضحنا فيها المعاناة وسوء المعاملة المُخالِفة للقوانين الدولية، إلّا أنَّنا لم نلقَ أي تجاوب إيجابي".
وتابعوا قولهم: "على إثر ذلك، قمنا، بتاريخ 29 يناير /كانون ثاني 2023 بخطوة أخرى وهي الامتناع عن الاتصال والخروج إلى الزيارات"، وأضافوا "حتى تاريخ 15 فبراير 2023 تفاجأنا بالتجاهل غير المُبرَّر من قِبَل سلطات السجن"، مؤكدين "استمرار حراكهم مُتَّبِعين الأساليب والطرق السلمية حتى تحقيق المطالب العادلة التي كفلها القانون المحلي والدولي".
وأضافوا "بعد مرور أكثر من شهر على رفع مطالبنا إلى إدارة السجن أردنا إعلام كل من يعنيه الأمر، محليًّا ودوليًّا وشعبيًّا ورسميًّا، وكل المنظمات الدوليّة المعنية بحقوق الإنسان، والمفوَّض السامي لحقوق الإنسان، والمُقرِّرين الدوليين التابعين للأمم المتحدة، بأنَّنا سنضطر إلى دخول إضراب مفتوح إذا استمر الوضع على ما هو عليه". وحمَّل السجناء السلطة "مسؤولية سلامتهم وذلك بعد أنْ يأسوا من سياسة المماطلة وعدم الاستجابة وتغييب لغة العقل والحوار، وتزييف الحقائق من قِبَل المؤسسات الرسمية كـ "المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان" و"الأمانة العامة للتظلُّمات".
الى ذلك، استنكرت منظمة “أمريكيون لحقوق الإنسان والديموقراطية في البحرين” الخداع الذي تمارسه السلطات بحق السجناء السياسيين بإلغائها مواعيدهم الطبية، ومنهم السجين الستيني المحكوم بالسجن المؤبَّد محمد حسن عبدالله الرمل.
وأشارت المنظمة، في تغريدات على “تويتر”، إلى أنَّ الضابط علي العرادي أكد، يوم الخميس 23 فبراير/شباط 2023، للرمل أنَّه لن يُنْقَل أبداً إلى مواعيده الطبية التي وُعِد بها بعد أنْ أوقف إضرابه عن الطعام بناءً على وعد الإدارة له وتدهور واضح في معدته. وأضافت أنَّ الضابط نفسه أبلغ الرمل بإلغاء مواعيده المقبلة عند طبيب العظم يوم 30 فبراير/شباط 2023، وعند طبيب العيون يوم 9 أغسطس/آب 2023.
ولفتت الانتباه إلى أنَّ الرمل يعاني، منذ عام 2022، من عدم صرف الأدوية المناسبة له ولا سيَّما لحالة قرحة المعدة لديه، مشيرة إلى أنهَّ أغمي عليه يوم 18 يوليو/تموز 2022 نتيجة إضرابه عن الطعام لمدة 15 يوما احتجاجاً على عدم تلبية مطالبه المُتكرِّرة بالعلاج. وحمَّلت المنظمة وزارة الداخلية مسؤولية تدهور الحالة الصحية للرمل الذي يعاني أمراضا مزمنة، وطالبت بالتحقيق في سبب إلغاء مواعيده الطبية ومحاسبة المسؤولين، مُطالِبة أيضاً بإطلاق سراحه فوراً من دون قيد أو شرط. وكانت السلطات قد اعتقلت محمد حسن عبدالله الرمل يوم 3 نوفمبر/تشرين ثاني 2015، وحكمت محكمة عليه بالسجن المؤبَّد ضمن محاكمة لمجموعة من 115 معتقلاً عُرِفَت باسم “كتائب ذو الفقار”. في ظل الدعم الغربي، يستمر الاضطهاد والقيود والإهمال الطبي ضد السجناء السياسيين البحرينيين.
تتزامن سياسة الإهمال الطبي في السجون البحرينية مع اتخاذ إجراءات تعسفية بحق بعض معتقلي الرأي، شملت تقليص وقت الخروج إلى الساحة الخارجية ومنع التقاء وتجمع المعتقلين فيها، إضافة إلى مصادرة ملابسهم وحاجياتهم الخاصة، وقطع التواصل مع ذويهم. و قد خرجت العديد من الشكاوى من سجن جو في البحرين توثّق سوء الرعاية الطبية. وخصوصاً في ظل فشل إدارة السجن بشكل روتيني في توفير الرعاية الطبية المناسبة للسجناء سواء عن طريق الإهمال أو بشكل متعمد. حيث إن عيادة السجن تفتقر إلى الطاقة التشغيلية الملائمة لعدد السجناء وإلى الأطباء المختصّين. و تعتمد الرعاية الصحية هناك على المسكنات لا أكثر، في ظل الإهانات المتعددة التي يطلقها أطباء السجن بحق معتقلي الرأي والسجناء على خلفية الازمة السياسية منذ عام 2011.
ووصفت منظمة سلام معاقبة إدارة السجن للمعتقلين السياسيين عبر حرمانهم من الرعاية الطبية والبيئة الصحية الجيدة والطعام المناسب للمرضى منهم بالأمر المروع.
ونبهت إلى أن إدارة السجن ترفض في أغلب الأحيان نقل السجناء السياسيين المرضى إلى المستشفيات المتخصصة، كما لا يتم تسليم السجين ملفه الصحي للاطلاع عليه. ويتم الامتناع عن إبلاغ العوائل في الوقت المناسب في حال إصابة أي معتقل بمرض خطير، وكذلك للقاضي تنفيذ العقاب وفقا للسرية المهنية بهدف تنفيذ تدابير الحماية اللازمة لضمان الرعاية الصحية الكاملة. من جانبها تحدّثت الناشطة البحرينية "ابتسام الصايغ" حول الإهمال الطبي في السجون البحرينية: "لا يمكننا حصر العدد الدقيق لحالات الإهمال الطبي بسبب تعرض الضحايا وذويهم وكل من يسهم في الإبلاغ عنهم للضرر. هناك معلومات متضاربة حول عدد المصابين بمرض السل مثلًا، أما مرضى الجرب وغيره من الأمراض الموسمية فلا يتلقون أي رعاية طبية ولا يحصلون على الدواء المناسب. القلق اليوم حقيقي وجاد على صحة وحياة جميع المعتقلين. لا نريد أن يخرج هؤلاء المعتقلون من السجون نعوشًا أو شبه نعوش".
وقالت إنّ العمل الحقوقي داخل البحرين ينطوي على مخاطر كبيرة، إذ قالت: "أتعرض وفريقي العامل في البحرين لمضايقات لا تتوقف على خلفية عملنا، ما يشعرنا بعدم الأمان واحتمالية الاستهداف". تبقى الإشارة في الختام، إلى أنَّ السجناء في سجون آل خليفة ينتمون إلى الطائفة الشيعية، وهو ما يكشف أزمة "ثقة" بين النظام وهؤلاء المواطنين الذين يشكلون حوالى 60% من السكان، رغم تأثيرات "التجنيس السياسي" الذي يستهدف التغيير الديموغرافي في التركيبة السكانية للبلاد. من هنا، ينبغي تفهّم مطالب أفراد هذا المكوّن الاجتماعي الواسع في البحرين، والنظر في المظالم التي يعانونها، والتي تتلخّص في الأساس في التجهيل السياسي وانعدام العدالة الاجتماعية وتوزيع الثروة.
المصدر: الوقت
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال