السعودية.. عجوز ثرية مترهلة وملك غائب عن مشهد الحياة العامة 11

السعودية.. عجوز ثرية مترهلة وملك غائب عن مشهد الحياة العامة

يقال ان الملك السعودي سلمان بن عبدالعزیز آل سعود غائب عن مشهد الحياة العامة بكل فروعها السياسية والاجتماعية وحتى الاحتفالية التي يقيمها ويشرف عليها تركي آل الشيخ، رئيس الهيئة العامة للترفيه في المملكة.

موقع (Middle East Eye) البريطاني قال ضمن مقال نشره للباحثة السعودية “مضاوي الرشيد” تحت عنوان (المعارضة الملكية قد تمنع محمد بن سلمان من العرش)، أن السعوديين احتفلوا بنهاية عام 2021 بصخب في الصحراء، بينما اختفى ملك غائب – لم يره أحد منذ شهور وسط الشيخوخة وربما صحته الهشة – من الحياة العامة.

لوحظ مؤخرا أن الملك سلمان لم يحضر القمة الخليجية التي انعقدت في الرياض ولم يستقبل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون فيما أخر لقاء له مع مسؤول غربي كان مع وزير خارجية المملكة المتحدة السابق، دومينيك راب، قبل خمسة أشهر.

والسؤال هو، هل ان غياب الملك يتيح فرصة ذهبية للمعارضة الداخلية وبالخصوص للمعارضة العائلية الملكية التي اقصاها ولي العهد عن المشهد التنافسي بدءا بولي العهد المخلوع محمد بن نايف الذي ذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” الاميركية في عددها الصادر يوم الأحد 9 يناير/كانون الثاني 2022 نقلاً عن مصادر وصفتها بـ”المطلعة”، ان محمد بن نايف تعرض للتعذيب، بما في ذلك تعليقه بالسقف بالمقلوب من كاحليه، وانه يعاني من أضرار دائمة في رجليه، ولا يمكنه المشي بدون عصا، وممنوع من مشاهدة التلفاز أو استخدام أي أجهزة إلكترونية، ولا يتلقى سوى زيارات محدودة جداً من أسرته.

يضيف الموقع البريطاني المذكور (Middle East Eye)، انه من الواضح أن محمد بن سلمان يريد موت إبن نايف، لكن هذا لن يحل مشكلته الأكبر، حيث أن هناك أفرادا من العائلة المالكة الساخطين الذين استاؤوا من تهميشهم التام منذ عام 2015.

وبالفعل فان ابن نايف لم يكن المستهدف الاول والاخير من افراد العائلة المالكة الذين شن ابن سلمان حملة اعتقالات طالتهم تباعا ومنهم أبناء الملك عبد الله، وهنا يرد احتمال كبير ان المعارضة الملكية قد تمنع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان “الذي يعتبر حاليا الحاكم الفعلي للمملكة”، من تولي العرش السعودي.

تضيف مضاوي الرشيد في مقالها ان الملك سلمان كان مختبئا في مدينة “نيوم” الجديدة والمستقبلية، وقد لا يكون لائقا بدنيا لتلقي التجديد السنوي لقسم الولاء الذي كان سيحدث عادة هذا الشهر، بمناسبة مرور 7 سنوات على حكمه، وان سيناريو الكابوس الأكبر لإبنه محمد بن سلمان هو المعارضة الداخلية داخل آل سعود، لانه من غير المؤكد أن لديه إجماعا من العائلة المالكة لتأكيده كملك في المستقبل في وقت كان لا يرحم فيه في القضاء على المنافسين من افراد العائلة المالكة.

حول ثسم الولاء الذي اشارت اليه مضاوي الرشيد، يرى بعض الدبلوماسيين أن غياب الملك السعودي يشير لمنح نجله محمد المزيد من المسؤوليات في الحكم، وأن عملية انتقال الحكم من الأب إلى الابن قد حدثت بالفعل لكن من دون إعلان رسمي.

المعارضة السعودية لم تستقطب فقط ابن عم ولي العهد بل تشمل ابناء الملك الراحل عبد الله وامراء اخرين، واكثر من ذلك تستقطب رجال امين ورجال ما تسمى بهيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر اضافة الى عموم المعارضة المدنية الواسعة.

من ابرز رموز المعارضة ما أظهرته المؤشرات الاخيرة عن بدء عصيان مدني في السعودية بداية من ما تسمى بـ”هيئة العمل بالمعروف والنهي عن المنكر”، التي تشهد استقالات واسعة في صفوف موظفيها في ظل ما تتعرض له من تهميش كبير بفعل انفتاح غير مسبوق للمملكة مع حملة تغييرات يقودها إبن سلمان، وفي ظل سياسات ولي العهد وما يحدثه من انقلاب في المملكة على المبادئ الوهابية التكفيرية المتطرفة.

الهيئة كانت قد حظيت ولسنوات طويلة من خلال النفوذ المتاح لها من قبل الملوك المتعاقبين بهيبة كبيرة في الشارع السعودي، وكانت بمثابة شرطة دينية يراقب عناصرها عموم المواطنين والفادمين الى الحج عن كثب تطبيق مفاهيمهم عن الاسلام “ضمن نطاق فهمهم المحدود له”، في المملكة االتي تعتبر ذات مجتمع محافظ، قبل تجريد الهيئة عملياً من صلاحياتها في 2016.

الامر لم يقتصر على اعتراض رجال الهيئة التكفيرية انما طال حتى رجال الامن والشرطة وذلك ما كشفه مؤخرا مصدر أمني سعودي، عن تعرض ولي العهد إبن سلمان لمحاولة اغتيال والتكتم عليها وذلك في ظل حملة اعتقالات سرية استهدفت مسؤولين أمنيين معارضين له في المملكة منهم العشرات من ضباط وزارة الداخلية بشكل سري وكان من بينهم من تم اعتقاله بناء على الشك بولائه، والبعض الآخر اعتقل لأنه يناقش ويبدي رأيه في القرارات الخاطئة الكثيرة.

قال حساب “رجل دولة” الذي يعرف نفسه بأنه مستشار أمني سابق في السعودية، إن بن سلمان تعرض قبل فترة لمحاولة اغتيال، وتم نقله بشكل عاجل إلى موقع سري في جبل حسان وسط حراسة مشددة، وانه ظل في الموقع السري لمدة حتى انتهى التحقيق والتمشيط.

على الرغم من تعزيز إبن سلمان “حسب أوساط دبلوماسية”، سلطاته في السعودية في ظل تغييب والده الملك سلمان عن المشهد كليا في الأشهر الأخيرة، فان المملكة باتت اليوم كعجوز ثرية مترهلة تحيط بها ذئاب مفترسة كل يدعي وصلا بها وأحقية وراثية في ظل ملك غائب عن مشهد الحياة العامة السياسية والاجتماعية .. بل وحتى عن حياة الزبرجة الفولوكلورية الاحتفالية المفتعلة، يدعم هذا الراي ما علقت به صحيفة (Guardian) البريطانية، أن الملك سلمان ليس مفقودا في العمل فقط، وإنما قد يكون عاطلا عن العمل، وابنه يمهد الطريق لتتويج نفسه ملكا، بعد أن عزز سلطته بالقضاء على خصومه السياسيين داخل العائلة الحاكمة.

السيد ابو ايمان

لا توجد تعليقات لهذا المنصب.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال